تخوف من مرشّح يسدد فواتير انتخابه
هل تكون التسوية برئيس وحكومة وقانون انتخاب؟
شكّل شغور موقع رئاسة الجمهورية مناسبة للاعلام العالمي ليتذكر لبنان في تقاريره.
خبر مقتضب يتضمن الواقعة مع اضاءة سريعة على التعقيدات اللبنانية. نقطة الاجماع الاساسية تمحورت حول عبارة واحدة: يصعب التكهن بموعد انتخاب رئيس جديد. صعوبة التكهن؟ جملة يفترض ان تستدعي الاحساس بالخزي من كل الطبقة السياسية. وكأن الانتخابات تحتاج الى الاستعانة بالتنجيم وقراءة الغيب وفتح المندل.
وحتى لو حصل وتمت الاستعانة بـ«نوستراداموس».. يصعب التكهن بالموعد المحدد! اما اسم الرئيس ففي علم الغيب و.. العيب.
تتخوف اوساط كنسية من ان «ننتهي الى رئيس امر واقع. رئيس يدير الازمة، يرضي الجميع ولا يرضي احدا. رئيس يقدم التنازلات سلفا ويمضي سنواته الست القادمة في تسديد الفواتير لمن نصّبوه. رئيس ضعيف في دولة متهالكة متآكلة ضعيفة». وتؤكد ان «لبنان لا يحتمل مثل هذا الرئيس».
وهل يحتمل لبنان رئيسا «قويا»، خصوصا انه يُنقل عن النائب وليد جنبلاط قوله ان الرؤساء الموارنة الذين كانوا «اقوياء» في طائفتهم جروا البلاد الى حروب قاتلة؟
تعتبر الاوساط نفسها ان «تحميل اي رئيس للجمهورية وحده، مسؤولية اي حرب في لبنان افتراء وتجن. فلا يتحمل الرئيس كميل شمعون وحده ثورة 1958. مشاكل العرب ومحاولات بسط نفوذهم وتمدد صراعاتهم على ارضنا، تقاطعت مع طموحاته بالتمديد وكان التصادم. كما لا يمكن لعاقل ان يقتنع انه لو وجد غير سليمان فرنجية على رأس الجمهورية سنة 1975 لتغيّر مصير البلد الذي كانت كل عناصره تغلي مضافا اليها العنصر الفلسطيني وضغوط الدول. ومنذ الاستقلال لم يمارس اي رئيس قوته عمليا، اذا جاز استعمال تعبير القوة في هذا السياق».
وبالعودة الى مواصفات الرئيس والاسماء المتداولة تتحفظ الاوساط الكنسية «على التوصيفات التي تطلق من دون تعمق او اعطاء الكلمات مضامينها الواقعية». تضيف «نريد رئيسا يعرف لبنان جيدا ويفهم تركيبته المعقدة. رئيس منفتح على الجميع من دون اي احكام مسبقة. لكنه في الوقت نفسه حازم وحاسم ولا يزيح عن الثوابت الوطنية. رئيس مسيحي بايمانه، وطني بضميره، انساني باخلاقه. وكل يوم اضافي يمر علينا من دون انتخابات يزعزع امكانية انتخاب مثل هذا الرئيس».
تتداول الصالونات السياسية صفات الرئيس المرتقب بعد ان دخلت الاسماء في بورصة التحليل والاجتهادات. يؤكد سياسي مسيحي وسطي ان «الرئيس المقبل لا يمكن الا ان يكون وسطيا معتدلا على مسافة من جميع الاطراف السياسية». يضيف «لمن لم ينتبه، اننا صرنا في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف وتفاهم الدوحة. بالتالي لا يمكن ان يأتي رئيس الا نتيجة توافقات لبنانية جامعة». يتابع «ليته كان بالامكان تأمين اجماع او حد اعلى من التوافق المسيحي حول الرئيس المفترض. لكن لم يشهد لبنان يوما انتخاب رئيس يحظى بالاجماع لدى المسيحيين. وهذا ليس نقصا او خللا. المهم ان يكون الرئيس قادرا على لعب دور الجسر بين جميع مكونات البلد ودور المحفّز لجمعهم على مشروع وطني واحد».
في موازاة الهواجس والطموح، يلتقي السياسي كما الاوساط الكنسية، على التخوف من «هذه المرحلة الخطرة». فالبلد لا يحتمل الفراغ. و«لا بد ممن يملأه بما يناسب اجندته». وفيما يتخوف بعض الكنسيين من ان «يقودنا الفراغ الى تسويات تأتي بعد تداعيات سلبية امنية او اجتماعية او اقتصادية، على غرار الطائف او الدوحة»، يعتبر السياسي الوسطي ان «الفراغ الذي حصل سابقا لمرتين اعقبته تداعيات سياسية وامنية وخيمة». يضيف «يبقى السؤال المطروح بجدية عالية، هل نحن مقبلون على اهتزاز امني يشرع ابواب الحل السياسي؟ ام اننا نتجه الى تسوية شاملة ومفصلة تضم في جعبتها رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب وسقف العلاقات والصدامات بين اللبنانيين جماعات، طوائف واحزابا؟».
لا يملك احد من اللاعبين المحليين اجابات على هذه الاسئلة. تحول السياسيون الى مستفسرين ومنجمين يسابقون سائليهم عن الاوضاع وآخر اخبار بورصة المرشحين.