موسكو
لا يزال إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الخلافةَ الإسلامية وتنصيب أبو بكر البغدادي على رأسها، يحظى باهتمام المسؤولين الروس خصوصاً المتابعين ملفات الشرق الاوسط.
تعتبر مصادر ديبلوماسية روسية أنّ ظاهرة إعلان الخلافة الاسلامية في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» المتطرّف في العراق وسوريا، بمثابة إعلان حرب على السلطات في بغداد ودمشق، خصوصاً أنّ مصطلح «الخلافة» يعني وجوبَ التوسّع على المستويَين الميداني والاجتماعي، وهذا ما بدا واضحاً من خلال نشاطات التنظيمات الارهابية المسلحة التي تدور في فلك تنظيمَي «داعش» و»القاعدة» خلال الأشهر الماضية.
وتؤكّد المصادر أنّ موسكو كانت حذَّرت سابقاً بناءً على تقارير استخبارية من سيناريوهات توسّع سيطرة الإرهابيّين على المناطق الحدودية بين العراق وسوريا، تمهيداً لإعلان كيان خاص بهم. وتشير التقارير الى وجود ما بين 10 آلاف و15 ألف مقاتل من شتّى أنحاء العالم ينضوون تحت لواء الجهاد في سوريا والعراق، وذلك بعدما تمكّن تنظيم «داعش» من استقطابهم بوسائل مختلفة.
وتوضح المصادر أنّ خطّة الإرهابيّين تقضي بإقامة خلافة في الشرق الاوسط، وتحديداً في سوريا والعراق، لكنّ العمليات الارهابية التي شهدها لبنان الأسبوع الماضي تشير الى أنّ هذه المجموعات في صدد توسيع رقعة عمليّاتها تمهيداً لتوسيع مناطق نفوذها، لكي تصبح فيما بعد أمراً واقعاً لا بدّ من التعامل معه، وذلك يُتيح لها التفاوض في شأن ملفات كثيرة في المنطقة.
وترى المصادر أنّ فشل العملية العسكرية الأميركية في القضاء على «القاعدة» في أفغانستان، والمفاوضات التي يعقدها الأميركيّون سرّاً مع قادة هذا التنظيم قد عزَّزت عزيمة وقدرات الفصائل الإرهابية في المنطقة برمتها، في اعتبار أنّ السيطرة على الارض ستساهم في فرض واقع جديد، وبالتالي سيكون العالم مضطراً للتعامل مع هذه الظاهرة إذا نجَحت بشكل او بآخر. وتضيف: «بمجرّد إعلان الخلافة، فإنّ ذلك سيستقطب الراغبين في الجهاد، خصوصاً بعدما تمكّن البغدادي من الحدّ من ظاهرة «جبهة النصرة» التي خاضَ معها معارك عنيفة في سوريا منذ بداية العام الجاري».
وتلفت المصادر الى أنّ تقارير استخبارية مختلفة اكدت أنّ البغدادي كان معتقلاً في العراق لأكثر من عامين، وقد أشرفت القوات الأميركية على اعتقاله، فيما حقّق معه جهاز الامن القومي الأميركي، من دون الكشف الى الآن عن أسباب تحريره، علماً أنّ تلك التقارير تؤكّد أنّ الرجل لم يُخفِ خلال فترة اعتقاله الولاء لتنظيم «القاعدة» الارهابي، وكان ينشر الفكر الجهادي المتطرّف داخل المعتقل، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبرى حول الجهات التي لعبت دوراً في تحريره والخطط التي كانت معدة مسبقاً للإفادة منه. وتكشف التقارير أنّ البغدادي كان على علاقة بزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن واستمرَّت علاقته بالتنظيم عبر أبي مصعب الزرقاوي بعد مقتل بن لادن. وقد أشرف على العمليات الارهابية الكبرى في العراق، وأثبت أنّه أكثر حنكة من القادة الآخرين، خصوصاً أنه لا يزال بعيداً من الاعلام، ما يعني أنّ مطاردته أشبه بمطاردة الاشباح.
وتعتبر المصادر أنّ إعلان الخلافة هو خطوة أولى ستتبعها خطوات تصعيدية أكثر دموية وقد تشمل مناطق خارج العراق وسوريا، ولا سيما أنّ المعلومات تؤكّد شراسة الرجل، وأنّ اختياره لم يأتِ صدفة بل جاء مدروساً لأنه يملك شبكة علاقات واسعة مع قيادات «القاعدة» في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة، ما يجعله قادراً على تحريك خلايا التنظيم بوسائل أفضل من بن لادن نفسه.