هل تؤدي الخلافات على «تفسير الصلاحيات» إلى تعطيل السلطة التنفيذية بعد التشريعية؟
حسن خليل: لا شرعية للحكومة بعد تعطيل مجلس النواب وسلام: لحوار هادئ
مصير 108 آلاف طالب رهن موقف النواب من السلسلة ولا امتحانات جامعية
يبدو ان وزراء 8 اذار والوزراء المسيحيين متفقون على الخلل في ميثاقية الحكومة وشرعيتها، لكن النظرة الى ميثاقية الحكومة وتفسير هذا الامر يختلفان عند الفريقين. فالوزراء المسيحيون يعتبرون ان لا شرعية للحكومة وللمجلس النيابي بعد شغور الموقع الرئاسي الماروني الاول. فيما وزراء 8 اذار وتحديدا وزير المال علي حسن خليل يعتبرون ان لا شرعية للحكومة بعد تعطيل عمل مجلس النواب، وبالتالي هل تؤدي الخلافات على تفسير الصلاحيات بعد الشغور الرئاسي والموقف المسيحي بتعطيل السلطة التشريعية، الى تعطيل السلطة التنفيذية وحصول شلل تام وفراغ في المؤسسات، خصوصا ان وزراء 8 اذار يؤكدون ايضا على أن تعطيل عمل المجلس هو تعطيل لكل المؤسسات وضرب لمسار عمل الدولة؟
حكومة الرئيس تمام سلام بدأت بمواجهة الالغام حول آلية تنفيذ الصلاحيات الرئاسية المنتقلة الى الحكومة. فاللغم الأول حول الصلاحيات لم يتم تفكيكه كاملاً أمس، على ان يستكمل النقاش فيه نهار الثلثاء المقبل، بعد ان فشل مجلس الوزراء رغم النقاش الهادئ والايجابي في الاتفاق على موضوع توقيع القرارات خلال الجلسة وهل هذا الحق لـ24 وزيرا او للثلثين او للنصف زائدا واحدا، وايضا لم يتم حسم ملف جدول الاعمال ومن يضع الجدول، وتبين من خلال النقاشات ان الخلافات عميقة حول تفسير الدستور في ظل غياب المراجع القانونية عن الحكومة القادرة على تفسير الدستور باستثناء بعض الوزراء، حيث انقسم مجلس الوزراء بين فريقين، فرئيس الحكومة دافع عن حقه في التوقيع على القرارات وجدول الاعمال وتوجيه الدعوة، مستندا الى المادة 62 من الدستور التي تقول ايضا «ان اطلع رئيس الجمهورية على جدول الاعمال، فان كانت لديه ملاحظات عليه اتشاور معه فيها» والمادة 62 واضحة لجهة التأكيد بأن يتولى مجلس الوزراء بالوكالة صلاحية رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي.
واللافت، حسب مصادر وزارية، فان انعقاد جلسة مجلس الوزراء امس وفي حضور جميع الوزراء، بدا حالة ايجابية واتجاهاً لدى كل الاطراف لعدم تعطيل المؤسسات والتأكيد على ان الخلافات ليست بالظاهرة الجديدة في العمل الحكومي في لبنان، وحتى في ظل وجود رئيس الجمهورية كانت الخلافات قائمة حول كل القضايا، وتعطل احيانا كثيرة مجلس الوزراء او مددت جلساته حتى منتصف الليل.
وكشفت مصادر لـ«الديار» عن اتصالات جرت على اعلى المستويات بين وزراء حزب الله والمستقبل والتيار الوطني الحر، وكان الرئيس تمام سلام في اجوائها خلال الساعات الـ48 الماضية وافضت الى حضور وزراء التيار الوطني الحر جلسة مجلس الوزراء امس على ان يقتصر النقاش في كيفية عمل الحكومة في مرحلة الشغور الرئاسي وعدم التطرق الى جدول الاعمال، واشارت المعلومات الى ان ارسال جدول اعمال الحكومة الى الوزراء قبل 72 ساعة من موعد عقد جلسة امس وليس قبل 48 ساعة كما هي العادة، اعتبره الوزراء المسيحيون بادرة ايجابية من الرئيس سلام وتم النقاش حول هذه القاعدة التي تسمح للوزراء بدرس القوانين وابداء ملاحظاتهم، وبالتالي يتم ادراج القوانين المتفق عليها مسبقا وابعاد الملفات الخلافية، وهذا يعني التوافق المسبق على جدول الاعمال الذي يجب ان يكون محصورا بنقاط معينة وفي الاطار الضيق مع استبعاد التعيينات الا في الحالات الاستثنائية فقط ومن اجل تسيير امور الدولة، لكن النقطة الخلافية بقيت من يحدد البنود التي يجب ورودها في جدول الاعمال.
