هي ليست مسألة ديموقراطية. فلا ديموقراطية مع العدالة. وليست مسألة سياسية. فلا سلطة تعيش مع قاتل. وما بناه قتلة كان سراباً، ها نحن نلحق به كل يوم!
هي ليست مسألة الحق في الاختيار. ليس من حق يسمح باختيار الموت أو صانعه. هي مسألة الإنسان وحقه المقدس في الحياة، وحقه في رفض القتل وفي رفض القاتل. هي مسألة حق المقتول في التوقف عن قتله كل صباح!
والعفو، أي عفو، لا يلغي الفعل القبيح. الفعل القميء. الفعل الأسود.
ولا اعتذار عن القتل، وليس من فعل ندامة يمكن القبول به، إن لم يقترن بمحاسبة الذات. وفرصة القاتل مع العفو، أن يترك له معاقبة نفسه. وهو عقاب، ليس فيه أقل من الاختباء، والانزواء، بدل عقاب العزل!
اليوم، يشهد اللبنانيون على سابقة في منح القاتل حق تكرار فعلته، لا حق تمثيل جريمته، وعلى مشهدية تمثل الحقارة، بأن يمنح قاتل حق التحدث باسم ضحاياه.
يشهد اللبنانيون على سابقة
في منح القاتل حق تكرار فعلته وحق التحدث باسم ضحاياه
اليوم، يختبر الناس عيّنة من الذين اختاروهم يقفون على عتبة مرحلة جديدة من الجنون الدموي. وهم يتحسسون جباههم، مكتوباً عليها العار، العار، وليس أي شيء آخر غير العار!
إنّ من يقوده قلبه، وعقله، غصباً أو طوعاً، لأن يقبل بتنصيب قاتل فوق رؤوس أهله، هو تجسيد لمعنى العار!
وإنّ من يسمي اليوم قاتلاً رئيساً للجمهورية، هو جيفة على هيئة إنسان. هو شيء لا اسم له، ولا صفة. هو ليس أكثر من أداة بلا صوت. ولن يسمع صوتها، إن نادت، بحقوق أهلها الراحلين قتلاً، ولن يسمع لها صوت إن سألت عن مستقبل أو حياة!
من تعتقدون، أيها المجتمعون في لائحة العار، أيها الذين تحملون اسم نواب الأمة، وتختارون قاتل نبلاء من هذه الأمة، لستم سوى شركاء في الجريمة المتمادية. ولستم سوى بقية الحريق الذي التهم أطفالكم وأبناءكم ولا يزال!
ليس لمن تفكرون فيه رئيساً من اسم أو صفة أو وظيفة إلا اسم واحد: إنه القاتل!
أنتم تمثلون العار الذي تقولون لنا إنه لا يغسل بغير الدماء. أنتم ورثة قتلة، وسفاحون، حتى تقبلوا بهذا العار يلفكم واحداً واحداً، واسماً خلف اسم، وصورة فوق صورة!
في هذه الأيام، يشتاق لبنان إلى رشيد راشد، لكن نواب العار سيجعلون لبنانيين كثراً يترحّمون على شاعر قال: وما بلدُ الإنسان إلا الذي له به سكنٌ يشتاقه… وحبيبُ، يغسل ببسمته كل هذا العار!