موسكو تشجع الإصلاحات السورية
لا قلق دولياً على لبنان
تزدحم العاصمة الفرنسية بالمواعيد الرئاسية اللبنانية في محاولة لاحداث خرق في الجدار السميك القائم بين الافرقاء السياسيين، والذي ازداد سماكة مع الاشتباك الاقليمي الدائر على الساحة العراقية والذي تأثر به لبنان مزيدا من التعقيد على مستوى الملف الرئاسي.
وعلى عكس الرهان على تقارب ايراني ـ سعودي قريب، جاء اجتياح «داعش» لمناطق واسعة من العراق ليقفل، الى حين، فرصة التفاهم بين طهران والرياض على تحييد الساحة اللبنانية، بحيث أصبح الملف الرئاسي اللبناني ورقة من اوراق التفاوض الاقليمية.
ولا تتعاطى الأوساط الديبلوماسية الفرنسية مع حادثة ضهر البيدر، بوصفها مؤشرا لاهتزاز الاستقرار اللبناني، بقدر ما تجدد دعوتها اللبنانيين الى عدم اطالة أمد الفراغ الرئاسي، حتى لا تتسلل أحداث من هنا أو من هناك وتؤثر سلبا في الاستقرار، وتتمنّى الأوساط نفسها أن يلتقط الافرقاء اللبنانيون الفرصة السانحة لإعادة الحياة إلى كل المؤسسات الدستورية، تفاديا للمزيد من الإرباك السياسي في ظل واقع إقليمي تتسارع أحداثه وتزداد خطورة يوما بعد يوم، من جهة، بينما تستمر حالة المراوحة في الأزمة السورية من جهة ثانية.
وتنقل الأوساط الفرنسية عن ديبلومــاسي روسي زار العاصمة الفرنسية مؤخرا قوله «اذا كان هناك ركود في الجهود الدولية لحل الازمة السورية، فان ذلك يعود الى ان الظروف السورية والاقليمية والدولية لم تنضج بعد لابرام تسوية سورية».
وتوضح الاوساط أن الروس عبروا للفرنسيين عن تأييدهم لتحديد موعد جولة ثالثة للحوار السوري ـ السوري «في اقرب فرصة، لانه في كل يوم يقتل الناس وتزداد مأساة الشعب السوري، وهذا يتطلب جهودا سريعة وجدية وفعالة، عربية وايرانية وتركية.. وسورية قبل كل شيء، لكن يبدو ان أصدقاءنا السوريين (المعارضة) ينتظرون تغييرا ما في الميدان، وهذا يعني الاستمرار بالرهان على تدمير بلدهم».
تضيف الأوساط ان الروس أبلغوا بعض أطياف المعارضة السورية أن اية محاولة للاستثمار على البعد الانساني لتبرير تدخل عسكري وربط الوضع السوري بقرار يصدر عن مجلس الامن الدولي وفق الفصل السابع «لن يكون مكتوبا لها النجاح، لأن روسيا ماضية في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد كل مشروع قرار يشكل مبررا للتدخل العسكري».
في السياق نفسه، عادت شخصيات لبنانية زارت العاصمة الروسية مؤخرا بانطباع مفاده أن الانتخابات الرئاسية في سوريا ما كانت لتحصل لولا التغطية الروسية والايرانية. وبالتالي، فان الرئيس بشار الاسد فاز بسبع سنوات مدعوما من الرئيس فلاديمير بوتين الذي حال دون التدخل العسكري في سوريا ودعم عملية سحب الاسلحة الكيميائية، لكن على القيادة السورية أن تبدأ بسلسلة اصلاحات ديموقراطية لم يعد جائزا تأخيرها.
وينقل العائدون من موسكو «تشجيعا روسيا للنظام السوري للمضي في اسلوب المصالحات وابرام هدنة شاملة، اذا كان الامر سيفضي الى مزيد من هذه المصالحات التي تعيد الامور الى نصابها».