لن يجد الشغور الرئاسي حلاً له إلا عندما يقرر “حزب الله” و”حليفته” الإقليمية الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن وقت ذلك قد حان. وإلا إذا وصلت المملكة العربية السعودية وحليفها الأبرز “تيار المستقبل” إلى قرار مشابه. وذلك لن يحصل إذا استمرت الحرب غير المباشرة، علماً أن شعوب المنطقة كلها على علم بها، بين الدولتين الإقليميتين الكبيرتين المذكورتين في أكثر من دولة عربية أهمها على الإطلاق اليوم سوريا والعراق واليمن، وإذا فُتحت لها جبهات جديدة. وهناك أكثر من دولة مرشحة لذلك. طبعاً لن نذكر هنا أن قرار إنهاء الشغور الرئاسي اللبناني يرتبط أيضاً باحتمال آخر هو الانتصار في الحرب المستمرة المشار إليها. ذلك أنه احتمال نظري فقط، فالجمهورية الإسلامية لن تتمكن من الإنتصار على المملكة ولن تنكسر أمامها في الوقت نفسه. ما يحصل ربما يكون وقوع القوتين في الدمار والخراب والقتل ووقوع المنطقة كلها في الدّم ريثما يتعب المتقاتلون أو ريثما يقرر “الكبار” في العالم، كلهم، أن وقت اقتسام المصالح ولو على أشلاء الكيانات والجغرافيا والشعوب والأعراق والديانات والمذاهب قد حان. أما توقف الحرب فينتظر تطورات عدة أهمها اثنان: الأول، توصل المجتمع الدولي بزعامة أميركا إلى تفاهم مع إيران على ملفها النووي، وتوصل أميركا وإيران إلى تفاهم يتناول المنطقة كلها. والثاني، حوار السعودية وإيران وتوصلهما إلى تفاهم على كل قضايا الخلاف بينهما. ويستحيل حصول الأمر الثاني قبل الأول، ويعني ذلك في شكل أو في آخر أن الشغور الرئاسي في لبنان قد يطول وربما انه قد يغطس في الأسوأ بعد امتناع شعوبه عن القبول بالسيّىء والمحافظة عليه.
لنعد إلى لبنان ورئاسته، ماذا يفعل العماد عون إذا طرأت ظروف داخلية وإقليمية وربما دولية تستوجب إنهاء الشغور الرئاسي وبرئيس غيره؟ هل يقبل؟ والجواب المبدئي انطلاقاً من مواقفه المعلنة وغير المعلنة هو لا. وهل يفرضه عليه “حزب الله” حليفه ذلك إذا عجز عن إقناعه به أو هل يستطيع أن يفرض عليه؟
طبعاً لا أجوبة مباشرة عن هذا النوع من الأسئلة. لكن سياسيين جديين وفاعلين ومطلعين على الكثير من القضايا يقدمون جواباً غير مباشر عنها هو الآتي: بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود بقيت البلاد من دون رئيس جمهورية ثمانية أشهر لأسباب معروفة كان أحدها، وربما ليس في مقدمها، رغبة عون في الوصول إلى رئاسة الجمهورية. يومها وبعد مشاورات جرَت خلال مدة الشغور ظهرت أجواء مؤيّدة لانتخاب قائد الجيش في حينه العماد ميشال سليمان فتمسّك عون بموقفه. لكن في النهاية وبعد اجتماعات الدوحة غيّر رأيه ودخل سليمان قصر بعبدا. أسباب التبدل عدة، لكن أحد أبرزها كان الموقف الحازم لـ”حزب الله” الذي عبّر عنه أمينه العام السيد حسن نصرالله في اجتماع ضمه وعون والنائب سليمان فرنجيه ومستشاره المحامي يوسف فنيانوس والنائب علي حسن خليل ومستشار “السيد” حسين خليل. فـ”ليلتها” وبعد ساعات من البحث غير المقنِع لعون قال “السيد”: “جنرال سنصوّت كلنا لميشال سليمان. هذه ورقة أكتب عليها مطالبك منه ونحن سنحققها لك”. بعد ذلك حصل اجتماع بين “القائدين” العسكريين وحصل عون على تعهد بتنفيذ مطالبه. لكنه يعتبر أنها لم تنفذ.
هل يتكرر ذلك اليوم؟
لا أحد يعرف. لكن السياسيين أنفسهم لا يستبعدون أن يكون موقف السيد نصرالله حالياً هو تمسّك “حزبه” وحلفائه بعون المرشح للرئاسة. وإذا تخلى عنه يصبح الموقف: اختر أنت وحليفك سليمان فرنجيه الشخص الذي تعتقدان أنه الأفضل لرئاسة البلاد.
ماذا إذا لم يصل “حزب الله” إلى موقف كالمشروح أعلاه وخصوصاً إذا كانت الأوضاع الاحترابية في المنطقة لا تزال على تصاعدها، وإذا كان الاخفاق لا يزال النتيجة الوحيدة للمفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين أميركا وإيران. وإذا كان الإحجام عنها من الجهات الإقليمية لا يزال سارياً؟ زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون هو الوحيد من بين أقطاب لبنان الذي يعلن أنه سيدعو إلى، أو سيطالب بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها أي ضمن المهلة الدستورية التي تبدأ في الأول من شهر آب المقبل. علماً أن آخرين من زملائه في نادي الأقطاب قد لا يمانعون في ذلك إذا اضطروا، لكنهم يفضلون التريث لأسباب عدة داخلية وخارجية.
هل تلاقي دعوة عون المشار إليها الموافقة والقبول من قادة “شعوب لبنان”؟ أم يكون مصيرها مثل كونه مرشحاً وحيداً للرئاسة ورئيساً أوحد لاحقاً؟