تحولت منطقة القلمون بعدما أعلن “حزب الله” انتصاره في يبرود الى ما يشبه “فيتنام”، حيث تساقط مسلحوه بالعشرات في المدة الاخيرة. وتجاوز عدد قتلاه مئة وعشرين، يضاف اليهم عدد كبير من الجرحى. ويستنتج من هذا الواقع المستجد ان “انتصار” القلمون لم يكن انتصارا بمقدار ما كان فخا جديدا وقع فيه الحزب مقحما فيه بيئة لبنانية بأسرها دفعت ولا تزال تدفع ثمنا كبيرا لتورط الحزب في حرب لا علاقة للبنان بها. وليس خافيا على احد ان معظم قرى الجنوب والبقاع شهدت مراسم تشييع لقتلى من ابنائها المنتسبين الى “حزب الله” مرة على الاقل. وحتى اليوم لا يزال الوضع في القلمون وغيرها حيث انتشار مسلحي الحزب (ريفا حماه ودرعا) بين كر وفر، وقد ظهر ان ثمة حدودا لقوة الحزب وخبرته العسكرية في مواجهة ثوار سوريا الذين يقاتلون على ارضهم من اجل ارضهم.
بناء على ما تقدم، يصف مراقبون محايدون وضع “حزب الله” بأنه يواجه “فيتنام ” سورية لا قدرة له على حسمها مهما حشد لها من مسلحين وقدرات وتقنيات. ومن هنا يتوقع المراقبون ان يستمر سيل القتلى العائدين ليدفنوا في قراهم في لبنان من الحزب المشار اليه الى ما لا نهاية، ما دام متورطا في الدماء السورية على ارض سوريا. وفي النهاية لن يكون امام “حزب الله” من حل سوى الخروج من حمام الدم السوري لوقف المجزرة التي يتسبب بها لبيئته الحاضنة، ولمئات الشبان المغرر بهم.
لكن ما يهمنا هنا هو الحديث عن دور الجيش اللبناني الذي يحتفل بعيده التاسع والستين، وخصوصا ان العديد من التقارير تشير الى انه لا يكتفي بحماية المناطق اللبنانية المحاذية للحدود اللبنانية – السورية، وبينها عرسال البلدة المحاصرة من جميع الجهات من “حزب الله”، بل ان أوامر تعطى لقطعات منه بتوفير تحركات عملانية من خلف الخطوط اللبنانية بما يوفر لمسلحي “حزب الله” الذين يحاصرون عرسال وجرودها ويشتبكون مع الثوار السوريين على ارضهم حماية على ارض الواقع، ناهيك بعمل مديرية المخابرات التي تلاحق العديد من الناشطين والثوار في عرسال وبعض البلدات اللبنانية، في وقت يتم تسهيل تحرك قوات كبيرة من “حزب الله” من لبنان واليه، بما يتنافى وقرار الدولة اللبنانية النأي بالنفس عن ازمة سوريا. والسؤال من يورط الجيش واجهزته في تحركات و اعمال واجراءات نتيجتها الوحيدة تسهيل تورط “حزب الله” وقتاله السوريين في سوريا؟ ولماذا يسكت مسؤولون كبار في الحكومة اللبنانية عما يجري؟ فهل مهمة الجيش هي حماية ظهر “حزب الله” في حربه ضد الثورة السورية؟ وهل مهمة الحكومة الحالية هي منح “حزب الله” براءة سياسية لمواصلة حربه السورية؟
لا بد من نقاش عاجل و صريح للموضوع. فمهمة الجيش ليست ان يكون رديفا لارتكابات حزب خارج على سلاح الشرعية، بالقوة والبلطجة.