هل تستنسخ التجربة القبرصية بانتخاب المطران مكاريوس لبنانياً؟ كيري اعترف بـ «حزب الله» قوة اقليمية وغمز من قناة بري جنبلاط طلب من هيل تأمين لقاء مع كيري
كان امس الاول يوماً استثنائياً على الساحة المحلية وهذه الاستثنائية لا تتمثل بزيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري لبيروت بل بما خلفته من علامات استفهام واسئلة باتت عملة متداولة في البورصة السياسية وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
ولعل اللافت والبارز في هذه الزيارة لقاؤه بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي واضعاً اياه بموازاة رئيسي المجلس والحكومة ما يذكر برئاسة المطران مكاريوس في قبرص وامكانية استنساخ نسخة لبنانية عن ذلك، ما دفع المراقبين الى التساؤل لماذا استثنى كيري الاقطاب الموارنة كالجنرال ميشال عون والدكتور سمير جعجع والرئيس امين الجميل، ما يشير الى تحول ما في الخارجية الاميركية حيال الوضع في لبنان. فالراعي الذي قام بزيارة رعوية الى الولايات المتحدة الاميركية عشية انتخابه لاشغال السدة البطريركية، لم تؤمن له اية مواعيد مع صناع القرار في الادارة الاميركية على خلفية تصريحاته من الاليزيه حول «السيء والاسوأ» في الاحداث السورية، ما يشير الى ان اختيار كيري للقاء الراعي يؤكد حصول تحولات كبرى في الخارجية الاميركية من خلال مقاربة ملفات المنطقة وما تركته «الفوضى البناءة» من دمار لا يتصوره عقل بشري سواء في ليبيا ام في سوريا، ويبدو ان الخارجية الاميركية بدأت تعيد حساباتها في المنطقة .
وتضيف الاوساط، ان كيري الذي دعا روسيا و«حزب الله» للعمل على ايقاف الحرب في سوريا اعترف بالحزب قوة اقليمية لا مجال للحلول خارج حساباته، ولعل اللافت ان وزير الخارجية الاميركي لم يتحدث بعدائية تجاه «حزب الله» ما يعني ان ثمة تقاطعات في المصالح بين الطرفين حول ضرورة محاربة التكفيريين من «جبهة النصرة» و«داعش» خشية ارتدادات مشتقات «القاعدة» على الغرب برمته لا سيما ان عصب التكفيريين في سوريا هم شذاذ آفاق قدموا اليها من كل انحاء الارض وخصوصاً من اميركا واوروبا واعترفت الادارة الاميركية، لاول مرة بان صاحب التفجير الكبير لاحدى الشاحنات المفخخة في سوريا هو اميركي الجنسية .
وتقول الاوساط ان البارز في المواقف التي اطلقها كيري دعوته الى انتخاب رئيس قوي «كامل الصلاحيات» ما يعني موافقة ضمنية اميركية على تعديل دستور «الطائف» واستعادة الرئاسة الاولى بعض الصلاحيات التي انتزعت منها ما يسمح بتسيير العجلة السياسية كما يجب. اما كلامه عن رئيس مجلس يستجيب لحاجات الشعب اللبناني، فاعتبر غمزاً من قناة رئيس مجلس النواب نبيه بري كما ان كيري ذكر من السراي الحكومي ومن عين التينة بالصداقة الاميركية – الاسرائيلية .
وتتساءل الاوساط، عما اذا كان اللقاء الذي جمع العماد ميشال عون ببري واستبقاؤه على مائدة الغداء من قبل الاخير مقصودين من حيث التوقيت. لا سيما ان علاقة الجنرال بالادارة الاميركية مرت بكثير من المحطات العدائية ابان الحرب الاهلية حيث طرد عون السفير الاميركي من عوكر واغلق السفارة آنذاك كما ان الجنرال لا ينسى ان الاطاحة به من القصر الجمهوري عبر القوات السورية لم تتم الا بضوء أخضر اميركي، حيث عاش في المنفى الباريسي مدة 15 عاماً واعاد التواصل مع الادارة الاميركية من خلال الشهادة التي ادلى بها في الكونغرس الاميركي حيال قانون معاقبة سوريا .
وترى الاوساط ان الغائب الاكبر عن لقاء كيري رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي التقى المبعوث الاميركي السابق ريتشارد مورفي قبل سفره الى باريس في زيارة عائلية قد يجتمع فيها بالرئيس سعد الحريري .
وتقول مصادر اشتراكية ان جنبلاط طلب من السفير الاميركي ديفيد هيل تأمين لقاء له مع كيري، الا ان الامر لم يحصل ولو تمت الموافقة على ذلك لكان جنبلاط قطع زيارته الى باريس لاستشراف المتغيرات في السياسة الخارجية الاميركية واتجاه البوصلة في المرحلة القادمة .