جنبلاط يعثر على سايكس ولا يجد بيكو
هل يخطف لبنان رئيسا جديدا.. بعد التمديد؟
عندما بدأ تنظيم “داعش” غزوته العراقية نعى وليد جنبلاط اتفاقية “سايكس بيكو”، وقال انه سيفتش عن قبري واضعيها لقراءة الفاتحة عن روحيهما وعن روح اتفاقيتهما، وها هو يردد مؤخرا انه وجد قبر الانكليزي سايكس وما زال يبحث عن قبر الفرنسي بيكو.
تقود الواقعية الجنبلاطية إلى الاستنتاج أن مشروع التفتيت يتقدم في المنطقة، وبالتالي، فإن ما يجري في هذا الشرق، بقدر ما هو معركة تقسيم للدول وتفتيت لها، بقدر ما هو معركة محو للحدود خصوصا ان المنطقة تقع حاليا على خط زلزالي قد يرسم خريطة جغرافية مجهولة الخطوط والمعالم.
ومن زاوية الخشية بان يندرج لبنان على هذا الخط الزلزالي، يواصل جنبلاط دق جرس الانذار، بدعواته المتتالية الى تحصين الداخل وانتخاب رئيس للجمهورية والالتفاف حول الجيش لمنع بروز حالات “داعشية” لبنانيا.
ليس خافيا على أحد أن اتفاقية سايكس بيكو تمت بين ثلاثة شركاء هم بريطانيا، فرنسا وروسيا (وقع عنها وزير خارجيتها سيرجي دميترفيش سازانوف)، أما قرار إطاحتها، فقد تورط فيه الانكليز والفرنسيون بشراكة كاملة مع الأميركيين، من دون أن تكون للروس كلمتهم في موت الاتفاقية، فهل يمكن أن يقبلوا باستبعادهم عن أية محاولة لاعادة تكوين دول المنطقة أو تقاسم النفوذ فيها؟
يقول مرجع لبناني على صلة وثيقة بالروس ان الدب الروسي الذي استيقظ بعد سبات عميق والذي يقارع الغرب كله في أوكرانيا وينافس في شرق آسيا ويبرم تفاهمات اقتصادية بمئات المليارات مع الصين والذي منع سقوط نظام بشار الاسد لن يقبل باستبعاده عن منطقة يعتبرها في صلب نفوذه وأمنه القومي.
واذا كانت التطورات العراقية والسورية الاخيرة قد جعلت الحدود بين دول المنطقة “قابلة للمحو والذوبان في اية لحظة”، فان لبنان، أكثر الدول اطمئنانا الى ثبات حدوده ووحدة كيانه، والفضل هنا، يقول المرجع نفسه، هو لـ”حزب الله” الذي بات تواجده عند الحدود الجنوبية والشرقية وحتى البحرية هو الضامن لعدم حصول اية تغييرات في حدوده.
“لا حرب في لبنان” يجزم المرجع السياسي “ولو اننا سنبقى ضمن مربع التوترات المحدودة”، “فلبنان غير قادر في ظل الظروف الداخلية والاقليمية على اجراء انتخابات نيابية، وبالتالي فإن التمديد الثاني لمجلس النواب واقع لا محالة ولمدة قد لا تقل عن سنتين”.
كما أن وليد جنبلاط ، يقول المرجع: “ليس ضد التمديد، وحماسته للحوار بين “أمل” و”المستقبل” هدفها التوافق حول مسائل عدة بينها التمديد، والأمر نفسه ينسحب على 14 آذار وكل 8 آذار”، وها هو النائب نقولا فتوش يتبرّع بهذه المهمة ويتحدث مسبقا عن الأسباب الموجبة للتمديد وفيها “ان من لا يستطيع ان يحمي افطارا رمضانيا، كيف له ان يحمي انتخابات نيابية ومهرجانات انتخابية”؟
اذا حصل التمديد، يكون بمقدور لبنان ان “يخطف” انتخابات رئاسة الجمهورية، ذلك ان العاصفة التي تضرب المنطقة قد تحتاج الى سنة او اثنتين او ثلاث وربما اكثر، ولذلك لا تستطيع الدول المعنية بلبنان ان تبقيه معلقا الى حين تبلور صورة المنطقة، فقد يطرأ أمر ما لا يكون في حسبان أحد، وبالتالي يأخذ لبنان الى مدار آخر.
يتمنى المرجع السياسي ان يتم خطف الرئيس الجديد “على البارد”. يلتقي معه جنبلاط بنصائحه المتكررة بالعناية الامنية الفائقة، والرئيس نبيه بري بتحذيره من الوقوع في المحظور، ونجيب ميقاتي بتأكيده أن أي اخلال امني “قد يفتح البلد على ما لا تحمد عقباه.