Site icon IMLebanon

هل يبقى رئيس الجمهوريّة في بعبدا بعد الخامس والعشرين من أيار؟ ماذا يُخفي تحذير سليمان من انهيار الحكومة والمؤتمر التأسيسي؟

 

على مسافة عشرين يوماً من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية المفترضة، تزداد صورة المشهد الرئاسي ضبابية، وفيما بدا ان هناك اقتناعاً بأن الفراغ سيكون المرشح الأبرز بعد 25 الجاري، تنشط المساعي الداخلية والخارجية في محاولة لإزالة العقبات من أمام إجراءات الانتخابات الرئاسية في مواعيدها الدستورية تفادياً لحصول شغور في الرئاسة الاولى، بالنظر الى انعكاساته السلبية وخطره الكبير على الاستقرار الداخلي، في بازار رئاسي مفتوحة كواليسه على اتصالات بين من كانوا أشد الخصوم في السياسة بهدف تسويق المرشحين وكسب الاصوات.

فالانظار المتجهة الى جلسة الاربعاء، المحسومة النتيجة والوقائع مسبقا، في ضوء استمرار المواقف على حالها لجهة استمرار المقاطعة من فريق 8 اذار، وحساسية الرابع عشر من الرمزية التي يحملها تاريخ السابع من ايار التي اعتبره هذه المرة يحمل طابعا اجتماعيا وسياسيا بعد الامني منه عام 2008، رفعت وتيرة المخاوف من امكان انتهاء المهلة الدستورية من دون انتخاب رئيس، ما يدخل الموقع الاول في الدولة متاهة الفراغ. امر حذر منه رئيس الجمهورية في خطابه، خلال افتتاح قرية ميشال سليمان الرياضية في جبيل باعتباره يمهد لمؤتمر تأسيسي قد يؤدي في احسن الاحوال الى الاخلال بالمناصفة والميثاقية وتغيير وجه لبنان، كنتيجة «لعجز الحكومة عن ملء الفراغ في غياب الناظر الاول» والتي كان سبقه الاسبوع الماضي كلام اكثر وضوحا ذهب فيه الى حد ان «الحكومة لن تستطيع ان تتحمل المسؤولية وحدها من دون رئيس، وقد تنهار».

مصادر مواكبة للحركة السياسية، توقفت باهتمام بالغ عند النقطتين الاساسيتين في هذه المرحلة، حيث قرأت في الكلام تحذير وتنبيه من ان استسهال البعض دفع البلاد الى فراغ رئاسي، باعتبار انه لا مشكلة مع وجود حكومة قادرة على ملئه، ليس في محله، فالفراغ سيؤدي الى دينامية سلبية في الاوضاع يمكن ان تطيح بالحكومة وتدخل الوضع في مجهول المؤتمر التأسيسي حيث موازين القوى الحالية ستكون لمصلحة فريق غالب على حساب الافرقاء الآخرين من مسيحيين وسنة، مؤكدة ان غياب الاتفاق على رئيس توافقي او وفاقي، عزز المخاوف لدى الجهات الداخلية والخارجية، في ظل توافر معطيات ومعلومات، عن وجود خطة مدروسة منذ مدة، هدفها التهيئة للفراغ،حيث بات الرأي العام يتعامل اليوم وكأن الفراغ حاصل، بالتوازي مع شارع معبأ تحت غطاء المطالب الاجتماعية، على ان يرافق ذلك افتعال احداث حساسة تهز الوضع الداخلي الهش اساسا، لتنفجر اشكالات بين افرقاء الحكومة قد تدفع بالبعض الى الاستقالة والانسحاب منها، ما قد يضع البلاد امام اشكالية كبيرة.

