مَنْ ينفخ بنار «الفراغ» .. وماذا إذا استقال المسيحيّون من الحكومة؟
سلام يقابل الملك عبد الله الثلاثاء .. وترقُّب لبناني للقاءات الإيرانية – السعودية
«استراحة محارب» على جبهة سلسلة الرتب والرواتب، وانتظار قلق على جبهة الاستحقاق الرئاسي.
وبين الاستراحة والانتظار يعقد مجلس الوزراء جلسة في السراي الكبير، بعد ان عاد اليها، تجنباً لظهور خلافات في ما خص تعيين ثلاثة اعضاء في المجلس العسكري، الامر الذي يعني ان لا تعيينات على الطاولة اليوم، بانتظار جلسة مرتقبة ستسبق بالتأكيد يوم 24 أيار، حيث سيقام احتفال رسمي سيكون بمثابة وداع لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، ويتخلله اجتماع لمجلس الوزراء.
وغداً ستكون محطة رئاسية في بريح لرعاية مصالحة تختتم جرح هذه البلدة الشوفية يشارك فيها البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس جبهة «النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الذي سيقيم مأدبة غداء تكريمية للرئيس سليمان في المختارة، قبل ان يفتتح لاحقاً مستشفى باسمه في دير القمر.
وانتقل الرئيس سليمان أمس من سكنه في بعبدا إلى دارته في اليرزة، مثلما كانت أشارت «اللــواء» في حينه، على أن يداوم نهاراً في قصر بعبدا.
اما مطلع الاسبوع، فسيشهد اول زيارة لرئيس مجلس الوزراء تمام سلام الى المملكة العربية السعودية، على رأس وفد وزاري، يقابل خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز وولي ولي العهد الامير مقرن بن عبد العزيز ووزير الخارجية الامير سعود الفيصل، كما سيلتقي الرئيس سعد الحريري.
وعلمت «اللــواء» ان استقبال العاهل السعودي للرئيس سلام سيكون يوم الثلاثاء قبل عودته إلى بيروت.
واذا كان الاسبوع الاخير من ولاية الرئيس سليمان لن يشهد مفاجآت كبيرة، باستثناء جلسة لمجلس الوزراء قد تحصل فيها تعيينات عالقة، غير ان البلاد تعيش تحت وطأة ارهاصات دستورية ومالية وميثاقية، وفقاً لمصادر نيابية تعتبر ان تأخير انتخاب الرئيس أخذ البلاد الى سجالات سينجم عنها:
1- مقاطعة الكتل المسيحية جلسات التشريع، عملاً بالقاعدة التي اعتمدت عندما رفض التشريع في ظل حكومة مستقيلة، بحسب تعبير النائب احمد فتفت.
2- تأخير اقرار سلسلة الرتب والرواتب بالحجة اياها الامر الذي يهدد العام الدراسي للطلاب ويحدث قلاقل في الشارع قد تؤثر على الاستقرار العام.
3- على ان الاخطر في قضية تأخير انتخاب رئيس للجمهورية في بحر الاسبوع الاخير من ولاية الرئيس سليمان، المخاوف المتنامية من ان تؤدي المزايدات بين الاطراف المسيحية الى حدوث شلل في جلسات مجلس الوزراء التي ستناط به وكالة صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي وضع البلد امام شتى الاحتمالات.
4- والسؤال من ينفخ بنار الفراغ؟
وماذا لو قرر الوزراء المسيحيون الاستقالة من حكومةالرئيس سلام، والتي بإمكانها ان تمارس صلاحيات الرئيس اذا خلت سدة الرئاسة لعلة عدم انتخاب خلف للرئيس سليمان في الموعد الدستوري، وما هي تداعيات كل ذلك على مجمل النظام السياسي؟
5- واذا ما طالت فترة الفراغ الى مشارف انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، فأية «ضرورة سياسية» ستحكم القبول باللجوء الى التشريع أو عدمه، أم أن الفراغ سيصيب المؤسسة الأم التي هي مجلس النواب؟
مصادر ديبلوماسية أميركية تستبعد مثل هذا السيناريو السلبي، وتعتبر أن الاتصالات الجارية على خط الرياض – طهران، والتي بلغت مرحلة متقدمة من شأنها أن تخرج عن انتخابات رئاسية لبنانية، من زاوية التفاهم على الملفات الكبرى، في ضوء الاحتمالات الكبيرة لفوز المشير عبد الفتاح السيسي برئاسة جمهورية مصر العربية، وهو الخيار الذي تدعمه السعودية ودول الخليج بعد انهيار سلطة الإخوان المسلمين.
