عباس إبراهيم هو الهدف.. قبل “الساحة”
هل يستدرج “الداعشيون” الدول إلى.. الرئاسة؟
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والثلاثين على التوالي.
وإذا كان “الأمن الاسـتباقي” قد بات مدعاة للافتخار، فإن ذلك لا يمنع من مصارحة اللبنانيين بأن ثمة مخاطر داهمة، خصوصاً أن بعض التنظيمات الإرهابية، باتت تتحرك وفق “أجندات” متضاربة لا بل عشوائية لبعض “الأمراء” و”المشغلين”، وهو الأمر الذي أظهرته التحقيقات مع الموقوف السعودي عبد الرّحمن بن ناصر الشنيفي الذي كان قد أدخل إلى المستشفى قبل إعادته إلى مقر توقيفه، حيث أدلى باعترافات جديدة، أفاد فيها أنه كان مكلفاً ورفيقه الانتحاري علي بن إبراهيم الثويني، عندما انتقلا من اسطنبول إلى بيروت بتنفيذ هجوم انتحاري مزدوج يستهدف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، قبل أن تأتيهما أوامر مختلفة في لبنان، من الفار المنذر الحسن، في ضوء محاولة “داعش” الاستفادة من ثغرة أمنية ما (الإعلان المسبق في البقاع عن حفل تكريم البطريرك لحام وإبراهيم ومطارنة زحلة في مطعم “حنوش” في شتورا).
وتركز التحقيقات مع السعودي الشنيفي والموقوف الفرنسي في فندق “نابليون” على هوية أشخاص آخرين تمكنوا من الوصول إلى لبنان، فضلا عن أهداف تم تحديدها وكذلك على كشف الأماكن التي يتم فيها تحضير العبوات الناسفة، خصوصاً في ضوء إقفال معظم معابر الموت بين لبنان وسوريا.
وفي هذا الإطار، تبين وفق التحقيقات الأولية، أن سيارة “المرسيدس” التي انفجرت في الطيونة، لم تصل من البقاع ولا من خارج العاصمة، وتتمحور عملية الملاحقة المتتابعة لها وفق المسار العكسي (بواسطة الكاميرات والمخبرين) حول ما إذا كانت قد خرجت من أحد مخيمات العاصمة، حيث سيصار في ضوء ذلك إلى تجريد حملة أمنية على أماكن مشتبه بها بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية.
وفي ضوء استمرار المخاطر، وتفاقم الحوادث الأمنية المتفرقة من الليلكي الى صيدا وعرسال والشمال، كان لافتاً للانتباه القرار الذي اتخذته مؤسسات حزبية (“حزب الله” و”أمل”) ودينية (أبرزها “المبرات”)، بالتزامن مع تشديد الإجراءات على طول الحدود الشمالية والشرقية، كما في الداخل وخصوصاً في الضاحية الجنوبية، فضلا عن محيط مقار رسمية أبرزها وزارتا الداخلية والدفاع وباقي المقار الأمنية والعسكرية.. وسجن روميه المركزي.
وفيما باتت فرضية نجاح المنذر الحسن بالهرب الى سوريا، هي الأرجح، كان لافتاً للانتباه أن الأمن العام اللبناني قرر إعادة ما يزيد على عشرين شخصاً معظمهم من الخليجيين الى بلادهم، وذلك في خطوة تندرج ضمن “الأمن الاستباقي”، من دون أن تعترض عليها أية جهة رسمية أو خارجية حتى الآن.
غير أن التحدي الأمني الذي بات هاجساً مشتركاً بين جميع اللبنانيين، ولم يعد حكراً على منطقة بعينها، برغم التفاوت في منسوب المخاطر، بين هذه المنطقة وتلك، وهو الأمر الذي استوجب مقاربات مختلفة للملفات السياسية، ولا سيما الملف الرئاسي، الذي بدأ يتحرك للمرة الأولى على إيقاع الملف الأمني الضاغط وضرورة السعي الى إعادة الأمور الى نصابها الدستوري على مستوى جميع المؤسسات، مخافة أن يؤدي استمرار الفراغ الرئاسي، الى مضاعفة التحديات الأمنية وفي الوقت نفسه، تفاقم واقع العجز السياسي، وهي النقطة التي حذر منها وزير الخارجية الأميركي جون كيري عندما زار بيروت في الرابع من الشهر الحالي.
وعلمت “السفير” أن كيري شدد خلال لقائه بالرئيس سعد الحريري، في باريس، أمس الأول، على أهمية تحصين الاستقرار اللبناني وقال إن الولايات المتحدة لا تريد عودة لبنان مسرحاً للتفجيرات، وأن مخاوفها تتضاعف في هذه المرحلة من احتمال امتداد النيران السورية الى لبنان، وقال إن واشنطن تدين بشدة تفجير أحد فنادق العاصمة (دي روي) وباقي الانفجارات وهي تعول على نجاح السلطات اللبنانية في سوق المجرمين الى العدالة، وأشاد بالتعاون العسكري والأمني بين بلاده وجميع المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان.
وكان لافتاً للانتباه أن كيري حذر أيضاً من تداعيات المشهد العراقي على لبنان، وقال إنه خلال زيارته الى بغداد التقى رئيس الوزراء نوري المالكي وقيادات سنية وكردية، ونقل عن بعض معارضي المالكي قولهم له إن ما يجري في العراق “هو عبارة عن ثورة سنية على التهميش السياسي المستمر منذ سنوات وخصوصاً في عهد المالكي”، واعتبر هؤلاء أن تنظيم “داعش” ليس سوى “اداة عابرة وهامشية”!
وفهم على هامش لقاء باريس أن دولا خليجية أوحت لكيري أنه عندما استهدف النظام السوري معارضيه في سوريا بالكيميائي، لم تتدخل واشنطن عسكرياً “فلماذا تريد إدارة الرئيس باراك أوباما التدخل عسكرياً الآن ضد سنة العراق (…) وألا يمكن أن يؤدي ذلك الى تصوير الولايات المتحدة وكأنها تساند طائفة ضد أخرى في المنطقة، مع ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من تهديد للمصالح الأميركية في المنطقة”.
وأشارت أوساط ديبلوماسية الى أن لقاء كيري ـ الحريري “يمكن أن يولد دينامية دولية جديدة في التعامل مع الاستحقاق الرئاسي، وهو الأمر الذي ستظهر نتائجه في شهر تموز المقبل، على مستوى بعض العواصم المؤثرة في الملف اللبناني”.