هل جاءت دعوة عون «الانقلابية» على النظام رداً على موقف حاسم من الحريري برفض تبنّيه للرئاسة الأولى؟
«14 آذار»: كيف يدّعي الحرص على حقوق المسيحيين فيما يمنع نوابه من انتخاب رئيس؟
في الوقت الذي تتزايد الأصوات الداعية إلى إيجاد حل لأزمة الاستحقاق الرئاسي، تجنباً لإبقاء البلد أسير الفراغ في مقام الرئاسة الأولى والذي يفتح الباب واسعاً أمام شتى الاحتمالات، طلع النائب ميشال عون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» على اللبنانيين بطروحات سماها «مبادرة» لحل هذه الأزمة، جوبهت بردود فعل واسعة من جانب بكركي وقوى «14 آذار» رافضة لهذه الطروحات التي تفاقم الأزمة الرئاسية أكثر فأكثر، خاصة وأن عون يريد انتخاب الرئيس من الشعب، متجاهلاً ما يقوله الدستور بوجوب أن ينتخب النواب رئيس الجمهورية وهو ما لم يلزم به ونوابه مدعوماً من حليفه «حزب الله» على مدى سبع جلسات انتخابية، مع توقع أن يستمر على تصلبه طالما أنه لا توافق داخلياً على انتخابه رئيساً للجمهورية.
وترى أوساط بارزة في قوى «14 آذار» خطوة النائب عون «الانقلابية» هذه إذا صح التعبير، كما تقول لـ «اللواء»، بأنها انعكاس لعمق المأزق الذي أدخل هذا الرجل البلد فيه بتعطيله الانتخابات الرئاسية، مدعياً حرصه على حقوق المسيحيين، فيما الواقع عكس ذلك تماماً، من خلال إمعانه ومن معه في إفراغ الموقع المسيحي الأول في الدولة من دوره والمساهمة في منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلا إذا استجيب لطلب رئيس «التغيير والإصلاح» وجرى انتخاب رئيساً للجمهورية، مشيرة إلى أن هذا الطرح وبما يشكله من مخاطر على صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، يعكس أيضاً في جانب منه وصول الاتصالات بين عون ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري وتحديداً في الملف الرئاسي إلى حائط مسدود، بعدما تأكد الأول استحالة حصوله على تأييد «المستقبل» لانتخابه رئيساً للجمهورية وهو ما كان يسعى إليه منذ أشهر، ظناً منه أن الحريري ونوابه قد يؤيدونه كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، فيما الحقيقة أن عون أبعد ما يكون عن هذه الصفة، لأنه لم يدع مجالاً للتوافق مع أحد، وهو من خلال ما طرحه وما قوبل به من ردود فعل أن «المستقبل» وحلفاءه في «14 آذار» لا يمكن أن يقبلوا به رئيساً للجمهورية، باعتبار أن مرشح هذا الفريق هو رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حتى إشعار آخر، وحتى لو تم التوافق على شخصية أخرى، فلن يكون إلا من قوى «14 آذار»، ما دفع النائب عون إلى الرد على الذين يرفضون انتخابه بهذه الدعوة إلى ضرب مرتكزات النظام اللبناني، عبر تبني طروحات انقلابية لا يمكن التساهل حيالها لأنها تحمل في طياتها بذور فتن طائفية ومذهبية بين اللبنانيين، بالدعوة إلى اعتماد الاقتراح الأرثوذكسي كقانون جديد للانتخابات النيابية، مع العلم أن هذا الاقتراح سبق وووجه برفض الشريحة الأكبر من اللبنانيين، كونه يعيد إحياء العصبية الطائفية ويقوض ركائز الوفاق بين اللبنانيين، وفي الوقت الذي يجب أن تتقدم الانتخابات الرئاسية على كل ما عداها، كما ينص الدستور على ذلك ودون الحاجة إلى خلق أعراف جديدة.
وتخشى الأوساط أن يكون في طرح عون خطوة على طريق ضرب النظام السياسي القائم على طريق المؤتمر التأسيسي الذي سبق وطرحه «حزب الله» سعياً للمثالثة وليس لأي أمر آخر، حيث أن هذا الرجل اعتاد على لعب مثل هذه الأدوار التي لا تصب في مصلحة المسيحيين واللبنانيين عامة، فالذي يدعي المحافظة على مصالح المسيحيين، لا يساهم في تعطيل انتخاب الرئيس المسيحي للبنان والإخلال بالتوازن الوطني والطائفي في هذا البلد وتقديم المصالح الخاصة على حساب مصلحة البلد والناس.