اما النقطة الاخرى والتي لم يتم التوصل الى التوافق حولها، فتتعلق بالتوقيع على المراسيم، علما ان الوزير جبران باسيل قدم مطالعة قانونية شاملة اعدها فريق قانوني في التيار الوطني الحر تؤكد بأن انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية تكون لمجلس الوزراء مجتمعا، وبالتالي فان اي مرسوم يحتاج الى امضاء 24 وزيرا للحفاظ على الميثاقية والتوازن وعدم تفرد اي فئة بالقرارات ومنعا لتمرير اي مراسيم تتعلق بمصلحة الدولة العليا، كما تضمنت مطالعة التيار الوطني الحر أن جدول الاعمال يوضع ايضا بالتوافق المسبق وان يكون عمل الحكومة في الاطار الضيق وما يتعلق بمصلحة تسيير شؤون الناس.
وقد ايد وزراء الكتائب مواقف التيار الوطني الحر لجهة توقيع الـ24 وزيرا والتوافق حول جدول الاعمال.
واشارت معلومات الى ان الوزير بطرس حرب كان ايضا من المؤيدين لهذا الاتجاه داعما اياه بحجج قانونية ودستورية من اجل توازن السلطات والحفاظ على الصلاحيات مع الاختلاف بالممارسة مع وزراء التيار الوطني الحر.
وتضيف المعلومات ان بعض الوزراء طرحوا ان يكون توقيع الـ24 وزيرا على المراسيم التي تتعلق بمصلحة الدولة العليا كمرسوم دعوة الهيئات الناخبة او التمديد لمجلس النواب وشؤون الدفاع والهبات وغيرها من المراسيم التي تطال الميثاقية، في حين طالب وزراء اخرون بأن يكون توقيع المراسيم بالثلثين وهناك من طرح بالنصف زائدا واحدا وتشعبت النقاشات، وقدم كل وزير حججه الدستورية من موقفه، وتعددت التفسيرات خصوصا ان وزراء استندوا في حججهم الى مراجع قانونية حول تفسير مواد الدستور، ومن الطبيعي ان يبقى الخلاف طالما توجد تفسيرات متعددة.
وحسب المعلومات، فان جميع الوزراء اكدوا ان خلو سدة الرئاسة شكل حالة من الخلل الدستوري والسياسي التي من شأنها في حال عدم التصدي لها ان تلحق الضرر بمصالح الشعب اللبناني بكل مكوناته، وان خلو سدة الرئاسة بقدر ما يشكل حالة تفرض على الجميع العمل الحثيث للسعي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بقدر ما يفرض على مجلس الوزراء القيام بالواجبات التي يستوجبها تأمين مصلحة البلد العليا، علما ان وزراء حزب الله وامل والاشتراكي، اجمعوا على ضرورة النقاش الهادئ مع الحفاظ على عمل مجلس الوزراء واستمرار الجلسات حرصا على مصلحة المواطنين. واكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن ان الامور متجهة الى التوافق والجو في البلد جو تهدئة وتوافق وايجابية، وتم تحديد النقاط التي يجب الاتفاق عليها. وهذا ما اشار اليه وزير العدل اللواء اشرف ريفي بأن الجميع حريصون على استمرار الاجواء الايجابية والبناءة والتوافقية، فيما دعا الوزير وائل ابو فاعور الحريصين على اجراء الانتخابات الرئاسية الى النزول الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد وعدم اثارة مشاكل لاحداث الفراغ في الحكومة والمجلس النيابي، في اشارة منه الى وزراء التيار الوطني الحر.
