Site icon IMLebanon

مهمة الحريري صعبة.. «داعش» لا تشبه أي ارهاب

غزوة «داعش» الى عرسال وما شهدته البلدة ذات الغالبية السنية من السكان هي التي سرعت بعودة سعد الحريري لينهي غربته التي دامت اكثر من ثلاث سنوات ولكنها بالطبع ليست المؤشر او الدافع الوحيد، وهي لا يمكن ان تكون بمعزل عمّا يجري من احداث في المنطقة والمشهد الدولي الممتد من العراق الى لبنان بعد التوافق السعودي الإيراني على حكومة العبادي الذي كان بداية التفاهمات الإقليمية او السعودية والإيرانية في المنطقة. فالواضح كما تقول اوساط سياسية في 14 آذار انه بعد ما شهدته الموصل ومناطق العراق وصولاً الى عرسال اللبنانية فان «داعش» صارت واقعاً ولم تعد نظرية تخويفية للأقليات، وان المملكة السعودية جازمة في مكافحة الارهاب، وان نمو وحش داعش اوجد الحاجة الماسة للتمسك بالاعتدال السني وعدم توفير البيئة الحاضنة. ومن هنا لم يكن مستغرباً ان تكون عودة الحريري ايجابية ومرحب بها من كل الأطراف، حتى ان فريق 8 آذار وضع الآمال على تلك العودة، ولكن هل سيتمكن سعد الحريري من خلق الحالة المطلوبة في البيئة السنية لمواجهة التطرف، خصوصاً وانه ومنذ وصوله الى لبنان اظهر النوايا الجادة في حماية لبنان والطائفة السنية من مخاطر التطرف، وهو كان المبادر في لجم الأبواق المستقبلية المنشذة الى جانب التطرف والارهاب من بعض القيادات المستقبلية. وهل سينجح الحريري في المهمة وما هي تعقيداتها؟

بالمؤكد فان مهمة الحريري هي غاية في التعقيدات تقول الاوساط فاستمرار الخلافات السياسية وعودة النغمة الخلافية بين بعض القيادات لا تعزز المناخ الوطني الملائم لمواجهة التطرف، من جهة اخرى فان الثابت ان «داعش» ليس بالتنظيم المحلي العابر وغير الخطير كما ثبت من ممارساته ووحشيته وهمجيته، فتنظيم الدولة الاسلامية في العراق يصعب تحديد من صنعه واوجده، سواء كانت مجموعة استخبارات او من فبركة الغرب وصنيعة اميركا واسرائيل، وهنا خطورته كما انه لا يعرف متى يتحرك ومن يحركه وفي اي توقيت ووفق اية أجندة. وهنا تكمن الصعوبة، حيث لا يمكن التعاطي مع المسألة إلا بتحصين الساحة الداخلية وعدم توفير البيئة الحاضنة وبتسليح الجيش والقوى الأمنية من خلال الهبة السعودية للجيش لمواجهـة الارهـاب المتمدد الى الساحة.

المؤكد ايضاً وفق مصادر في «تيار المستقبل» فان المهمة لن تكون سهلة، لكن لزعيم المستقبل انتيناته والكاريزما الخاصة به التي تخوله التأثير المبـاشر والكبير على الشارع السني، خصوصاً وان الساحة السنية اشتاقت الى مرجعية تشبه الحريري الذي غاب لثلاث سنوات واكثر، وبحسب التجربة فان الحريـري ومن خلفه تياره السياسي لا يمكن ان يكونـوا من الداعمـين للإرهاب، القرار بمواجهة الأحداث الآتية الى لبنان قرار جريء اتخذه الحريري قبل احداث عرسال بوقت طويل، عندما قرر من على باب محكمة لاهاي وضع الخلافات السياسية جانباً ومحاكمة المتهمين بقتل والده والانخراط في الحكومة والدخول اليها الى جانب حزب الله وفريق 8 آذار، فيومها تضيف المصادر في «المستقبل» الحريري لم يكن يسع الى المكاسب السياسية والأرباح، بل قرر ان لا يشكل حجر عثرة لمشروع انقاذ الجمهورية في ظل الفراغ الذي كان سيفرض نفسه ويطول أكثر في السراي وبعدما وقع مسلسل طويل من التفجيرات والأحداث الدموية. تيار المستقبل نفسه لا يريد كما يقول المدافعون عنه ان تتكرر تجربته مع احداث عبرا وبعض المحطات الأخرى بغض النـظر او الوقوف طرفـاً الى جـانب الفريق السني الذي قاتل المؤسسة العسكرية، فحتى الساعة لم يتم تلميع صورة المستقبل من احداث عبرا رغم كل الانفتاح «المستقبلي» على المؤسسة العسكرية، وفي الوقت نفسه فان «المستقبل» لم ينجح في حمـاية او الدفاع عن بعض المتورطين بتلك الأحداث او المقربـين منهم وهذا ما يفسر الحملة الشرسـة التي يطـلقها دائماً الشيخ الارهابي الهارب احمد الأسير او المقربين منه.

على ان الغوص في تفاصيل «المستقبل» يظهر ان داخل التيار ثمة وجهتا نظر مختلفتان او تياران، ألأول ينادي بالاعتدال ويقوده سعد الحريري وفريقه الشخصي وهذا الفريق يعتبر الأمن خطاً أحمر لا يمكن المساس به مهما كثرت الاختلافات ويدعو الى نبذ الاقتتال والتطرف، وتيار متعصب يخلط بين السياسة والأمن وهذا الفريق يُحمّل حزب الله مسؤولية كل ما يجري على الساحة واستيلاد الارهاب على خلفية مشاركته في الحرب السورية، وهو يتماهى مع احداث سوريا والعراق ويتوجه الى القاعدة السنية الشعبية ولا حاجة للاشارة تقول مصادر المستقبل الى رموز هذا التيار الذين تمكن سعد الحريري بعد عرسال من كم افواههم وضبط ايقاعهم. الدور الذي يلعبه خالد الضاهر ومحمد كباره في هذا المجال، فالوضع الداخلي خطير جداً والتيار الأزرق لا يريد ان يلوث اصابعه في وحول اللعبة الداخلية التزاماً بما قرره سعد الحريري عند دخوله الحكومة، وحتى لا يحرق اصابعه بنار الأحداث الأمنية الخطيرة التي تبشر بها «داعش» ومجموعاتها.