Site icon IMLebanon

هادي حبيش: الراعي الرسمي للدولة في عكار

عراب المرشحين لرئاسة الجمهورية، «صاحب» المرشحين، وزير كل الوزارات، ملك التعيينات والتشكيلات والتركيبات، محيي المهرجانات والاحتفالات والمبايعات. النائب هادي حبيش. هاتوا تبجيلاً وكلاماً معسولاً وعلاقات إجتماعية، وخذوا ما يدهش العكاريين

ثمة مهارات، تشريعية وخدماتية، يمكن النائب مع الوقت اكتسابها. لكن هناك مميزات شخصية لا تتمتع بها سوى قلّة جينية مختارة: وحده النائب هادي حبيش قادر على الاجتهاد دستورياً لإقناع الرئيس ميشال سليمان بأنه يؤيد تمديده ولايته، وإقناع قائد الجيش العماد جان قهوجي، في الوقت نفسه، بأنه عرابه السياسيّ وفاتح أبواب المستقبل المقفلة في وجهه. مع قهوجي قبل الظهر، ومع سمير جعجع بعده، ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مساء. فيما الوزير السابق زياد بارود صديقه الشخصي، ويسرّه التداول في أسهم نقيب المحامين سمير أبي اللمع طالما أنه شريك إبن الأخير في مكتب المحاماة. آل أبو عياش يحبونه. حين توهم الرئيس سعد الحريري ورأيه العام ونفسك أنك لم تستزلم للاستخبارات السورية، وأن فيديو المؤسسة اللبنانية للإرسال عن دبكة والدك الشهيرة ملفق، ولم يسبق لك أن «انهرأت» بالرئيس إميل لحود فطبّلت له وزمّرت، وكدت تدبك، يغدو كل ما سبق سهلاً.

تتحرك هذه النوعية السياسية بثقة كبيرة بالنفس، سواء في مجلس النواب أم على الشاشات التلفزيون أو في الوزارات. تفاجأ به في وزارة الداخلية في الصنائع. تلتف متجهاً صوب وزارة السياحة في المبنى المجاور، فتراه خارجاً من مكتب وزير الإعلام في المبنى نفسه. ولا تكاد سكرتيرة السياحة تفتح لك باب الوزير، حتى تجده بسحر ساحر خلفه.

الكلام المعسول نفسه والغمازتان الشغالتان وطلب صغير. كأنه في وزارة العدل الوزير. تجاوز النائب السابق منصور البون بأشواط في وزارة الصحة. وما كاد الرئيس سعد الحريري يصالح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون حتى صالح هو الوزير جبران باسيل في وزارة الخارجية ووزيري عون في التربية والطاقة. يحبهم جميعاً، يمزح معهم ويمزحون معه. لا تسألوا وزير الاتصالات بطرس حرب ــــ حليفه ــــ عنه. إسألوا النائب غازي زعيتر في وزارة الأشغال العامة والنقل. انتظروا زعيتر في الهرمل، فرأوه في عكار. كل طلبات النواب في كفة عند وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وطلبات حبيش في الكفة الأخرى. يسرح في وزارة الدفاع ويمرح. وحدها وزيرة المهجرين أليس شبطيني لا تشعر بوده يغمرها لعدم وجود مهجرين في عكار؛ فيما جعله حظ وزير العمل سجعان قزي العاثر جاراً له في أدما. ويبقى السر في ما يفعله سعادته في وزارة الثقافة: يطمئن على التراث الوطني أم يلاحق آخر الإصدارات الشعرية؟

أخرجت انتخابات القبيات البلدية الأخيرة حبيش من الشباك، لكنه استفاد من انقطاعه المرحليّ عن عكار، ليوطد علاقاته البيروتية ويعاود الانطلاق باندفاعة أقوى. لا يتنقل بين كل هذه المرجعيات السياسية والأمنية لتأمين مصالح العكاريين العامة طبعاً، إنما مصالحه الشخصية. ولا يسعى في الوزارات لخدمة المواطنين والتخفيف عنهم إنما لتعيين أصدقائه وأزلامه في المواقع الإدارية الرئيسية بهدف ربط الناخبين خدماتياً به ومحاصرتهم. أهم إنجازات الحكومة الحالية خلق ميشال المر صغير جديد في عكار. عانت المديرة العامة بالوكالة للأحوال الشخصية سوزان خوري من الاكتئاب في عهد الوزير مروان شربل، مع انكفاء النائب ميشال المر ولا مبالاة المستقبل، فلم تجد غيره لتبكي عنده، قطع طريق الصنائع على المصطادين في مياه خوري العكرة ليقنع الوزير نهاد المشنوق بترفيعها في مجلس الوزراء إلى الدرجة الأولى وتثبيتها في موقعها. ويعين، بتوقيع المشنوق، قريبته (زوجة إبن عمته) هدى سلوم مديرة عامة للميكانيك ورئيسة لهيئة إدارة السير والمركبات، فيضمن نفوذاً قوياً في إحدى أبرز الإدارات خدماتياً. ولم يلبث أن أقنع المشنوق بتعيين صديقه عماد لبكي أيضاً محافظاً لعكار: يضع لبكي صورة الرئيس إميل لحود في مكتبه بوصفه إبن بلدته ويلوح بعلم القوات في قلبه بوصفه انتخب رئيساً لمجلس بلدية بعبدات بفضل دعمهم، إلا أنه أولاً وأخيراً صديق حبيش. ها هو يرسم سريعاً خارطة طريقه لرؤساء المجالس البلدية في عكار فيخبر كل من حشدهم حبيش للترحيب به أنه «صديق هادي وزياد من أيام الجامعة، شقيقتهما لينا مثل شقيقتي، وعمهما جوزف حبيش كان مسؤولاً عني حين كنت أنا رئيس بلدية وهو قائمقام المتن».