وقالت مصادر الرئيس تمام سلام لـ«الديار» ان الاجواء كانت ايجابية وهادئة والنقاش في العمق وسيستكمل في جلسة مجلس الوزراء الثلثاء على آلية التوقيع على المراسيم ما بعد الشغور الرئاسي.
وكشفت مصادر وزارية مسيحية لـ«الديار» ان موضوع جدول الاعمال لمجلس الوزراء لم يحسم ايضا خلافا لما تردد، وقد جرى البحث بصيغة ارساله قبل 72 ساعة وليس 48 ساعة. لكن هذا الامر ليس هو المشكلة بل المشكلة في من يتولى صلاحية الرئيس.
وتشير المعلومات الى ان وزراء التيار الوطني الحر والكتائب لم يوافقوا على ان يضع الرئيس سلام جدول الاعمال وارساله الى الوزراء لابداء الملاحظات على هذا المشروع او ذاك، فيما المفروض ان يتم التوافق مع سلام على مشاريع القوانين التي يجب ان تدرج على جدول الاعمال مسبقا.
وتشير المعلومات المؤكدة الى ان الوزراء المسيحيين وفي ظل الشغور الرئاسي، متفقون جميعا على رفض التشريع الا فيما يتعلق بقانون الانتخابات وحصر عمل مجلس الوزراء في اطار ضيق جدا ومتعلق بتسيير شؤون الناس فقط حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا هو جوهر الخلاف وليس كما يعتقد البعض حول تفسيرات دستورية.
موضوع الانتخابات السورية
من جهة اخرى، اثار الوزيران ميشال فرعون واكرم شهيب ما جرى امام السفارة السورية، وتخوف شهيب من احتمال احداث امنية لحظة اتجاه السوريين المقيمين في لبنان للانتخاب يوم 3 حزيران المقبل مطالبا بتوضيح حول ما حصل.
تصعيد هيئة التنسيق والاضراب المفتوح
وفي موازاة جلسة مجلس الوزراء، فان قرار هيئة التنسيق بالاضراب، طغى على كل اهتمامات الناس، حيث اصبح موضوع الامتحانات الرسمية على كف عفريت وهم الطلاب الذين سيتقدمون الى هذه الامتحانات واهاليهم يكبر ولا يعرفون مصير العام الدراسي، وكيف سينتهي في ظل التصعيد الذي اقرته هيئة التنسيق النقابية في اجتماعها بعد ظهر امس، حيث طالبت بإقرار السلسلة قبل 6 حزيران المقبل والا ستحمّل النواب مسؤولية شل القطاع العام ومقاطعة الامتحانات الرسمية على انواعها بدءا من 7 حزيران المقبل وهو الموعد المحدد لبدء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة (البريفيه).
وحددت لجنة التنسيق النقابية برنامج تحركها التصعيدي عبر تنفيذ الاضرابات والاعتصامات وعقد الجمعيات العمومية، خصوصا في 7 حزيران حيث سيتم تنفيذ اضراب واعتصام امام المديرية العامة للتعليم المهني والتقني في الدكوانه، علما ان اضراب هيئة التنسيق يشمل موظفي القطاع العام في كل لبنان.
في هذا الوقت، حذر وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بعد اجتماعه برئيس الحكومة تمام سلام من وضع 108 آلاف طالب رهينة طالبا بإقرار السلسلة قبل موعد الامتحانات.
في المقابل، اعلن الاساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية ان لا وضع اسئلة ولا امتحانات الا بعد اقرار احقية ملف التفرغ ولا تصحيح قبل ان يصحح المسؤولون اوضاعنا وان يقر مجلس الوزراء قانون التفرغ.
واشارت المعلومات الى ان اللقاء بين رئيس الحكومة والوزير الياس بو صعب في شأن تفرغ اساتذة الجامعة اللبنانية لم يكن ايجابيا في ظل مطالبة الرئيس سلام بالتدقيق في هذا الملف بعد ان وصل عدد الاساتذة المتفرغين الى 921 استاذا، مما يشكل عبئا ماليا كبيرا على الدولة.