Site icon IMLebanon

نصرالله يُجاوب كيري: «الرئيس لا الدستور»

تابعت الأوساط الديبلوماسية الغربيّة، خصوصاً الأميركية، الخطابَ الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله باهتمامٍ بالغ، كونه جاء مباشرةً بعد الزيارة الخاطفة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الى بيروت والتي حفلت بالرسائل المهمة لعلَّ أبرزها تقديم الدعم إلى الحكومة وعدم السماح بتعطيلها منعاً للدخول في مسارٍ يؤدّي إلى نظامٍ سياسي جديد للبلد.

لذلك، استعادَ نصرالله الطرح الفرنسي على الإيرانيين لجهة تطبيق المثالثة في لبنان، وعلى رغم أنّه كان تناول هذه النقطة بالذات في خطاب سابق، إلّا أنّه أراد إرسال برقية جواب سريعة لكيري: الفراغ لن يسلك درب التعديل في النظام السياسي اللبناني، إنما الهدف تعزيز الحصة في الرئيس المقبل.

كيري الذي شدّد على الاستقرار السياسي (الحكومة) والأمني خلال وجوده في بيروت، جاءه جواب «حزب الله» من خلال الإشادة بهدوء الخطاب السياسي ما يُعزّز الإستقرار الأمني.

لكنّ الأوساط الديبلوماسية شعرت بأنّ تطمينات نصرالله إنما تندرج في إطار عدم خشية الشغور، الذي يتوقع «حزب الله» أن يطول كثيراُ بخلاف الرغبة الدولية. ففيما نُقل عن كيري قوله خلال لقاءاته المغلقة إنّ احتمال الحديث عن الاستحقاق الرئاسي اللبناني لن يبدأ قبل سبعة اسابيع في إشارة واضحة الى اللقاء المنتظر بين وزيرَي خارجية إيران والسعودية محمد جواد ظريف وسعود الفيصل، كان لنصرالله رأيٌ آخر متشائم جداً عندما نفى علمه بلقاء قريب على هذا المستوى، لكنه حتى لو حصل، لن يكون لبنان مدرَجاً على جدول الاعمال. ويتقاطع ذلك مع معلوماتٍ تتردَّد في الكواليس لجهة أنّ إيران تريد كسب الوقت كون ذلك يُعزّز من حضورها في المعادلة الإقليمية خصوصاً في ضوء المفاوضات الكبيرة الدائرة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية. أضف الى ذلك ما يتردَّد عن استمرار حركة التعيينات داخل السعودية على قاعدة إزاحة المتشدّدين وتأمين الطريق أمام الجيل الجديد. وفي هذا الاطار، يجري التداول بمعلوماتٍ تتحدَّث عن نية الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ومعه ولي العهد الامير سلمان، اعتزال الحكم بسبب أوضاعهما الصحية في مقابل تولي الامير مقرن السلطات الملكية وهو الذي عُيّن أخيراً ولياً ثانياً للعهد، والأمير متعب ولياً للعهد.

وتعتقد الأوساط المتابعة أنّ إيران تفضل إنجاز التفاهمات مع الطاقم الجديد لا مع مسؤولين يستعدون للمغادرة. أضف الى ذلك، أنّ الملف العراقي يمثل الاولوية على حساب بقية ملفات المنطقة، بما فيها الملف اللبناني، هذا في حال الشروع بهذه المفاوضات.

تبقى النقطة المتعلقة بالاعتراف بدورٍ لـ»حزب الله» في الملف السوري. تلك النقطة التي أثارت أطرافاً عدة ولا سيما في الداخل اللبناني. صحيح أنّ البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية جاء ليعيد تصويب الموقف الأميركي لجهة استمرار إدراج الحزب على لائحة التنظيمات الإرهابية بما يوحي أنّ ما صدر عن كيري كان بمثابة زلّة اللسان، إلّا أنّ الحقيقة تبقى مغايِرة تماماً. ذلك أنّ كيري خبير في شؤون الشرق الاوسط وشجونه، وهو المرشح السابق للرئاسة الأميركية وتولّى مهماتِ رئاسة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي، ما يعني استحالة أن يرتكب هفوات بهذه الدقة.

اضف الى ذلك، أنّ كيري كان يقرأ تصريحاً مكتوباً أعدّه سلفاً المختصون في الشؤون اللبنانية والسورية، ويرجح أن يكون السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل أحد هؤلاء، ما يعني أنّ ما كتب كان مقصوداً وواضحاً.

وبات معلوماً أنّ إحدى المهمات الموكلة الى هيل لدى تعيينه منذ أقل من عام، كانت السعي إلى التواصل والانفتاح على الجسم السياسي الشيعي. لا بل، تضجّ الكواليس بمعلوماتٍ عن تحريك قنوات التواصل بين واشنطن و»حزب الله» لم يُكتب لها حتى الآن النجاح الكامل: مرة عبر مسؤول رسمي لبناني، ومرة اخرى عبر «صديق» أميركي، ومرة ثالثة عبر وفدٍ بريطاني. المهم أنّ واشنطن تضع الحزب كهدف ديبلوماسي وحتى القرار الأوروبي بفصل الجناح العسكري عن التنظيم السياسي للحزب إنما يدخل في هذا الإطار.

أمّا «حزب الله» فوضع قاعدةً ثابتة لرؤيته السورية: بشار الاسد رئيساً لولاية ثالثة كاملة. قد لا يبدو الغرب في موقع المعارض بشراسة لذلك، لكنه يطلب ثمناً. فالخوف من الإرهاب يكاد يعلو على كل شيء.

فبعد تجربة أفغانستان، بدأت العمليات ضدّ السفارات الغربية في أفريقيا وغيرها وانتهت بهجوم 11 ايلول، أمّا اليوم ومع تجربة سوريا فبدأت بوادر مرعبة مع اعتداء بروكسيل الذي نفّذه حامل جنسية أوروبية لديه زملاء بالآلاف يقاتلون في سوريا، فأين ستنتهي؟

وفي المعلومات أنّ «حزب الله» يستعدّ للبدء في عملية عسكرية خلال أيام معدودة، هدفها تطهير كامل المناطق الجردية الملاصقة للحدود اللبنانية في القلمون حيث يختبئ كثير من العناصر المتطرفة، وواشنطن تدرك ذلك وفي صمتها كثيرٌ من إشارات الرضى.

لكنّ ذلك قد يُعيد القلق الأمني للداخل اللبناني. صحيح أنّ لا الغرب ولا الشرق يريدان هذا الإستقرار الأمني في لبنان، إلّا انّ ذلك قد يشكل حافزا للخلايا النائمة الموجودة في لبنان للتحرك وتمزيق هذا السكون المريب. وتتخوّف الاجهزة اللبنانية من استهداف مراكزَ طبية ومستشفيات هذه المرة، لكنها احتمالات غير مبنيّة على معلومات موثقة.

من أجل كل ذلك، هناك مَن يخشى الدخول في شغور طويل، وهناك مَن يتحدث عن سنة في أقل تقدير، فيما الأوساط الغربية لا تزال تعتبر أنّ أيلول سيشهد تسويةً رئاسيةً ما. وقد تكون الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابية عاملاً مساعداً في ظلّ رفض الغرب إجراءها حفاظاً على التهدئة السياسية والاستقرار الداخلي.

أمّا رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الذي زار رئيس مجلس النواب نبيه برّي طالباً منه الإفراج عن مشروع القانون الأرثوذكسي للتصويت عليه، فيحاول لعبَ كلّ اوراقه في معركته الرئاسية المفتوحة.