وحدها وزيرة المهجرين لا تشعر بوده لعدم وجود مهجرين في عكار

ما كان ينقصه سوى القول: مفتاحي هادي، ورقم هاتفي رقمه. مع العلم أن تعيين المحافظ كان مطلباً دائماً لنائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس، وأقل ما كان يمكن المشنوق فعله هو سؤال فارس رأيه في المرشح الأنسب لهذا الموقع، خصوصاً أن مؤسسة فارس تنشط بلدياً من دون حسابات سياسية مباشرة، بعكس حبيش الذي أظهر المحافظ، في احتفاله الترحيبي به، بمظهر الناشط في ماكينته الانتخابية. ولم تلبث أن ظهرت مآثر حبيش واضحة في مختلف التشكيلات الأمنية الأخيرة في عكار. ورداً على عدم تفاعل مسؤول فرع الدفاع المدني في القبيات، كما يفترض، مع مرجعيته السياسية، وجد حبيش نفسه مضطراً إلى إقحام نفسه في اجتماع لوزير الداخلية مع المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار ومستشار وزير الداخلية للشؤون القانونية الدكتور خليل جبارة، ليظهر بعده بمظهر العراب لقانون لجنتي الدفاع الوطني والبلديات النيابيتين. وما كاد ينهي مؤتمره الصحافيّ حتى دعا مسؤول الدفاع المدني في عكار إلى جمع كل العناصر العكاريين في مركز حلبا، ليشرح لهم سعادته القانون الجديد ويهنئهم.

ومن الداخلية إلى الصحة؛ يفعل الوزير وائل أبو فاعور لحبيش ما لا يفعله لأقرب المقربين سياسياً وحزبياً إليه، بحكم صداقتهما الشخصية. مع العلم أن المسؤولين عن التركيبة الحالية (المستقبلية) للمستشفى الحكوميّ مثلاً يستحقون الملاحقة القانونية، لا الأخذ مجدداً برأيهم في التعيينات. يضع أبو فاعور في ظهره مطران عكار والمرجعيات الأرثوذكسية الأخرى بحكم أن رئيس مجلس إدارة المستشفى أرثوذكسيّ، إكراماً لحبيش. أما وزارة التربية فلا تزال، رغم عونية وزيرها، وزارة حبيش بامتياز. كانت له، لا للتيار العوني، الكلمة الفصل في تعيين غالبية مديري المدارس الذين عينوا أخيراً، وعبثاً يطرق الأساتذة هذا الباب العونيّ أو غيره لينتقلوا من مدرسة رسمية إلى أخرى أو يضاعفوا ساعات التعاقد؛ «ما إلهم إلا حبيش».

لا حدود للطموح هنا، فها هو سعادته يحشد مساعي وزيري السياحة ميشال فرعون والثقافة (المردي) روني عريجي ليسير على درب الزعماء بتشكيله لجنة مهرجانات، برئاسة زوجته طبعاً، وإطلاقه مهرجانات (هادي حبيش في) القبيات، على غرار مهرجانات بيت الدين وإهدن. مع العلم أن تنظيمه للمهرجانات في القبيات أشبه بتنظيم ميشال معوض مهرجانات إهدن، فحاله في القبيات كحال معوض في زغرتا. وقد رفض مجلس بلدية القبيات بأكثريته الساحقة دعم الاحتفال الحبيشي المقبل.

وحدهما النائبان خالد ضاهر ومعين المرعبي، من بين نواب عكّار، يحبانه. وأياً كان الشعور المفترض لكثيرين تجاه حبيش، فإنه لا يقارن أبداً بشعور زملائه النواب العكاريين رياض رحال ونضال طعمة وخالد زهرمان وخضر حبيب تجاهه!