Site icon IMLebanon

هل الإنتخابات النيابيّة المبكرة حلّ؟

 

ثمّة مَن ينتظر 25 أيار ليتثبَّت من فشل مجلس النواب في إنتخاب رئيس الجمهورية، وليطرح خريطة طريق جديدة تقول بأولوية انتخابات نيابية مبكرة. فالتحالفات الحالية أوجَدت معادلةً نيابيةً سلبية لا يمكن أن تُفضي الى انتخاب الرئيس العتيد ولا بدّ من اختبار يُعيد النظر فيها. فهل هي ممكنة؟ وما هي الأسباب الموجبة لأصحاب الفكرة؟

لم يعد وارداً لدى أيّ من متابعي المناقشات المرتبطة بالإنتخابات الرئاسية أنه سيكون للبنان رئيسٌ جديد قبل 25 أيار، لا بل تتحدّث السيناريوهات المتداوَلة عن مراحل صعبة ومواجهات قد تتَّخذ أشكالاً مختلفة سياسية كانت او اقتصادية وأمنية.

والأخطر في هذه السيناريوهات أن تفلت مفاتيح الإستحقاق من متناول اللبنانيين الذين منَّنوا النفس بالقدرة على انتاج رئيس صنع في لبنان، ليصلوا الى مرحلة تفرض فيها التفاهمات الخارجية رئيساً، وقد تلتقي في أهدافها مع ما يحتاجه لبنان أو تتجاوز مصالحه غالباً.

كلّ الحركة السياسية في لبنان، وما بين بيروت والرياض وطهران وغيرها من العواصم الأوروبية والغربية لن تؤتيَ ثمارها، فالتوازنات الداخلية عطلت كل اشكال المخارج وسدَّت المنافذ الى الحلول الممكنة، وبات الجميع أسرى مواقف متناقضة يعملون على خطّين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا في مكان ما… فأيام الحلول العجائبية قد ولَّت.

على هذه الخلفيات التي تتحدث عن «جمود قاتل»، ستكون الدورة الرابعة لإنتخاب الرئيس الخميس نسخة عن الدورات الثلاث السابقة. سيحضر نواب «14 آذار» و»اللقاء الديموقراطي» وكتلة «التنمية والتحرير»، ولن يحضر الباقون، فيتعطل النصاب لتُفتح الأبواب على دعوة جديدة يوجّهها الرئيس نبيه برّي قد تتغيَّر في شكلها وتوقيتها، والمسافات الفاصلة بين دورة وأخرى بدخول المجلس النيابي، مهلة الأيام العشرة الأخيرة التي تلزمه الإنعقاد الدائم لإنتخاب الرئيس بلا أيّ عمل آخر.

وإزاء المعادلة السلبية التي باتت تتحكّم بالتوازنات الإنتخابية، ثمّة مَن اقترح أن تتَّجه الحكومة التي ستتسلّم سلطات رئيس الجمهورية مجتمعةً وبالتعاون مع المجلس النيابي، الى الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة في مهلة 60 او 90 يوماً وفق قانون الستين او ايّ قانون آخر، لعلّها تُنتج أكثرية نيابية جديدة يمكنها استكمال انتصاراتها بانتخاب الرئيس، فتكتمل الدورة الديموقراطية وتتفرّغ من بعدها الأقلية الى المعارضة البنّاءة، تصوّب الآداء وتدل الى مكامن الضعف والخلل ما يفضي حيويةً افتقدها المشهد السياسي في لبنان بمجرد الخروج من التوازنات السلبية القائمة او كسر حدّتها على الأقل. 

ويقول أصحاب هذه النظرية إنّ التوجه الى اولوية الإنتخابات النيابية المبكرة على الرئاسية، قد تشكل وسيلة ديموقراطية للخروج من الجمود القائم في البلاد. فالآليات التي تحكّمت بالعملية الإنتخابية والإستمرار في احتساب الثلثين نصاباً دستورياً لأيّ جلسة انتخاب عطل أهمية الإنتخاب بالأكثرية المطلقة، أي النصف زائداً واحداً، وهي آلية لا يمكن أن تؤدّي الى انتخاب رئيس جديد بفعل العجز المحقَّق عن الخروج من حدة الإصطفاف النيابي.

في مقابل اصحاب هذه النظرية التي لا يمكن قبولها بسهولة في نظام برلماني ديموقراطي كالنظام اللبناني، هناك مَن يرى انّ هذه النظرية ساقطة قبل التداول بها. لكن وفي حال التسليم بها، ستصطدم في نتائجها بحقيقة كبرى تحكمت بنتائج الإنتخابات السابقة وهي الكتلة الشيعيّة المتراصة بثنائيتها المصطنعة ربما، والتي أقفلت ابواب الطائفة على كلّ اشكال الرأي والرأي الآخر، فباتت سدّاً منيعاً في مواجهة أيّ تحالفات أخرى من طوائف محدّدة او من كل الطوائف فسيّان. 

وما بين ضفتَي الداعين الى الإنتخابات المبكرة ورافضيها، ثمّة مَن يعتقد أنّ هذا الطرح ليس أوانه ولن يُقرّ به أحد، فالكتلة الشيعية المتراصة تنهي مفاعيل أيّ أكثرية جديدة ما لم تكن من صلبها، ولذلك أيّاً كانت النتائج المترتبة على انتخابات نيابية مبكرة لن تشكل منفذاً الى حلول قبل أن تتحقق التعدّدية الشيعية، كما هي على المستوى السنّي ولو لم ترتقِ الى المستوى المسيحي. وبالتالي هل يمكن لمجلس نيابي يمدّد لنفسه القبول بانتخابات نيابية مبكرة؟