هذا السؤال الذي يحيّر عدداً كبيراً من المراقبين والمتابعين خصوصاً بعد ما جرى في العراق أخيراً، إثر سقوط مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة، من دون أي مقاومة من قِبَل الجيش الذي كان مرابطاً فيها.
أسئلة كثيرة تدور حول هذا الموضوع.
السؤال الأول: لماذا الجيش العراقي لم يقاتل «داعش» في الموصل، بل انسحب أمامها من دون أي مقاومة.
السؤال الثاني: هل القوة العسكرية التي احتلت الموصل هي «داعش»؟ أو هي قوات أخرى لا علاقة لها بهذا التنظيم المتطرّف؟
نعود الى السؤال الأوّل، فنجيب بالآتي: إنّ الجيش العراقي لا يقاتل الجيش العراقي، أي أنّه لا يقاتل نفسه، فما حدث هو أنّ الجيش الذي سرّحته القيادة الأميركية عندما غزت العراق من دون أن تعطي الضباط والرتباء والجنود حقوقهم ولا حتى تعويضاتهم، وبقوا مهمّشين، بل خاضعين للإضطهاد من حكومة المالكي، هذا الجيش هو الذي اقتحم الموصل اعتراضاً على السياسة الأميركية أولاً، وعلى سياسات نوري المالكي لاحقاً… فلم تشأ حامية الموصل من الجيش العراقي الحالي أن تتصدّى لقدامى رفاق السلاح… فكان ما كان.
ثم من الملاحظ أنّه منذ 8 سنوات حتى اليوم (منذ وصول المالكي الى الحكم) لم يمر على العراق يوم واحد من دون تفجيرات.
ألَم يسأل الاميركي نفسه: لماذا هذه التفجيرات؟ ما أسبابها؟ ألَم يلفتهم افتقاد الوفاق السياسي بين أهل العراق؟ كيف سيحكم المالكي وهو معاد لكل السنّة وللأكثرية الشيعية (علاوي – الصدر) ومعاد للأكراد أيضاً، أي أنّه يحكم العراق بقوّة السلاح، والأنكى أنّه وصل الى الحكم خلافاً لإرادة العراقيين الذين أعطوا أكثرية نيابية مؤيّدة للإئتلاف الذي كان يقوده العلاوي ولا يزال.
وكره أهل السنّة العراقيين للمالكي هو الكره التاريخي ضدّ الفرس، وهذا ليس وقفاً على أهل السنّة فقط بل أيضاً على العراقيين جميعاً كونهم عرباً… فلقد شعر العرب العراقيون (سنّة وشيعة) أنّ الإيراني يحكمهم، وهذا ما لا يقبلونه أبداً.
من هنا، لو لم يكن نوري المالكي مركّزاً فقط على الكرسي وجمع المال بالسرقة والنهب والفساد… لما اعتقدت إيران أنّها قادرة على حكم العراق ونهب ثرواته الاقتصادية النفطية والمالية… لو لم يكن هذا التفكير سائداً لما وصل العراق الى هنا…
الحقيقة الصارخة أنّ أهل السنّة لا ولن يقبلوا بحكم الفرس، هذا حكم التاريخ، وعمره منذ فجر التاريخ الفارسي والعربي.
وفي هذا المجال، لا يمشي مع العراقيين أن تخطف إيران علم فلسطين وترفع شعار الممانعة والمقاومة… لأنّ هذا كله شعارات فارغة… فمنذ الـ2006 حتى اليوم ماذا فعلوا؟ أين القدس؟ كم أطلقوا قذيفة على إسرائيل؟
نعود الى السؤال الثاني، فنقول: أهل السنّة ليس لديهم تطرّف، بل التطرّف الشيعي هو الذي أوجد «داعش» و»النصرة»…
كل تطرّف يستولد تطرّفاً مقابلاً.
وكما التطرّف اليهودي أوجد تطرّفاً مقابلاً… فالتطرّف الفارسي أوجد تطرّفاً عربياً – إسلامياً مقابلاً… علماً أنّ الـ 150 مليون شيعي وبتطرّفهم غير قادرين على مواجهة مليار و300 مليون سنّي سواء بتطرّف أم من دونه.
عوني الكعكي