Site icon IMLebanon

هل يسرّع «التعطيل الشامل» إنجاز الاستحقاق؟

بكركي بين الفراغ وتبنّي المغمورين.. والتمديد المستحيل

هل يسرّع «التعطيل الشامل» إنجاز الاستحقاق؟

تتمنى بكركي لو يتوقف الزمن في الأيام العشرة المتبقية من ولاية ميشال سليمان، لعلها توفّق الى وصفة سحرية تجنّب المسيحيين، والموارنة على وجه الخصوص، كأس الفراغ المرّ.

وتتمنى ايضا، لو أن أبناء رعيتها من سياسيي الصف الماروني الاول، يشاركونها القلق على مصير الطائفة، والخوف من انقراض دورها وحضورها في المعادلة الداخلية، فيلبّون ما ترغب به وتتمناه لإنقاذ الموقع الماروني الاول، «فالسماح بشغوره خطيئة لا تغتفر»!.

بكركي ترفع الصوت في وجه الفراغ، وفي الوقت ذاته تتمنى لو أنها قادرة على جذب أقطاب الموارنة الى حضنها، وعلى إقناعهم بفتح طريق الرئاسة لغيرهم، أو إقناع أي منهم بأن يخلي الطريق للآخر.

البطريرك بشارة الراعي مستاء، وما يخشاه هو أن يجد نفسه أمام لحظة هبوط اضطراري نحو الاستسلام للأمر الواقع. ولذلك حاول، بما قُيض له، أن يملأ الفراغ قبل حصوله، تارة بطرح أسماء لشخصيات مغمورة، وتارة اخرى بطرح التمديد لميشال سليمان.

لكن طروحاته لم يُكتب لها التوفيق. بالمغمورين استفزّ الأقطاب وكرر ما اعتبره خطأ غيره (البطريرك نصرالله صفير) بتبني مرشحين، وبالتمديد استفزّ ميشال عون وسليمان فرنجية و«حزب الله» وآخرين. ويُنقل عن فرنجية هنا ان «مجرّد التفكير بالتمديد غير وارد على الإطلاق». حتى ان وليد جنبلاط قارب التمديد من موقع استحالته حين قال ان سليمان قطع على نفسه طريق التمديد بتمسكه بإعلان بعبدا واستعجاله تطبيق مندرجاته الآن في وجه «حزب الله».

يقول مقربون، ان ضغوطا غربية وفاتيكانية تمارس على بكركي لإجراء الانتخابات، ولكن ليس في يدها حيلة، والبطريرك يوشك أن يبق البحصة. وهناك من ينقل انه يعتبر ان صراع الأقطاب المسيحيين منذ 1988 هو الذي ضرب المسيحيين وأخرجهم من السلطة وموقع القرار، بدءًا بحروبهم الداخلية التي انتهت الى سجن أحدهم وتهجير الآخر، وصولا الى الاصطفاف خلف المسلمين. وهناك في بكركي من يسأل «لو كان وضع المسيحيين متماسكا مثل الشيعة أو السنة أو الدروز، فهل كانوا يعانون هذا التشتت والإرباك والعجز؟».

تخاف بكركي ان تدخل البلاد بعد 25 ايار في فراغ طويل الأمد لا حول ولا قوة ولا دور ولا حضور للمسيحيين فيه، وأكثر ما يزعجها أن الشركاء في الوطن ينأون بأنفسهم عن تعطيل الاستحقاق الرئاسي، ويحاولون حشر الفريق المسيحي في الزاوية بإلقاء الكرة في ملعبه وصولا الى تحميله مسؤولية التعطيل.

هناك من قال للبطريرك الراعي، وآخرهم نادر الحريري: «المسألة عندكم، ونحن معكم، ومن جهتنا نقدم أقصى التسهيل، ونفعل ما تريدون، تريدون الانتخاب ننتخب، تريدون التمديد نمدّد، اتفقوا ونحن معكم». وهناك من قال لها ايضا «إن من يعطل الانتخابات هو من يصر على التمسك بمرشح استفزازي كسمير جعجع». حتى ان البعض لا يبرئ بكركي من مسؤولية التعطيل، ولو عن غير قصد، عبر طرحها التمديد لميشال سليمان برغم إدراكها استحالة هذا الامر.

بكركي مستعجلة، وثمة كلام وصل إليها وفيه:

ــ ان ظروف وعوامل وطبخة الاستحقاق الرئاسي لم تنضج بعد وان ايلول لناظره قريب.

ــ التعويل على الداخل ليس في محله، فتاريخ لبنان يشهد ان رئيسه يعين بتسوية خارجية، اقليمية ودولية، ووظيفة لبنان تنحصر في تثبيت التعيين بانتخابات شكلية في مجلس النواب.

ــ ضرورة انتظار ما سيؤول اليه الحوار السعودي ـ الايراني، وكذلك وضوح الصورة الدولية. وقد بلغ أجواء الصرح ان هناك رأيين في واشنطن: رأي يرفض خلط الاوراق في لبنان، ويصرّ على الحفاظ على «14 آذار» لأن وظيفتها لم تنته بعد، وهذا يفترض التمسك بمرشح من هذا الفريق لرئاسة الجمهورية (وهذا يخدم سمير جعجع)، ورأي آخر يقول بضرورة خلط الأوراق لإنتاج حالة جديدة في لبنان تؤدي الى استقرار، إن لم يكن استقرارا دائما فطويل الامد (وهذا يخدم ميشال عون).

ولأن وضوح الصورة الخارجية، كما انتظار الحوار السعودي الايراني، يحتاجان الى وقت وقد يطول، ولأن الفراغ قد يخلق سابقة إدارة البلد من دون المسيحيين الذين يشكون من هشاشة دورهم ومن عدم اعتبارهم شريكا كاملا في هذه الادارة، فإن بعض المقربين يقترحون أن تبادر بكركي الى هجوم وقائي بدءا من اللحظة الاولى للفراغ الرئاسي وتحت عنوان: «لا لإدارة الدولة من دون المسيحيين، ولا لتطبيع الوضع في لبنان من دون رئيس للجمهورية، ولا لترسيخ سابقة ان البلد يمشي برئيس شيعي ورئيس سني ومن دون الرئيس الماروني». وأما ترجمة هذا العنوان فتتجلى في تعطيل انعقاد مجلس النواب وتعطيل انعقاد مجلس الوزراء. ومن شأن هذا التعطيل ان يكون عاملا ضاغطا لإجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت.

هذا الاقتراح بلغ بعض السفارات الغربية، وثمة استفسارات وردت الى بكركي عما اذا كانت في وارد تغطية هذا المنحى التعطيلي، مقرونة بالتحذير من أن التعطيل الشامل للمؤسسات السياسية يمكن أن ينعكس سلبا على الاستقرار في لبنان.