Site icon IMLebanon

هل بمستطاع «حزب الله» النأي بنفسه تماماً عن الحرب الراهنة؟

 

صعب للغاية تخيّل دخول «حزب الله» عسكرياً على خط المواجهة مع العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين. من الخطأ مع ذلك استبعاد الأمر بصورة قاطعة. أن تكون العلاقة بين «حزب الله» وحركة «حماس» على جانب من الفتور على خلفية موقف الأخيرة في سوريا، فهذا لوحده سيف ذو حدّين. طبعاً، انهماك «حزب الله» في الحرب السوريّة والتداعيات الأمنية لذلك في الداخل اللبناني تعوق الى حد بعيد هامش المبادرة العسكرية للحزب على جبهة الجنوب، وتوجيه التعبئة الأيديولوجية ضد «الارهاب التكفيري» مع تصويره كخطر وجودي مذهبياً له تبعاته كذلك الأمر.

لكن ذلك كله يقلّل ولا يلغي احتمال دخول «حزب الله» في المعركة الدائرة رحاها اليوم، وهذا يخضع بشكل أساسي للحظة التفاوض والتسوية حول الملف النووي الايراني، ولمجرى المواجهة بين آلة الحرب والتدمير الاسرائيلية وبين الترسانة الصاروخية لحركة «حماس».

في الحقيقة أنّ «حزب الله» اليوم أمام ثلاث جبهات، يشارك في واحدة بشكل أساسي، سوريا، وله رجل في جبهة ثانية، العراق، فيما كل عباءته كمقاومة رهنٌ بأن يصيغ على الأقل شيئاً نافعاً ومُرضياً يتعلّق بإسهامه الراهن في المسألة الفلسطينية.

فأن لا يكون الحزب قابلاً بتسووية حركة فتح ومنظمة التحرير، وأن يكون متصدّع العلاقة بحماس بعد موقفها في سوريا، وأن تكون ثماني سنوات مضت على حرب تموز، فيما هو يواصل تدخلاً في الحرب السورية منذ أكثر من عام، فكل هذا يتمخّض عنه وضع غير مريح بالنسبة الى حزب سبق لزعيمه أن سوّغ للمشاركة في الحرب السورية، حيناً بالطلب من مقاتليه أن يكونوا على أهبّة الاستعداد لفتح الجليل، وحيناً آخر بأنْ يتأهبوا لتحرير الجولان. طبعاً، تضاف الى كل ذلك سلسلة من الغارات الاسرائيلية في العمق السوري طاولت أهدافاً للنظام وللحزب، وتوعّد مزمن للحزب بالرّد، يُضاف الى وعده «ما بعد الصادق» بـ«الحرب المفتوحة».

استراتيجياً، وأياً يكن موقف «حماس» في سوريا، لا يمكن فصل العدوان الاسرائيلي عن مسار الملف النووي الايراني واستحقاقاته الوشيكة، وهذا بحدّ ذاته يبقي مجالاً، غير راجح لكنه جديّ، لاتساع رقعة العدوان، بصرف النظر عن الطرف الذي سيكون مبادراً لهذا التوسيع.

لأجل ذلك، فعندما يُعاب على الحزب ابتعاده عن جبهة الصراع العربي – الاسرائيلي وغرقه في الصراع المذهبي وفي دعم نظام استبداد وغلبة فئوية في سوريا، فهذا له حدوده. ومثلما ان الاستقرار اللبناني الجزئي والهش لا يمكنه الاطمئنان الى ما لا نهاية الى بقائه في منأى عن تمدّد الحريق السوري العراقي بشكله المستعر والشامل اليه، كذلك لا يمكن للاستقرار الهشّ عينه أن تبنى حساباته على ان الترسانة الصاروخية للحزب «محيّدة». التندّر على الظروف التي تجعل الحزب لاهياً عن القضية الفلسطينية، وفي موقع تفكيك منصات صواريخ ليست له جنوباً، ينبغي ان يترافق مع حذر حقيقي. وفي كل الحالات، ليس قليلاً أبداً أن يكون العدوان وقع مرة ثانية على غزة في غضون عامين، و«حزب الله» بحكم من ينأى بنفسه. لهذا تداعياته، خصوصاً عند من يرفع شعارات لتحرير الجولان والجليل، ويملك سياسة سورية، وأخرى عراقية، في حين تبقى سياسته الحالية حيال الموضوع الفلسطينيّ .. «معلّقة» أو «مؤجّلة».