Site icon IMLebanon

هل يجري بري اتصالات للاتفاق على مرشح تسوية يُنتخب في 23 تموز؟

حسناً فعل الرئيس نبيه بري بتأجيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الى 23 تموز بعدما اصبحت نتيجة الجلسات الاسبوعية معروفة، عدا أنها تعرّض حياة الرئيس بري وبعض النواب للخطر وهم يتوجهون لحضور جلسات لا يكتمل فيها النصاب ولا تجري فيها الانتخابات الرئاسية ويتناقص عدد الحاضرين من النواب جلسة بعد جلسة.

والسؤال المطروح هو: هل يستفيد الرئيس بري من فترة تأجيل الجلسة الى 23 تموز فيجري اتصالات مع الاحزاب والكتل النيابية والمراجع المعنية في محاولة للاتفاق على مرشح توافقي أو وفاقي تجعل جلسة الانتخاب المقبلة مثمرة ويخرج منها الدخان الابيض؟

لقد دعا مسؤولون في “حزب الله” غير مرة الى وجوب الاتفاق على مرشح توافقي للرئاسة الاولى لا يطعن المقاومة في الظهر، واكدوا ان لا انتخابات رئاسية أذا لم يتم التوصل الى هذا الاتفاق، وهذا معناه أن العماد ميشال عون ليس مرشح الحزب لأن صفة الوفاق والتوافق لا تنطبق عليه كما لا تنطبق على أي مرشح من 8 و14 آذار. لذلك ينبغي البحث عن هذا المرشح خارج هذين التكتلين الاساسيين. فاذا كان “حزب الله” صادقاً في ما يدعو اليه، فمطلوب منه أن يقترح عدداً من أسماء المرشحين الذين يعتبرهم وفاقيين وتوافقيين كي يصير البحث فيهم مع الاحزاب والكتل الاخرى. وعند طرح هذه الاسماء تُعرف حقيقة نيات “حزب الله” وهل يريد فعلاً اجراء انتخابات رئاسية لمنع استمرار الشغور الرئاسي الذي ينعكس سلباً على عمل السلطات التنفيذية والتشريعية، ام انه يتخذ من مطالبته بمرشح توافقي ذريعة للاستمرار في تعطيل جلسات الانتخاب الى ان يحين الوقت الذي يسمح لايران بتسمية هذا المرشح في اطار صفقة تعقدها مع الولايات المتحدة الاميركية وبالتفاهم مع السعودية اذا لزم الامر؟

إن مجرد أن يطرح “حزب الله” اسم المرشح الذي يعتبره توافقياً يكشف عن حقيقة نياته. فإذا كان يريد تسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية كما سهل تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام بتسوية، فإنه يتمسك بالمرشح الذي يقترحه حتى لو رفضه الطرف الآخر كي يلقي عليه مسؤولية تعطيل الانتخابات. أما إذا كان الحزب يريد فعلاً أجراء انتخابات رئاسية من دون خلفيات ومناورات، فإنه يطرح اسم اكثر من مرشح للرئاسة وينتظر موقف الطرف الآخر، فإما يتم التوصل الى اتفاق على أحد المرشحين فيصير انتخابه بالتزكية في مجلس النواب، واذا لم يحصل اتفاق فإن على 8 و14 آذار والمستقلين أن يذهبوا الى مجلس النواب وينتخبوا بالاقتراع السري من يشاؤوا من المرشحين ليعلن فوز من نال اكثرية الاصوات.

أما ان يتذرع “حزب الله” بالاتفاق على مرشح يكون مقبولاً منه وغير مقبول من الطرف الآخر، ليستمر الشغور الرئاسي الى أجل غير معروف وأن يؤدي الخلاف بين اعضاء الحكومة حول ممارسة صلاحيات الرئاسة الى تهديد مصيرها، والخلاف أيضاً حول اي من المشاريع التي تعتبر ضرورية كي تناقش في مجلس النواب وتتم الموافقة عليها في جلسة يكتمل فيها النصاب ولا يقاطعها نواب لافقاد هذا النصاب اذا اعتبروا المشاريع المطروحة غير ضرورية وغير ملحة، فلا يسير عمل المؤسسات والسلطات عندئذ سيراً طبيعياً، واذا سارت يكون الشعور بأن لا حاجة لمؤسسة الرئاسة الاولى ما دام في الامكان ان تسير عجلة الدولة من دونها. أما الميثاق الوطني فوضع من أجل الوطن والمواطن ولم يوضع ليكون سبباً للعرقلة.

لذلك تتمنى أوساط سياسية ومراجع دينية على الرئيس بري ان يعمل جاهداً من أجل اخراج لبنان من أزمة الشغور الرئاسي من خلال اتصالات حثيثة يقوم بها مع كل المرجعيات المعنية توصلاً الى اتفاق على مرشح وفاقي، حتى اذا ما تعذر عليه ذلك طلب من جميع النواب حضور جلسة 23 تموز لانتخاب رئيس بالاقتراع السري من بين مرشحين معلنين وغير معلنين ويفوز منهم من ينال الاكثرية المطلوبة من الاصوات، وان يكون للرئيس بري، نتيجة اتصالاته، موقف يعلنه على الرأي العام، فإما يكون هذا الموقف يبشّر بالخير ويطمئن الناس، وإما يكون غير ذلك ويسمي عندئذ الطرف المعرقل لغاية في النفس أو خدمة لخارج.

لقد نجح قادة الاجهزة العسكرية والامنية في حفظ الاستقرار واستبقوا ضرب الارهاب قبل ان يضرب، وهم يمسكون بتعاونهم وبالتنسيق التام في ما بينهم بناحية الامن ويسهرون بعين يقظة على كل نشاط ارهابي. ونجح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في المحافظة على الاستقرار النقدي على رغم كل الاضطرابات الامنية والازمات السياسية، فلماذا لا تقوم القيادات السياسية بواجبها الوطني وتنتخب رئيساً للجمهورية حفاظاً على الاستقرار العام في البلاد، فالرئيس الممكن انتخابه يظل أفضل من فراغ قاتل، ورجل حي أفضل من ملك ميت.