كما أن التفاهمات المرتقبة بين السعودية وإيران قد تشمل العراق، حيث ما تزال طهران تتمسك بنوري المالكي رئيساً للحكومة العراقية، وهو الأمر الذي يمكن أن يتبلور في الأسابيع المقبلة.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن ثمّة انعكاسات لإعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد رئيساًَ لسوريا، على الرغم من الضجة الأميركية والأوروبية ضد الترشيح والانتخابات السورية، في وقت تشهد فيه سوريا موجات متصاعدة من العنف والسيارات المفخخة والبراميل المتفجرة.
وتتوقع مصادر قريبة من الأجواء الإيرانية في بيروت أن تمهد محادثات الأمير سعود الفيصل مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الى زيارة الرئيس حسن روحاني الى السعودية حيث سيقابل الملك عبد الله وكبار المسؤولين في المملكة.
وربطت هذه المصادر بين تقدّم المحادثات التي تعقد في عمان على مستوى خبراء، وتحديد موعد لزيارة ظريف الى المملكة، لكن المصادر نفسها استبعدت أن يكون لبنان بنداً قائماً بذاته على جدول المحادثات، إلا أن التطرّق سيتناوله من زاوية التفاهم على مجمل ملفات المنطقة، وفقاً لنصائح تلقتها الدولتان المعنيتان من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.
في المقابل، قللت أوساط تتابع الاتصالات السعودية – الإيرانية من احتمال حدوث انفراجات فورية، باعتبار أن المشاكل بين البلدين عميقة وتحتاج الى عمل دؤوب لتذليلها، خاصة وأنه على طهران أن تقدّم شيئاً على صعيد تخفيف حدة التوتر لا تستطيعها العاصمة الإيرانية.
وتحدثت هذه الأوساط من أن تطول مرحلة الفراغ طالما أن الأمور لم تصل الى حد التفاهم على الحد الأدنى الذي يمكن أن يشكل اختراقاً في جدار الأزمة.
التأجيل الرابع
ومهما كان من أمر، فإن التأجيل الرابع لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، أمس، حمل أكثر من مؤشر، وفتح الباب أمام أكثر من اجتهاد دستوري وقانوني من جهة، وعلى أزمة سياسية من جهة ثانية، في ظل التخوف من أن لا يؤسس الموعد الجديد الذي حدده الرئيس نبيه بري الى 22 أيار الحالي، أي قبل ثلاثة أيام من انتهاء المهلة الدستورية لولاية رئيس الجمهورية لانتخاب الرئيس العتيد، بل على العكس، يُعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
واللافت أن الحراك الذي شهدته أروقة المجلس، ولا سيما في مكتب رئيسه وفي الاتصالات والمشاورات، تحوّلت من الانقسام على شخصية الرئيس إلى حدّ طرح تعديل الدستور، وإشكالية التشريع بعد 25 أيار في ظل تلويح النواب المسيحيين في 14 آذار بالمقاطعة وحكمية اجتماع المجلس في الأيام العشرة الأخيرة، ولو بشكل شبه يومي، من دون تأخير، حتى ولو اقتضى الامر اعلان حالة طوارئ نيابية، على حد تعبير النائب الكتائبي سامي الجميل.
وفيما ردّت مصادر رئيس المجلس بأن لا مؤشرات جدية تحض على تكثيف الجلسات، وأكدت استعداد الرئيس برّي للدعوة الفورية في حال برزت مؤشرات جديدة، كان مكتب رئيس المجلس محور لقاءات حيث اجتمع بالنائب العوني إبراهيم كنعان ثم بالنائب جنبلاط فالنائب جورج عدوان فرئيس الحكومة تمام سلام والرئيس فؤاد السنيورة، قبل أن يُعقد لقاء ثلاثي بين بري وسلام والسنيورة تمحور حول إمكان جلسة تشريعية في 27 ايار الحالي في ظل الفراغ الرئاسي.
