اعتباراً من يوم الخميس المنصرم، وبعد الجلسة الرابعة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وانتهت كما كان يتوقع الجميع، بانتصار التعطيل على الدستور، وبفشل متعمّد لتأمين النصاب القانوني، شاركت فيه جميع قوى 8 آذار، بما فيها كتلة التنمية والتحرير التي كانت تشارك في الحضور، بالتفاهم مع كتل نواب 8 آذار، بدأ العد العكسي للايام العشرة الاخيرة من عمر عهد الرئيس العماد ميشال سليمان، الذي بدأ منذ شهور بحضّ النواب والكتل والقيادات السياسية على احترام المهل الدستورية والنظام الديموقراطي الذي يقول بتداول السلطة، وتسليم الامانة في مواعيدها المحددة، ولكن على ما يبدو حتى الآن، وقياسا على تصريحات نواب ومسؤولين في 8 آذار، فان اللعبة الديموقراطية البرلمانية التي يطلق عليها الدستور كلمة «انتخاب» لن تكتمل في الموعد المقبل المحدد من قبل رئىس المجلس، على اعتبار ان قوى 8 آذار، تفضّل «التوافق» المسبق على الرئىس المقبل بدلاً من استعمالها كلمة «تعيين»، كشرط للنزول الى مجلس النواب، وانتخاب الرئيس الذي تعيّنه هي وتفرضه على قوى 14 آذار وباقي اللبنانيين، ووفق ما يتم تناقله من اخبار او شائعات، ان حزب الله والتيار العوني يربطان تأمينهما النصاب القانوني في 22 الشهر الجاري، يتوفر شرط من اثنين، الاول ان يكون قد تم «التوافق» على رئيس غير صدامي ويؤمن بالثالوث المقدس، الجيش والشعب والمقاومة، والثاني ان يحصلا على تعهد من النائب وليد جنبلاط، بعدم تفجير مفاجأة وانتخاب مرشح من 14 آذار او قريب منها، بالاتفاق مع تيار المستقبل، وهذه الخشية قد كبر حجمها لدى 8 آذار بعد تمسك قوى 14 اذار بترشيح الدكتور سمير جعجع، الذي غادر لبنان امس في مهمة عمل، كما غادر في الوقت ذاته رئىس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري، السيد نادر الحريري ووجهتهما مدينة الرياض للقاء سعد الحريري.
***
اللافت امس كلام للرئيس نبيه بري، يحمّل فيه المسيحيين مسؤولية تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكداً ان اتفاقهم على مرشح، سيكون مقبولا من الشيعة والسنة والدروز ومن الواضح ان هذا الطرح الجديد القديم، يشبه كلامه اثناء «معركة» قانون جديد للانتخابات عندما قال انه يوافق على اي مشروع قانون يتفق عليه المسيحيون، وبري كان يعرف سابقاً كما يعرف حالياً بأن المسيحيين لن يتفقوا على قانون انتخاب، واذا اتفقوا فان طوائف ومذاهب اخرى، واحزاب وشخصيات في 8 آذار وفي 14 آذار، سترفض هذا الاتفاق، واذا سلمنا جدلاً من ناحية ثانية بان المسيحيين قد اتفقوا على سمير جعجع رئىساً للجمهورية هل يقبل بري وحزب الله بهذا الاتفاق ويبادرا الى انتخاب جعجع؟
الكلام المعمم في اعلام 8 آذار، بوجوب التوافق على الرئيس، وتوجه الرئىس بري بنقل الكرة الى ملعب المسيحيين، انما هو محاولة لحصر مسؤولية التعطيل بالمسيحيين، وخصوصاً مسيحيي 14 آذار، ولمصلحة مرشحهم المجهول المعلوم، واذا كان هذا الكلام يشبه في الشكل ما نقل عن الرئيس سعد الحريري، بان طريق الرئاسة الى بعبدا تمرّ في معراب وبكفيا وتنورين، الا انه يختلف عنه في المضمون، خصوصا بعد الكلام الكثير الذي تشيعه اوساط التيار الوطني الحر وقوى 8 آذار، بان العماد ميشال عون هو رئىس جمهورية لبنان في 25 الجاري او قبل هذا التاريخ او بعده، ولم يعد ينقص سوى اخراج هذه التسوية او الصفقة، بما يعني ان المسيحيين فقدوا الكثير من قوة وزنهم وحضورهم لمصلحة شركائهم في الوطن، بسبب تراجع مسيحيي 8 آذار مما تم الاتفاق عليه في بكركي، وبسبب اعتماد التسويات وليس الدستور والقانون والثوابت.