تحقق في تموز 2006 صمود المقاومة 33 يوماً، وتسجيل بطولات… ولكن المشكلة أنّنا لم نعرف أين نصرفها.
ولكن في الحقيقة، ومن أسف شديد، أننا خسرنا 500 شهيد و5000 جريح و15 مليار دولار خسائر مادية.
والاهم من ذاك أنّ البندقية التي كانت موجّهة نحو فلسطين المحتلة صارت موجّهة الى بيروت… مثال ذلك مقتل الزيادين، و7 أيار التي جاءت من ضمن مخطط احتلال بيروت، وتكرار عمليات «القمصان السود»…
وأمّا بالنسبة الى تموز 2014، تموز غزة، فهناك روايتان:
الأولى: أنّ إسرائيل تسبّبت بإيجاد الذريعة التي اتخذتها لعدوانها لاختبار أسلحتها الهجومية، وكذلك الدفاعية وبالذات مدى فاعلية «القبة الحديدية» التي نصبتها لمواجهة الصواريخ… وهذا الاختبار ليس وقفاً على غزة وحدها بل هدفه المركزي الصواريخ التي قد ترد من «حزب الله» في حال نشوب مواجهة.
الثانية: اختبرت إسرائيل استدعاء الاحتياط وتجهيز 30 ألف جندي ليكونوا على استعداد للتوجّه الى غزة إذا قرّرت تل أبيب الإنتقال الى اقتحام القطاع.
وفي التقدير أنّ إسرائيل لن تجتاح غزة لسببين:
أولاً: لو دخلت ستعود لتغادر… وهذه حتمية لا خلاف عليها.
وثانياً: لأنّ ذلك سيكبدها خسائر بشرية فلا تريد أن تخسر عدداً من الجنود علماً أنّ النتيجة، مهما طالت، ستكون مغادرتها غزة… ومعلوم أنّ نقطة ضعف إسرائيل هي الخسائر البشرية، لذلك هي حريصة على عدم التورّط في ما يوصلها الى تلك الخسائر.
وما يتوقع حصوله الآن هو توقف القتال آجلاً أو عاجلاً… ولكن تكون إسرائيل قد خلقت جوّاً جديداً من التناحر بين الأهالي في غزة وحركة «حماس»، وهذا لن يكون في مصلحة الحركة بأي حالٍ من الأحوال… وقد استمع مشاهدو أقنية التلفزيون، أمس، الى نساء ورجال من غزة يتحدّثون عن أنهم تحت نيران العدو بينما «الآخرون» في ملاجئهم الآمنة… (والإشارة واضحة الى قيادة الحركة).
ثم إنّ القوة الصاروخية التي ظهرت لدى «حماس» و»الجهاد الإسلامي» بدأت فعاليتها بالتراجع، وهذا يحقق أهدافاً عدة لإسرائيل، من دون أن تضطر الى الإجتياح.
ولا بدّ من التذكير أخيراً بأنّه خلال الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 حاصرت إسرائيل بيروت لمدة 100 يوم تخللها قصف برّي وجوّي وبحري… والعالم لم يتحرّك… وهذا ما يحصل اليوم في غزة.