التسوية الإقليمية ـ الدولية «لا بد آتية»
عشرة، عشرون، خمسة وعشرون.. والعد متواصل للشغور الرئاسي. «السفير» تذكّر يومياً بالوضع الشاذ. كل ما في البلد يشي بأننا في منطقة انعدام الوزن: الشلل المتسلل الى مؤسسات الدولة. قلق الناس وخوفهم. التهيب من تداعيات المنطقة. عودة الكلام عن اهتزاز الامن. ترقب تصنيفنا الاقتصادي وأوضاعنا المترنحة. ازمة اللاجئين السوريين. تصاعد الخطاب المذهبي مجدداً. صراعات الأحزاب على فتات السلطة… واللائحة تطول.
لن يحل انتخاب رئيس للجمهورية كل تلك الإشكالات بسحر ساحر. لكنه في اقل تقدير، يعيد الامور الى سكة المؤسسات لتتم محاولات البحث عن مخارج لها.
انتخاب رئيس يعطي دفعاً للمعالجات، والاستفادة من فترة السماح والدعم لأي رئيس تسمح له وللدولة مجتمعة بالعمل، ولو بحده الأدنى، على الملفات الحارقة والاساسية. فالكثير من الملفات لا تحتمل التأجيل، وفي طليعتها انتظام عمل المؤسسات. وهو انتظام ينعكس على سير كل مرافق البلد ومؤسساته.
على امتداد الأشهر الماضية حُكي الكثير عن ضرورة انتخاب رئيس توافقي. ذهبت أطراف سياسية وازنة الى حد التأكيد أن البلد لا يُحكم الا بالتراضي. وان كل الخلافات السياسية التي شهدها وكل الصراعات التي عايشها خلصت الى تسويات وتوافقات لا غالب فيها ولا مغلوب.
بالتالي لا يمكن أن يُنتخب رئيس للجمهورية إن لم يكن على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية. غير أن سياسياً وسطياً، من غير المرشحين، يطرح علامة استفهام كبيرة حول صلاحية هذه القراءة في انتخاب الرئيس المفترض لهذه المرة. يقول السياسي «يبدو القلق مشروعاً على انتخابات الرئاسة وعلى اسم الرئيس المقبل للجمهورية. فكل المؤشرات توحي بأن الانتخابات الرئاسية معلقة على حبل تطورات المنطقة، التي بات واضحاً انها ستطول كثيراً. ومتى يحين الوقت، سيخرج من رحم التسويات بين الدول اسم رئيس جمهورية لبنان. سيكون الاسم جائزة ترضية لأحد المحورين المتصارعين. فاذا كان مرجحاً ان ينتهي الصراع بين الدول الى توازنات تفرضها وقائع الامور، ويتم على أساسها توزيع الحصص ومواقع الربح والخسارة، فالأكيد ان لبنان سيكون من ضمن هذه المواقع. بالتالي ليس صحيحاً ان الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية سيكون توافقياً. اسم الرئيس اللبناني سيعكس اسم الفريق الرابح في المنطقة والعالم».
هذه القراءة تبرر برأي السياسي أن «يتمسك كل من سمير جعجع وميشال عون بترشحهما. فأحدهما، او من يمثلهما شخصياً، يمكن ان يصل الى رئاسة الجمهورية من وجهة النظر هذه». يضيف «هذا في حسابات الدول وقراءتها، أما الداخل اللبناني فيمكنه ان يغرق في انقسامه ورفضه واعتراضه من دون ان يُقدم او يؤخر في شيء مما سيُكتب».
إلا أن نائباً حزبياً من قوى «14 آذار»، الذي يوافق على مبدأ ربط الرئاسة اللبنانية بتسوية إقليمية ودولية «لا بد آتية»، يعترض على عدد من نقاط المقاربة. يقول «صحيح ان للدول كلمتها في هذا الاستحقاق، لكن للبنانيين حكماً حق النقض والاعتراض. والتوافق على رئيس الجمهورية لا يعني ان يكون رئيساً من دون مواقف ومبادئ وثوابت وطنية. ويمكنه حتى ان يكون منتمياً الى احد الاطراف السياسية الوازنة في السر او العلن. عملياً، ليس في لبنان سياسي حيادي، ينحاز الى الافكار والمواقف ويبقى على مسافة متساوية من كل القوى السياسية». يُصرّ على التأكيد «حتى الاسماء المتداولة اليوم كأسماء تسوية، او وسطية، كما يروج، ليست كذلك». ومن دون أن يدخل في تصنيف الاسماء يجزم ان «كل الاسماء المطروحة، سواء من السياسيين او الموظفين، تميل، في الفكر أو السلوك، او الاثنين معاً، الى 8 او 14 آذار». يضيف مبتسماً «إلا هنري حلو يميل الى حيث يميل وليد جنبلاط، وهذه الايام يقول إنه وسطي».