هل أضاع اللبنانيّون فرصة انتخاب رئيس قبل انتفاخ دور «داعش»؟ البلاد على خطّ زلازل صراعات المنطقة
والتوافق «السعودي ــ الإيراني» حول لبنان مُهدّد بالسقوط
لبنان على خط الزلازل التي تهدد أمنه واستقراره وكيانه، والأكثر رعبا منها ليس الزلزال الطبيعي وحسب بل الزلزال الإرهابي الكفيري العابر للحدود الذي يضرب المنطقة والذي يزداد يوميا بعد قوة وسلطة وهيمنة وثروة من دون أي رد رادع مما يسمى المجتمع الدولي الذي من المؤكد وبحسب مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع بعض اركانه متواطئ مع هذا الإرهاب التكفيري والبعض الآخر منه وبالتعاون مع بعض القوى الإقليمية يحرك ويمول ويدعم من تحت الطاولة هذا الإرهاب التكفيري وذلك ضمن سياق المؤامرة الدولية الهادفة إلى اغراق المنطقة بأسرها ضمن أتون فوضى الحروب الطائفية والمذهبية والإثنية التي تدمر دول المنطقة وتفتتها إلى دويلات متناحرة، وكل ذلك ضمن السياق الذي يخدم أمن اسرائيل ويدها الطولى في فرض سطوة قوتها وهيمنتها على شعوب المنطقة وخيراتها و وثرواتها هذا ما قالته.
المصادر أشارت الى ان ما يزيد من المخاطر الأمنية التي تتهدد لبنان هو الوضع السياسي الهش وما تبعه من اخفاقات داخلية على صعيد حسن ادارة الفراغ الرئاسي، وهذا ما يضع البلاد خلال الأسابيع المقبلة في ظل الظروف الخارجية البالغة الصعوبة على كف عفريت الصراعات المحتدمة بين محور المقاومة والممانعة ومحور الإرهاب التكفيري الذي سيضع الساحة اللبنانية أمام عواصف خطرة من شأنها أن تزيد من ارتفاع المخاطر الداخلية التي تهدد لبنان كما سائر المحيط والجوار بالسير نحو تعقيدات وتحديات داهمة لا يعلم أحد مدى عواقبها وتداعياتها السلبية وربما الكارثية.
وشددت على ان الوقائع الإقليمية والدولية الجديدة في المنطقة تضع مسألة استمرار «الحكومة السلامية» على محك الصراعات الجارية في محيط لبنان وجواره خصوصا في سوريا والعراق لا سيما أن الجميع يعلم في الداخل والخارج على حدٍ سواء بأن ولادة الحكومة السلامية أتت نتيجة توافق إيراني – سعودي… وما دام هذا التوافق يكاد ينتهي بين لحظة أو أخرى ، فإن الحكومة السلامية مع ما تمثل من حصن أخير لمنع تسلل الشلل والفراغ إلى سائر عمل مؤسسات وإدارات الدولة اللبنانية قد أصبحت وفقا لما هو متداول في الاروقة السياسية والدبلوماسية في العاصمة اللبنانية بيروت مهددة بالإنهيار في أي لحظة…فاحتدام الصراع الإيراني ـ السعودي على أكثر من ساحة إقليمية لا سيما في سوريا والعراق يجعل التسوية المحلية الإيرانية ـ السعودية التي سهلت تشكيل الحكومة السلامية في مهب الريح خصوصا أن الإعتبارات التي على أساسها انبثقت هذه التسوية والمتمثلة بإدارة الفراغ الرئاسي بأقل الأضرار سيما أن هذا الفراغ الرئاسي قد كان متوقعا من جميع الأفرقاء في الداخل والخارج بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، والمتمثلة ايضا في إطلاق الخطة الأمنية من أجل تعزيز أمن لبنان واستقراره وابعاد ساحته عن أتون الحرب السورية، إلا أن كل هذه الإعتبارات لم يعد لها أهمية بفعل مرحلة جديدة عاصفة وملتهبة بدأت تشهدها المنطقة منذ الإجتياح الكاسح الذي شنته الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» على العراق وقامت بإزالة الحدود بين القطر العراقي والقطر السوري وثم اعلان قيام الخلافة الإسلامية بزعامة الإرهابي المطلوب أبو بكر البغدادي.
