ظروف الانتخابات لم تكتمل.. وتعطيل المؤسسات بلا جدوى
هل تتخلى السعودية عن ترشيح جعجع؟
انتهت ولاية ميشال سليمان عملياً، وأما رئيس الجمهورية الجديد فسيبقى مجهول الهوية الى ان يقضي الامر الاقليمي والدولي بإخراج الرجل المحظوظ من غرفة العتمة وتنصيبه رئيسا.
السؤال البديهي يبحث عن المدى الذي ستبلغه فترة الشغور الرئاسي، لا بل ما هو المدى المسموح به لهذا الشغور، ام ان الامور ستنحى في اتجاه «فراغ جدي»، في ظلّ ما يتردد عن توجّه مسيحي للتعطيل الشامل حكوميا ونيابيا كوسيلة ضغط للتعجيل بانتخاب رئيس الجمهورية؟
وثمة اجابات سريعة: هل يستطيع المسيحيون التعطيل أصلا، فإن قررت بكركي ان تقود هذا المسار، فهل سيلحق بها رعاياها وخصوصا الاقطاب؟
ظاهر الامور على الخط الرئاسي، كما باطنها، يؤكد ان لا مفاجآت خلال الايام الخمسة المتبقية من عمر الولاية الرئاسية، ولكن بكركي ما زالت تعوّل على مفاجأة تسقط على الخط الرئاسي في ربع الساعة الاخير من الولاية، وتأخذ في الاعتبار الاشارة الصادرة عن الرئيس نبيه بري في هذا الاتجاه. وحال بكركي هذا يتقاطع مع توجه مريدي سليمان الذين يرفضون اغلاق باب «الاحتمالات الايجابية»، حتى ولو كانت مستحيلة التحقيق، اذ يرى هؤلاء ان هذا الباب يجب ان يبقى مفتوحا حتى اللحظة الاخيرة!
على ان الوقت يمر ببطء شديد على ضفة تحالف «8 آذار»، فهي تنتظر من جهة، انقضاء الايام الخمسة لمغادرة سليمان قصر بعبدا، وتترقب من جهة ثانية الحراك السعودي الذي دبت فيه الحيوية فجأة سواء بحركة السفير في لبنان وما يستبطنه من «كلام في مجالس» غير «الكلام على المنابر»، او باللقاءات التي يجريها وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل مع بعض اللبنانيين من سياسيين ومرشحين ما بين الرياض وباريس.
صحيح ان السفير السعودي يتحدث عن استحقاق رئاسي لبناني بامتياز ورئيس من صنع لبنان ومن دون تدخلات خارجية، الا ان السعودية هي في قلب الاستحقاق وتفاصيله الدقيقة، وليست بعيدة لا عن ترشيح سمير جعجع ولا عن الحوار البلا نتائج بين ميشال عون وسعد الحريري.
وينقل «ضيف لبناني» عاد من السعودية مؤخرا أن «الاميركيين هم الذين يديرون اللعبة الرئاسية في لبنان» ويضيف: «الحوار بين ميشال عون وسعد الحريري جيد، ولكن ليست هناك وعود لعون، وليس صحيحا ان عودة الحريري الى رئاسة الحكومة في لبنان مرتبطة بوصول عون الى رئاسة الجمهورية، كما ان الحريري يدرك انه لا يستطيع ان يغدر بحلفائه ويتبنى ترشيح عون، ويدرك ايضا ان انتخاب عون معناه تقديم انتصار لحزب الله وايران وبشار الاسد. وبالطبع هزيمة نكراء لفريق 14 اذار».
على ان وصول الولاية الرئاسية الى نهايتها، سيفرض تعديلا حتميا في المقاربة السعودية للاستحقاق ومن زاوية السعي للتعجيل في انتخاب الرئيس الجديد، لأنه كلما طال امد «الشغور» في موقع الرئاسة، فتحت ابواب الاحتمالات السلبية، علما ان المملكة ترفض الحديث عن «فراغ» بوجود حكومة تمام سلام التي يمنحها الدستور اللبناني صلاحية ملء الفراغ في الرئاسة.
معنى ذلك، كما تضيف تلك المقاربات، ان السعودية التي نزلت فجأة، من قمة التصعيد خلال مخاض تشكيل الحكومة، الى قمة التسهيل، بالاضافة الى دورها في تبريد الخطاب السياسي، ستستكمل ذلك المسار على الخط الرئاسي.
في الأساس لو كانت ظروف التمديد لميشال سليمان متوفرة، فإن في السعودية ترحيبا وتشجيعا لان سليمان موثوق جدا من قبلها.
ولكن مع طي صفحة التمديد نهائيا، فإن السعودية تجد نفسها امام مقاربة الواقع اللبناني بما يتناسب مع حرصها على الاستقرار فيه اكثر من اي وقت مضى، ومع الايجابيات التي ترسلها باستمرار اتجاه لبنان، والتي تجلت اخيرا باعادة السفير الى لبنان ومن ثم رعاياها، متجاهلة كل الاعتبارات التي حملتها في لحظة ما الى سحب السفير وطلب مغادرة الرعايا وحظر سفرهم الى لبنان.
وهذا معناه، ان المقاربة السعودية لمرحلة ما بعد سليمان لن تكون صدامية، ولا تنطوي على طروحات استفزازية لاي طرف داخلي، وبالتالي فإن اول غيث تلك المقاربة سيكون التخلي عن دعم ترشيح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية وعن اي مرشح آخر من «14 اذار»، وهذا لا يعني التنازل لصالح تبني ترشيح ميشال عون، بل لصالح «مرشح التسوية» الذي سيتولد عن الحوار والتفاهم اللبناني الاقليمي الدولي. والموقف السعودي لا يخرج عن سياق الموقف الاميركي، بل هو جزء منه. ولكن حتى الآن، وبحسب كلام سعودي مسؤول سمعه احد الوزراء البارزين مؤخرا، فإن «ظروف الانتخابات الرئاسية في لبنان لم تكتمل بعد، وتحتاج الى فترة لا بأس بها لانضاجها وبلورة الاسم المناسب لرئاسة الجمهورية».