Site icon IMLebanon

هل تحتمل تضحيات الجيش اللبناني أيّ تسوية مع الإرهابيين المجرمين؟

هل يكفي أن يكون كل لبنان مع الجيش اللبناني وجنوده الذين يقدمون بطولاتهم وتضحياتهم قرباناً على مذبح الوطن من أجل انقاذه وحماية شعبه من براثن الهمجية الأصولية التكفيرية التي تهدد الكيان اللبناني بتعدده وتنوعه الديمقراطي الحضاري بتاريخه ووجوده ومستقبله، أم إن المطلوب مع هذا التضامن الوطني حراك سياسي ومدني وشعبي من أجل مساءلة ومحاسبة من تآمر على الوطن وتلكأ عن القيام بأبسط موجباته لإحتضان المؤسسة العسكرية ودعمها ومؤازرتها، وأيضأ من أجل رفض أي تسوية سياسية مع الإرهابيين المجرمين على حساب دماء الشهداء والجرحى الزكية للجنود اللبنانيين الذين سقطوا دفاعاً عن الحرية والكرامة والسيادة الوطنية للبنان وشعبه.

وفي هذا الإطار أبدت مصادر دبلوماسية مطلعة عن قلقها من مسار الأوضاع الهشة في لبنان والتي يمكن أن تتدهور إلى ما لا تحمد عقباه فيما لو أن القرار السياسي الحاسم والجامع في ضرب بؤر الإرهاب ومؤازرة المؤسسة العسكرية في حربها الضروس ضد قوى التطرف والتكفير قد تزعزع أو تخلخل أو تراجع سيما أن الحديث عن عدم وجود بيئة حاضنة للإرهابين التكفيريين لا يعني بأن لبنان لا يوجد في داخله بؤر وخلايا ارهابية استفادت في المرحلة الماضية من الإنقسام السني – الشيعي العامودي الحاد في البلاد ومن الخطاب التحريضي الذي استخدمه على نطاق واسع الكثير من قياديين بارزين في الشارع السني الذي وصل إلى مرحلة خطيرة من الشعور بالإحباط والغبن الأمر الذي جعل جزء ولو ضئيل من هذا الشارع ينحرف باتجاه التعاطف والتأييد للحراك الأصولي المتطرف التكفيري ولعل ما شهدته منطقة عبرا في ضواحي مدينة صيدا على يد تنظيم أحمد الأسير الإرهابي وما حصل ولا يزال مستمر في مدينة طرابلس التي تشهد شوارعها يوميا اعتداءات ممنهجة من القوى الأصولية التكفيرية على مواقع وجنود الجيش اللبناني هذا بالإضافة إلى أن بعض الإنتحاريين الذي جرى استخدامهم من قبل قيادات التنظيمات الإرهابية لتنفيذ تفجيرات انتحارية في الداخل اللبناني كانوا من اللبنانيين منهم على سبيل المثال الشاب اللبناني من منطقة صيدا الذي فجر نفسه على أبواب السفارة الإيرانية فهذا الشاب الذي جرى تأطيره وجذبه ضمن بوتقة هذا الفكر الضلالي هو ينتمي إلى عائلة لبنانية عريقة لطالما اشتهرت بإعتدالها وحسن تعايشها مع محيطها وجوارها المتنوع والمتعدد.

المصادر أشارت الى ان التطورات العسكرية على جبهة عرسال تضع لبنان وأمنه واستقراره أمام تحديات أمنية مفصلية خطيرة خلال الأسابيع القادمة خصوصا أن الضوء الأخضر المعطى للجيش اللبناني للقضاء على الإرهابيين يجب ألا يكون مقيداً بسقف زمني يحاول البعض فرضه بطريقة أو بأخرى على المؤسسة العسكرية، وكذلك أن الضوء الأخضر المعطى للجيش اللبناني في حربه لإستئصال الإرهابيين يجب ألا يكون محفوفاً بأفخاخ المبادرات السياسية الملغومة التي من شأنها أن تطيل المواجهات التي من شأنها أن تستنزف وترهق قوة المؤســسة العسكرية وقدراتها الميدانية، والتي من شــأنها أيضاً أن تفسح في المجال أمام الإرهابيين للتوصل إلى اتفاق يتيح لها الخروج من بلدة عرسال في حين أن المطلوب هو استسلام جميع العناصر الإرهابية وتوقيفها من قبل المؤسسات الأمنية والقضائية اللبنانية وليس فقط مجرد تمكين تلك الجماعات المسلحة من الخروج من عرسال في حين أن المؤسسة العسكرية قد تمكنت خلال الســاعات الماضية من استعادة زمام المبادرة على أرض المعركة في عرسال حيث نجحت في تحــقيق تقــدم ثابت على كافة المحاور بالإضافة إلى نجاح عنــاصر الجــيش المقاتلة من إلحاق خسائر بشرية فادحة في صفوف الإرهابيين التكفيريين الذين ينــاورون ويحــاولون الإسـتفادة من أي مبادرة سياسية من شأنها أن تشكل مرساة النجاة لهم للخروج من عرسال على الرغم من كل الموبقات والإرتكابات التي اقترفوها بحق الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والمدنيين.

