هل تُفتح طريق الرئاسة بأخذ المجلس رهينة؟
عون وجعجع للحريري: إما أنا.. أو هو!
فشلت بكركي وأقطاب الموارنة في الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية، لكنهم اجتمعوا على التعطيل، بدءاً من مجلس النواب، وربما الحكومة ومؤسسات اخرى لاحقا.
هل سيؤدي التعطيل الى التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، ام انه سيفتح باب الشغور الرئاسي على ما هو اخطر وأدهى؟
تكمن الاجابة في مقاربة المستويين المارونيين السياسي والروحي للاستحقاق الرئاسي وخلاصتها: مزايدة متبادلة، ودوران البعض حول الطائف.
فكرة التعطيل طُرحت بداية في بكركي وعلى قاعدة «آخر الدواء الكيّ»، اذ ليس مسموحا القبول بشغور الموقع الماروني الاول وترسيخ «سابقة انتحارية للموارنة» بأن تسير عجلة الدولة بمعزل عن الرئاسة الاولى، وبالتالي يُحكم البلد بلا المسيحيين. لذلك فإن تعطيل سائر السلطات والرئاسات سيُشعر الجميع بخطر يتهدد الهيكل الوطني برمته، وسيعجلون، ولو مكرهين، في انتخاب رئيس.
لطالما دعا البطريرك الماروني الى عقد اجتماعي جديد (والمستهدف ضمنا الطائف) وبارك «سلة الصلاحيات» التي طرحها ميشال سليمان قبل ان يغادر بعبدا، وكان اكثر المتحمسين لتمديد ولاية سليمان ولو لبضعة اشهر، وأصرّ على تعديل المادة 62 من الدستور التي تنيط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة الى مجلس الوزراء في حال خلو سدة الرئاسة، علما بأن هذه المادة قد تكون اكثر المواد جوهرية وحساسية وأهمية في دستور الطائف.
وفي الجانب الآخر يتبدى الاصرار البطريركي على الزامية الحضور النيابي لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وذلك بالتوازي مع تفضيل الراعي انتخاب رئيس من خارج الاقطاب يستظل بعباءته ويسير على هديه.
غير ان التعطيل المقرون بالتباكي على «الميثاقية»، والذي يمارسه سمير جعجع، يرمي الى تحقيق ما يلي:
ـ القول انه في موقع المرجعية المسيحية وصاحب الحضور السياسي الوازن ضمن التركيبة السياسية الداخلية الذي لا يمكن تجاوزه بسهولة.
ـ التأكيد انه ماض في معركته.
ـ حشر سعد الحريري مجددا وحمله على التسليم به جديا مرشحا وحيدا ونهائيا لـ«14 آذار»، مطيحا بذلك بآمال حزب «الكتائب» وسائر مرشحي «14 اذار»، وهؤلاء قد يلتقون معه في قطع الطريق على ميشال عون، لكنهم يتهمونه بأنه يغلب مصلحته على مصلحة المسيحيين وكل «14 آذار» برغم ادراكه استحالة وصوله الى رئاسة الجمهورية.
ـ حشر سعد الحريري لوقف ما يعتبره «مهزلة الحوار» مع ميشال عون. فما يتردد حول هذا الحوار لا يسر قلب جعجع، خصوصا ان هناك من يتحدث عن انسجام وقواعد جديدة للعلاقة بين عون والحريري وصولا الى تبادل عروض وافكار.
ـ تعديل دستوري لناحية احتساب نصاب انعقاد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية على اساس النصف زائدا واحدا وليس على اساس الثلثين.
لكن، ماذا عن عون؟
يتسلح ميشال عون بمقولة «ان شغور موقع الرئيس يعني غياب الميثاقية، وحين تسقط الميثاقية تسقط الشرعية». وانتهج سياسة مقاطعة جلسات مجلس النواب، وربما جلسات مجلس الوزراء في مرحلة لاحقة.
يراهن عون على الوقت، وانه ليس في مصلحة سعد الحريري. وبعد انتهاء ولاية ميشال سليمان صارت الكرة في ملعبه للحسم: اما مع عون واما ضده. والتعطيل عامل ضغط جدي على الحريري قد يدفعه الى حسم قراره بتبني ترشيحه والانضمام الى ما يسمونه في الرابية «سلام الشجعان، الذي يؤدي الى سلام حقيقي في لبنان».
ويقول العونيون إن باب الفرص لم يقفل في الحوار الجاري بين عون والحريري، لكن هناك جدلا جديا لم يُحسم بعد، بين منطقين: الاول، يقول ان نتائج الحوار سترتكز حتما على اساس ان جعجع لا يُكسب الحريري اية اضافة في المرحلة الحريرية المقبلة، واذا كان الحريري يبحث عن حبل نجاة في هذه اللحظة فجعجع يشكل حبل الغرق. والثاني، يقول بوجود مبالغة عونية في الرهان على الحريري، خصوصا ان كل «14 آذار» يرفضونه، فكيف يصدق الجنرال ان يتخلى الحريري عن كل حلفائه ويرشحه؟ وهل يعقل ان يخسر الحريري كل حلفائه ويربح عون وحده؟.
يقول العارفون ان رهان عون هو على ما بعد التعطيل المجلسي، فقد يتفاقم الشغور الرئاسي الى ما قد يهدد الميثاق والطائف بالخطر ويجعلهما عرضة للطرح على الطاولة من جديد والبحث عن بديل. وثمة اشارات قلق على الطائف وردت في الآونة الاخيرة، وورد بعضها على لسان السفير السعودي في بكركي.