لن تؤدي المبادرة الإنقاذية لقوى 14 آذار الرئاسية إلى إخراج لبنان من الفراغ الرئاسي وهي في الواقع خلاصة موقفي كل من رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري ومرشح قوى 14 آذار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اللذين كان لهما مواقف مرنة في السابق مترافقة مع سلسلة مواقف لسياسيين في هذا الفريق صبت في هذا الإطار عدا ان المبادرة أتت على وقع مقررات لقاء سيدة الجبل التي شددت على البعد الوطني لهذا الإستحقاق وضرورة إنجازه على ما أعلن منسق قوى 14 آذار فارس سعيد في نهاية اعمال الخلوة.
وإستبعاد تحقيق هذه المبادرة لغايتها وإخراج البلاد من الفراغ المدمر لا يعود فقط إلى إستمرار رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بالبقاء على المدرج الرئاسي لقناعته بأنها حقاً له إستناداً إلى واقعه الشعبي والسياسي بل لأن القرار الإيراني حسب أوساط قيادية في 14اذار لم يصدر بعد لإغلاق باب الفراغ الرئاسي اللبناني ولان الحوار بين واشنطن وطهران كما بات معروفا لا يزال محصوراً من الجانب الأميركي حتى حينه بالملف النووي وترفض إدارة الرئيس باراك أوباما توسيع دائرة النقاش مع الجمهورية الإسلامية ليشمل دورها في الإقليم العربي ولذلك سيبقى قرار إكمال النصاب النيابي وقرار إنهاء الفراغ الرئاسي على حاله في يد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، لانه في المنطق الإيراني تكمل الاوساط بالإمكان في اي لحظة الإفراج عن الفراغ الرئاسي اللبناني ونتيجته لن تعدل بمعادلة حضور ودور حزب الله طالما يمتلك قدرة التأثير على مسار البلاد على اكثر من صعيد وبينها الاستحقاقات والواقع الأمني، لكن تجميع الأوراق لوضعها امام واشنطن خيارا ليس خاسرا لمقايضتها عند اللزوم.
ففي الواقع تكمل الأوساط إن ما تنازلت عنه إيران في العراق يبقى في إطار حفاظها على أمنها القومي وإستبدال رئيس وزراء مقرب منها بآخر يدور في فلكها، وهذا لا يجعلها تخسر استراتيجيا و سياسياً بقدر ما هي خسارتها معنوية نتيجة تضحيتها برئيس الوزارء العراقي نور المالكي، ويبقى ان تحدد تشكيلة الحكومة الجديدة مدى استعاضتها عما خسرته في حديقتها الأمامية إلا إن سعي طهران لإبقاء ملف الإستحقاق اللبناني عالقاً يهدف لاستحصالها يوماً على طلب أميركي في هذا السياق وذلك بعد أن تجد الدول الغربية والعربية المندفعة نحو إنجاز الإستحقاق الرئاسي أنه لا بد من تجاوز هذه الأزمة بمفاعيلها وتداعياتها.
وعليه تتمسك إيران بقرارها المانع لإنتخاب رئيس للجمهورية تضيف الاوساط حتى تطلب منها واشنطن ذلك ويفتح باب المقايضة على الدور الإيراني في كل من البحرين ولبنان وعدد من الدول العربية. لان تنازلها نتيجة العقوبات الاقتصادية الدولية عليها عن الورقة النووية التي جعلتها دولة محورية تريد موازنته بإقرار شرعي دولي بنفوذ واسع لها في الإقليم العربي والسني.
وقد بات الفراغ يفرض بذاته مخاطر تتنامى يوما بعد يوم حتى باتت تصيب المؤسسة العسكرية وقائدها العماد جان قهوجي بحسب اوساط 14 آذار لأنه مُصرّ على ممارسة مهامه القيادية الكاملة بضمير ووطنية والأمر ذاته يصيب والأجهزة الامنية التي تتعرض لحملات مدمرة لها، على غرار ما طال سابقا مدير عام امن الدولة اللواء جورج قرعة، لسعيه الحفاظ على دور الجهاز وكذلك ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان لسعيهما ضبط الوضع الأمني في طرابلس وكشف شبكات الإرهاب، ولذلك فإن انضواء هؤلاء في اطار مجلس الامن المركزي الذي يترأسه وزير الداخلية نهاد المشنوق وما يحظى به هؤلاء المسؤولون من غطاء وزاري مباشر او حكومي من جانب الرئيس تمام سلام يبقي على حالة اليتم لعدم وجود الرئيس الأعلى للقوى العسكرية هذه عملا بما ينص الدستور من اجل تأمين الدينامية والحماية اللازمة لها.
أما في حال وافقت إيران لسبب ما على تسهيل إنتخاب رئيس للجمهورية في لبنان كيف ستتجه الأمور؟
تقول أوساط قيادية في «تيار المستقبل» بأن دائرة الأسماء عندها جد محدودة وتضم قائد الجيش اللبناني ألعماد جان قهوجي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق جان عبيد لكن ذلك لا يعني تتابع الأوساط بأن الأمور تبلورت بشكل نهائي إذ ثمة خطوة مسيحية ضرورية تتمحور حول تفاهم القوى المسيحية على واحد من هؤلاء الثلاثة.
وعن عدم موافقة العماد عون الدخول في تسوية، تقول الاوساط نفسها ان الحريري أولاً لن يدخل في معادلات الأسماء المسيحية على ما اعلن مرارا وابلغ مباشرة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اذ هو يؤيد أي مرشح تتوافق عليه القوى في هذه البيئة حتى إنه كان مستعداً في ظل حواره مع عون أن ينتخبه رئيساً للجمهورية لو وسع الأخير مروحة حواراته بإتجاه القوى المسيحية لا سيما رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل، الدكتور جعجع وسائر القوى الحزبية والسياسية المستقلة واستحصل منها إجماعاً على انتخابه رئيساً للجمهورية.
ولا تستبعد الاوساط ان يتفاعل عون مع مطلب حزب الله والمضي في التسوية الدولية الرئاسية اذا ما أرادت طهران ذلك لإنهاء الفراغ لانها لن تقبل عندها أن يعطل حليفها المرشح عون المسار الإقليمي في هذا الحقل لكونه عندها يعرقل مصالحها تكون وتكون ايران يومها دخلت في صفقة عليها الالتزام بها… ومن غير المستبعد ان يطبق في لبنان ما طبق على المالكي في ايران وتنسحب الصيغة ذاتها على الحلفاء…