واكدت المصادر ان دور الجيش وقوته التي أظهرها في مواجهة الإرهابيين تركت ارتياحا لدى المجتمع الدولي الذي يتابع بدقة ما يجري على أرض لبنان وهناك اتصالات دبلوماسية داخلية وخارجية مكثفة جارية على قدم وساق وعلى أعلى المستويات لتوحيد الموقف الدولي الداعم للبنان في حربه على الإرهاب ولبحث شتى الوسائل الآيلة لتقديم كل مساعدة ممكنة للجيش اللبناني كي يكون في وضع أفضل وأكثر فعالية وقوة في توجيه الضربات اللازمة لإستئصال أوكار المسلحين الإرهابيين الذين يقاتلون على أرض بلدة عرسال وجرودها خصوصا أن المجتمع الدولي يدرك مدى خطر هؤلاء المسلحين وقدراتهم القتالية التي تستدعي تحركا دوليا سريعا يفضي إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني .

المصادر أشارت الى ان ما يقال في كواليس أروقة سفراء الدول الكبرى في بيروت لا يبعث على الإطمئنان أبدا سيما أن هناك مخاوف جدية من توسع رقعة الحرب على الإرهاب من عرسال إلى مناطق أخرى بهدف جر البلاد أكثر نحو الحرب المذهبية السنية ـ الشيعية خصوصا أن الأرض الخصبة لإستجرار الفتنة حاضرة لمثل هذا السيناريو سيما أن هناك بعض النواب المحسوبين على فريق سني أساسي في البلاد لا يوالون، يحرضون وينفخون في نار الفتنة في حين أن المطلوب من القيادات السنية الوطنية الحكيمة والواعية والعقلانية أن يكون لها دور وحراك أكثر فعالية على الأرض لضبط الشارع ووأد الخطاب المذهبي التحريضي الذي يترك أثارا سلبية على قدرة الدولة اللبنانية وأجهزتها ومؤسساتها في التصدي للحرب الضروس التي يخوضها جيش لبنان عن كل اللبنانيين من أجل أن ينجو لبنان من الحرب الأهلية الذي هناك على ما يبدو والأسباب مرتبطة بحسابات غوغائية ومصالح آنية ضيقة من يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء على صعيد عودة الحرب الأهلية إلى لبنان من بوابة الفتنة السنية ـ الشيعية كي تصبح الساحة اللبنانية مرتعا مستباحا لشتى التنظيمات الأصولية التكفيرية الظلامية.

المصادر لفتت الى ان المخاوف الناتجة عن حرب عرسال التي يخوضها الجيش لا يقتصر خطره فقط على منطقة البقاع بل أن تداعياتها يمكن أن تصيب كافة المناطق الداخلية خصوصا أن هناك ثمة معلومات متداولة تشير بأن المخطط الإجرامي الجهنمي الذي يضرب لبنان قابل للتصعيد والتوسع والإنتشار نحو مناطق أخرى قد تشهد عمليات عسكرية ومواجهات طاحنة بين القوى الأمنية اللبنانية وبؤر المسلحين الإرهابيين حيث يبدو وكما ينقل عن بعض الديبلوماسيين المرموقين في حراكهم ومواكبتهم للأحداث الجارية في لبنان والمنطقة بأن هناك قوى خارجية تسعى إلى حرف الأنظار عن ما يجري من ارتكابات وفظاعات في غزة بحق المدنيين الفلسطينيين الأبرياء على يد القيادة الإسرائيلية المجرمة، وبالتالي ليس من المستبعد أن يكون هناك مخطط لنقل المشهد المشتعل في المنطقة وما يخطط لها من مؤامرات عدوانية لا سيما في سوريا والعراق إلى قلب لبنان.