في هذا الاطار ابدى مصدر وزاري تخوفه من التحدي القوي لاختبار قدرة حكومة الرئيس تمام سلام على مواجهة الازمات الاجتماعية المتصاعدة على ابواب الصيف والحركة السياحية الموعودة بعد الكلام عن سقوط الحظر الخليجي، والذي قد يصل الى حد تطييرها وصولا للفراغ الكامل في لحظة معينة، وسط تلمس المتابعين مؤشرات تصعيدية، رئاسية ونيابية وحتى حكومية، في ضوء اول دعوة لرحيل حكومة تمام سلام اطلقها مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على خلفية التباعد القائم بين دار الفتوى والسراي الكبير منذ قيام الحكومة السلامية.

مخاوف عززتها معطيات امنية داخلية وخارجية ،تبلغتها مراجع سياسية عليا تحدثت عن موجة اغتيالات جديدة مرتقبة خلال المرحلة المقبلة هدفها خلط الاوراق وإعادة رسم معركة انتخابات رئاسة الجمهورية، بأمل تفعيل دور وتأثير جهات معينة، كما حصل قبيل اغتيال الوزير السابق محمد شطح وتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام.

كلام رئيس الجمهورية تقاطع مع مؤشرات مقلقة وصلت الى جهات غربية معنية بالملف اللبناني، مرتبطة بالمرحلة اللاحقة لفراغ 25 ايار، ما اطلق سلسلة من الاتصالات بعيدة عن الاضواء محليا ودوليا بين العواصم المعنية في الفاتيكان والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية، سعيا لايجاد الغطاء للبديل الذي يعمل عليه لملء الفراغ في حال حصوله ولتجنيب البلاد ما يكتب لها من هزات اقتصادية وسياسية وامنية اكتملت سيناريوهاتها.

في هذا الاطار تشير مصادر سياسية الى ان سقوط المسعى الغربي ،الفرنسي تحديدا، والذي لم تمانعه ايران دون تأييدها له، بالسير بالتمديد لرئيس الجمهورية، وبعد فشل وزير سابق منذ اسابيع في التسويق لهذه الفكرة لدى اكثر من طرف سياسي واصطدامه برفض حزب الله المطلق للامر،عادت الى الواجهة فكرة كان سبق لجهات سياسية وسطية ان طرحتها ،بالتوازي مع دراسة وضعها فريق من الدستوريين بناء على طلب من دوائر رئاسية في بعبدا، تقضي ببقاء رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته دون الحاجة الى تعديل الدستور بهدف التمديد او التجديد. وتنطلق النظرية بحسب الدستوريين من مبدأ عدم وجوب تعطيل المرفق العام وهو حق يكفله الدستور والقانون، خاصة ان الرأي الاستشاري الذي ابدته هيئة القضايا والتشريع في وزارة العدل حول حدود صلاحيات الحكومة في ظل فراغ موقع رئاسة الجمهورية يتناقض مع دراسات قانونية ودستورية اخرى، بحيث بقي الامر موضوع اجتهاد واجتهاد مضاد. وبحسب الدراسة واستنادا لما تقدم يحق لرئيس الجمهورية البقاء في مركزه لتسيير شؤون الدولة الى حين انتخاب رئيس جديد. واعتبرت المصادر ان هذه الخطوة تلقى ترحيبا فاتيكانيا باعتبارها محاولة سياسية دستورية للحؤول دون ان يصبح الفراغ في رئاسة الجمهورية عرفا، ويغدو الميثاق الوطني الذي يرعى الشراكة الوطنية بين الطوائف خارج الواقع المعاش، الأمر الذي ينطوي على إهانة للموقع الرئاسي وبالتالي للطائفة التي تشغله.

طرح يبقى حتى الساعة نظرياً، في ظل تردد الرئيس سليمان والمخاوف المترتبة من ردة فعل حزب الله الذي قرر الذهاب الى النهاية في حربه ضد رئيس الجمهورية. شيء واحد اكيد ان المخاوف من انفراط العقد الحكومي اكثر من جدية، لان المرشحين كما «الناخبين» يهددون بنقل المواجهة الرئاسية الى قلب مجلس الوزراء كوسيلة ضغط لا احد يمكنه التنبؤ بنتائجها.