Site icon IMLebanon

هذا هو «التفاهم» الضامن للأمن!

على رغم المخاوف الأمنية ممّا تُدبّره مجموعات تخريبية للبنان، تأسيساً على حجم الاحتقان المذهبي في البلاد، هناك مَن يعتقد أنّ الحَدّ الأدنى من الأمن والاستقرار مضمون. فهو ثمرة تفاهم إيراني – سعودي ورعاية دولية كبرى، بدأ مع التفاهم على التركيبة الحكومية وصولاً إلى الاستقرار، ولم يصل إلى تسهيل وإنجاز الاستحقاق الرئاسي. كيف وُلدت هذه المعادلة؟

يُصرّ مرجع أمنيّ على القول إنّ ما تشهده البلاد بما هو متوافر من أمن واستقرار هو الحدّ الأدنى المضمون في هذه المرحلة. فالمنطقة ستَحتفظ بنسبة عالية من الغليان الأمني والعسكري بلا حدود على نار المواجهة الدموية التي تعيشها سوريا والعراق، وتزامُناً مع أبشَع مظاهر التطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في غزّة والضفّة الغربية في لحظة اختارَتها للإفادة القصوى من انشغال العرب في ما بينهم، على رغم أنّ لكلّ منهما خريطة طريق مختلفة عن الأخرى، وقد تقاطعَت المصالح والأسباب في جوانب منها فتلازم الأمران معاً.

ويرفض المرجع الأمني التقليلَ من حجم الإنجازات التي حقَّقتها الحكومة الجديدة في الشأن الأمني، معتبراً أنّها استفادت من التنسيق العربي والدولي الذي اختار الساحة اللبنانية مركزاً للمفاوضات السرّية بين مختلف أجهزة الإستخبارات العالمية العاملة في المنطقة، بعدما تحوّلت بيروت ومطارها لأسباب جغرافية وأمنية، القاعدة الخلفية الأساسية لعمل الأجهزة الدولية والأممية التي تعاطت مع القضية السورية على أكثر من مستوى، وخصوصاً بعدما تقرَّر أن يلعب المراقبون العرب والدوليّون دورَهم في الأزمة السورية وصولاً الى عمل فِرق المراقبين التابعة للجان التحقيق في استخدام الأسلحة المحظورة، كما بالنسبة الى برنامج تدمير الأسلحة الكيماوية السورية وغيرها من منظمات الإغاثة الدولية.

ويضيف: على هذه الخلفيات، هناك قصة يستحق الرأي العام أن يعرف جانباً منها. وفيها أنّ السعي الأميركي – الأوروبي، والفرنسي تحديداً، الى تحسين العلاقات الإيرانية – السعودية منذ مطلع السنة الجارية، اختار لبنان حقلَ التجربة. فالبلاد كانت تعيش قبيل نهاية العهد السابق بأشهر قليلة فراغاً حكومياً يُهدّده فراغٌ أمنيّ عكَسه تورّط «حزب الله» في الأزمة السورية قادَ الى جعل لبنان مسرحاً للعمليات الإرهابية والسيارات الإنتحارية التي وضعَت الضاحية الجنوبية والمناطق الشيعية هدفاً مباشراً لها بالدرجة الأولى قبل أن يستهدف الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية.

وعلى هذه الأسُس قال المرجع: بدا السعي إلى الحوار السعودي – الإيراني وشارك في التأسيس له الرئيس الأميركي باراك اوباما في زيارته خريف العام الماضي إلى المملكة العربية السعودية، واستكمله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في زيارته الربيع الماضي اليها، واقتصرت التجربة على تكريس الهدوء على الساحة اللبنانية.

فكان ما كان، فتحلحلت الأزمة الحكومية ووُلدت حكومة «المصلحة الوطنية» وأعطِي الضوء الأخضر لمواجهة الانتحاريين كمهمّة أولى أوكِلت الى الحكومة الجديدة، تزامُناً مع «التجربة الطرابلسية» الناجحة التي أنهَت 21 جولة من العنف، في مرحلة كان القرار السياسي حاجزاً أمام تحقيق أيّ من الخطط التي وُضِعت للمدينة، إلى أن حان وقت تنفيذها فانتهت «في يوم وليلة».

وإلى هذه المعطيات، يختم المرجع ليقول إنّ هذا التفاهم الذي توقّف قبل ولوج مرحلة الإستحقاق الرئاسي لألف سبب وسبب، ما زال مضموناً على المستوى الأمني فقط. فالتفاهمات رسَمت سقوفاً أمنية وحدَّدت خطوطاً حُمراً لا يمكن تجاوزها بدليل أنّ بعض التحرّكات التي ارتبطت بالموقوفين الإسلاميين في سجن رومية انتهت قبل أن تبدأ. في وقتٍ أعطِيت الأجهزة الأمنية ما يكفي من معلومات للقضاء على مزوّد إرهابيّي «دو روي» منذر الحسن في مخبئه، مع الوعد بأنّ أيّ ردّ فعل على ما يحصل لن يكون ذا أهمّية، وهذا ما حصل.