Site icon IMLebanon

مواصفات «غازي كنعان» الرئاسية

 

 

بانعقاد جلسة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يخطو اللبنانيون خطوة نحو الاستحقاق الرئاسي. وعلى رغم وجود مرشّحين معلنين حتى الآن، لا يبدو أنّ هذه الجلسة ستُفضي إلى وصول رئيس جديد إلى بعبدا.

أمام اللبنانيين مزيد من الوقت للحديث عن «أبعاد محلّية» للإستحقاق، وذلك قبل أن تنقضي المهلة الدستورية، ويحلّ 26 أيار المقبل على القصر الجمهوري، وقد أصبح «الفراغ» سيّد القصر.

مهلة الشهر المتبقّية كافية لنضوج المشاورات الإقليمية والدولية. وفي هذه الأثناء أمام القوى السياسية اللبنانية مهمّة التعامل الجدّي مع موضوعٍ بأهمّية انتخاب رئيس جديد للبلاد. ومن يتابع ويعرف مجريات «العملية الرئاسية» حتى الآن يشعر بأنَّ جزءاً من الأفرقاء السياسيين لا يزال ينتظر كلمة السر الخارجية، في حين أنّ الظروف مؤاتية والطريق سالكة لكي «يساهم» من يعنيهم الأمر في تظهير شخصية الرئيس العتيد، وإعطاء الحدث «نكهة» لبنانية لنتحدّث بعدها عن رئيس صُنع في لبنان.

الأجواء الدولية والإقليمية تشجّع على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لم يدخل أحدٌ في الأسماء جدّياً، وثمّة قوى سياسية وازنة وفاعلة لم يناقش معها أحد الاستحقاق الرئاسي. وهذا الأمر تنظر إليه هذه القوى من زاوية إيجابية، بحيث يرتفع عندها منسوب الاستقلالية وحرّية المناورة والحركة، لكنّها تعرف أنّ هذا الموضوع لن يطول كثيراً، وإذا انقضت فترة الشهر المتبقّية بلا «زخم لبناني» سيصبح الملف كلّه في يد الخارج والتسويات الدولية والإقليمية، فيَنعدم أو يمحى البعد المحلي في الاستحقاق.

سيناريو جلسة اليوم بات معروفاً مسبقاً، لكن ماذا بعد الأربعاء 23 نيسان 2014؟ وهل تيّار «المستقبل» وبعض قوى «14 آذار» جاهزون لكلام جدّي عن أبعاد الاستحقاق الرئاسي هذه المرّة؟ 

ثمّة من يراهن على ما وردَ في خطاب الرئيس سعد الحريري في 14 شباط الماضي. يومها تحدّث رئيس «المستقبل» عن تمسّكه برئيس لبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد بين جميع الرؤساء المشرقيّين من المغرب إلى اليمن. وهذا الفهم لرمزية «الرئيس المسيحي» عند الحريري ينبغي أن تتبعه خطوات عملية تجدّد رؤية السعودية وحلفائها اللبنانيين ونظرتهم إلى مفهوم الرئيس المسيحي القوي وقدرات من يسكن بعبدا.

الواقع «المشرقي» الحالي، وحرب الوجود التي تُخاض على الوجود المسيحي المشرقي من العراق إلى سوريا إلى مصر، والزلزال الذي يضرب المشرق العربي، كلُّها عوامل ينبغي أن تؤثّر في خيارات الجميع وتحديداً السعودية وتيار «المستقبل»، بحيث يتمّ التعامل مع الاستحقاق على قاعدة إيصال رئيس جمهورية قوي وفاعل وقادر على الحكم، وليس رئيس جمهورية «موظّف» عند رئيس الحكومة، وفاقد للتمثيل في بيئته إذا لم نقل منبوذاً منها.

مواصفات «غازي كنعان» الرئاسية لم تعُد تصلح اليوم في بعبدا. البلاد تحتاج رئيساً قويّاً لديه تمثيل شعبيّ حقيقي وقادر على خلق توازن داخلي، ومنع النزاعات والانقسامات والاصطفافات من أن تطيح بكلّ الصيغة والكيان. من المواصفات الجديدة رسالة يبعث بها لبنان الى العالم حول قضية «مسيحيّي الشرق» وتمسّكه بالتعدّد والتنوّع في منطقة يجتاحها الظلام. تجديد دور لبنان العربي والدولي يتمّ من خلال هذه المواصفات، أمّا الوظيفة الأساسية للرئيس العتيد فهي أن يقود حواراً دائماً، ويحافظ على الثوابت الوطنية ويكون جسراً للتواصل بين الجميع.

والحديث عن الحوار لا يعني عدم قدرة أو تمكين الرئيس العتيد من اتّخاذ قرار، أو ضرورة وجود «رئيس موظّف» في القصر الجمهوري. بل دفعه ليحكم استناداً إلى إرث لبنانيّ متجذّر إسمُه الوفاق الوطني تحت سقف الثوابت التي لا زالت حتى الآن ترعى «الاجتماع اللبناني» والصيغة.

رئيس قوي أو الفراغ… رئيس قوي أو تعديل النظام… رئيس قوي أو قواعد لعبة كيانية جديدة.