وفي المعلومات، أن وزير الخارجية جبران باسيل، نقل إلى البطريرك الراعي عندما زاره في بكركي، رسالة من العماد ميشال عون، مفادها أن التسوية لانتخاب رئيس يجب ان تشمله، لأنه يعتبر نفسه المؤهل لأن يكون هو الشخص الذي يمكن ان يكون عنوان هذه المرحلة، وبالتالي فانه إذا لم يقع الخيار عليه، فانه يدرس خيار سحب
سحب وزرائه من الحكومة.
مؤشر لخلاف
واوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» انه تجنباً لأي خلاف يمكن ان يطرأ حول تعيينات المجلس العسكري المدرجة على جدول الاعمال، تقرر نقل جلسة مجلس الوزراء الى السراي، بعدما كانت نقلت من السراي الى بعبدا، ما يعني ان هذه التعيينات ستغيب عن جلسة السراي، دون جزم اذا كانت تعيينات اخرى ستمر أم لا.
وبحسب المعلومات ايضاً، فإن وزراء التيار العوني اعترضوا على احياء المجلس العسكري، قبل انتهاء ولاية العهد وولاية قائد الجيش، فكانت ان جرت مشاورات عاجلة بين الرئيسين سليمان وسلام الذي زار بعبدا صباحاً واتفق على نقل الجلسة الى السراي لتجنب طرح تعيينات المجلس العسكري في جلسة برئاسة سليمان.
الى ذلك، لفتت المصادر نفسها الى ان الحكومة عازمة على التصدي للعديد من الملفات، من ابرزها ملف النازحين السوريين الذي سيطرح على الجلسة اليوم، بعدما كان طرح في الاجتماع الوزاري الذي عقده الرئيس سلام امس، وكانت ورقة العمل التي تقدم بها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس موضوع النقاش.
واتفق في هذا الاجتماع على ضرورة تنظيم دخول النازحين السوريين، وتنظيم وجودهم في لبنان، من خلال اقامة مخيمات داخل الحدود او في مناطق فاصلة بحماية الامم المتحدة او في مناطق قريبة من الحدود.
وعلمت «اللواء» ان موضوع اقامة مخيمات داخل الحدود اللبنانية لم يكن موضع اجماع من الوزراء، وان الاجماع كان على ضرورة تنظيم وجودهم في لبنان من ضمن منظور عربي ودولي، وانه يجب التفاوض مع الدول على ان يكون التدخل سياسياً اكثر مما هو انساني.
وشدد الوزير درباس على ضرورة طرح الملف امام مجلس الوزراء للوصول الى موقف لبناني موحد لتتعاطى الوزارة مع الملف على أساسه.
واعتبر وزير البيئة محمد المشنوق، تعليقاً على اجتماع لجنة النازحين ان المجتمع الدولي يعالج هذا الملف خارج اطار السيادة اللبنانية ويتواصل مع المؤسسات والمنظمات الدولية الموجودة في لبنان، في حين انه لا بد من ان يقام تنسيق كامل مع الدولة ومؤسساتها.
وقال: ان مشكلة النازحين تحتاج الى معالجة، وان هناك اجراءات تتخذ لمواكبة هذه المشكلة، لا سيما بالنسبة الى ضبط الحدود، بالاضافة الى اجراءات تتصل بالحد من التنصل وتسجيل اسماء النازحين، وخصوصاً ان النزوح لم يعد مقتصراً على سبب أمني، بل أضحى نزوحاً اقتصادياً وتربوياً، والعدد أصبح هائلاً، وبالتالي لا بد من طرح الملف داخل مجلس الوزراء بهدف الاحاطة به.
وكشف الوزير المشنوق بأن اجتماعاً للجنة النفايات الصلبة سيعقد قبل ظهر اليوم في السراي الكبير.