وتتابع المصادر عينها، بأنه وبناء على ذلك فأن الوضع اللبناني سيكون عرضة لموجة من الهزات الأمنية التي تهدد استقراره وسلمه الأهلي الى حين تثبيت الستاتيكو الذي أحدثته سيطرة داعش وحلفائها على المناطق الوسطى من بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، وإلى حين تثبيت هذا الستاتيكو الجديد وفق التوازنات الإقليمية التي ستفرضها قوة الحدث وتأثيره في الصراع القائم في المنطقة والتي شكلت «داعش» في السنوات الأخيرة جزءاً منه دون ان تتضح حقيقة ارتباطاتها المباشرة وخلفية القوى المؤثرة فيها والداعمة لها، سيما ان القوى المختلفة استفادت من حضور «داعش» في سوريا على حساب قوى أخرى متهمة بدعم الحركات الاصولية. وبالتالي فإن أي قراءة لنتائج هذه الاحداث وتأثيرها في ميزان القوى الإقليمية (إسرائيل ـ إيران ـ السعودية ـ تركيا) ومن باب الربح والخسارة لحساب طرف على آخر ستكون معقدة وغير دقيقة فالجميع مستفيد الى حد وخاسر الى حد آخر مع اختلاف بسيط بين فريق وآخر. باستثناء إسرائيل المستفيد الأكبر والأول بين جميع تلك القوى، سيما ان الخاسر الأكبر هو النظام العربي الذي قام على أنقاض الدولة العثمانية بدعم من دول الحلفاء آنذاك، بعد ان تقاسمت نفوذها عليه أكثر من عقدين من الزمن.
وفي هذا الإطار، رأت أوساط سياسية وسطية بن الصوت الإنتقادي المرتفع لبكركي للطبقة السياسية التي فشلت للمرة الثامنة على التوالي في تأمين النصاب القانوني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المجلس النيابي نابع من قراءة للأوضاع المحلية والإقليمية التي أصبحت أكثر تأزما وتعقيدا وصعوبة في التوصل إلى توافق ما يسمح بإنجاز الإستحقاق الرئاسي. مضيفة أن بكركي تعتبر أن القيادات السياسية مسؤولة عن إضاعة الفرصة التي كانت متاحة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية أو على الأقل التمديد للرئيس السابق العماد ميشال سليمان وذلك في فترة انطلاق التقارب الأميركي – الإيراني حول مشروع طهران النووي والذي تبعه نصائح أميركية للسعوديين بضرورة التقارب مع إيران إلا أن هذا المناخ الإيجابي تبدد بالكامل بعد تطورات العراق العسكرية والسياسية الأخيرة الناجمة عن تمدد وتوسع «داعش» في العراق وسوريا.
المصادر اعتبرت ان عدم قدرة القوى السياسية الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية يدفع البلاد نحو مزيد من الازمات والتعقيد لا سيما مع اقتراب موعد دخول البلاد مرحلة التحضير لاجراء الانتخابات النيابية حيث تنتهي صلاحياة المجلس الممدد له في تشرين الاول المقبل. وأن اجراء الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على قانون جديد للانتخابات سيكونان سابقة خطرة قد تعرض النظام السياسي للخطر وتدفع بالمؤسسات الرسمية الدستورية نحو الفراغ، لا سيما في ظل المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها المنطقة. وأشارت الى أن دعوة العماد عون الى اعتماد الطائفية في قانون الانتخابات النيابية وفق الاقتراح المعروف بالأرثوذوكسي (انتخاب كل طائفة لنوابها) تضرب صيغة العيش المشترك وتدفع باتجاه اعادة تكوين السلطة على اساس اتحاد الطوائف الكونفدرالية، ما يخالف قاعدة الغاء الطائفية السياسية التي ارتكزت عليها فذلكة اتفاق الطائف، فاعتماد الطائفية في تكوين السلطة دون الاخذ بصيغة العيش المشترك يخالف الميثاق الوطني ويخالف ابسط قواعد الديموقراطية الصحيحة.