لن يكون اختتام سينودس الخميس مدوياً. سيقف البطريرك بشارة الراعي مجددا ليطلق ربما «الرصاصة» الأخيرة في حربه ضد الشغور الرئاسي. أوساطه تتهكم حول ما ينقل عنه هنا وهناك، سواء دعوة الناس الى العصيان ام تحديد اسمين أو ثلاثة و«ارغام» القوى المسيحية على التوافق حيالها لوضع حد لأزمة مارونية وطنية، او حتى «تسويق» نفسه كمرشح لا غبار عليه ولا جرأة لدى أحد الاطراف لرفضه. تنفي الاوساط نفسها كل هذه «الاقاويل» وتصفها بـ«حكي فرن». عارفو سيد بكركي يتحدثون بواقعية: «سيرأس البطريرك قداس اختتام السينودس، وسيتلو احد المطارنة او امين سر البطريركية الخوري رفيق الورشا البيان الختامي. نداء البطريرك سيتركز على ضرورة ملء الشغور الرئاسي، سواء عبر دعوة متجددة للاقطاب الاربعة، او للعماد ميشال عون وسمير جعجع للاجتماع، فهذا ليس هو لب الموضوع، وإنما حل المشكلة الرئاسية التي توشك على اكمال الشهر عبر حث الكنيسة المتكرر للمعنيين للتوجه الى البرلمان وانتخاب الرئيس». لا بد من التذكير في هذا السياق ان «حكيم» معراب لم يشارك في اي من الاجتماعات المارونية الموسعة التي دعت اليها بكركي بعذر «الاحتياط الامني» وإن كان قد زار الصرح مرارا منفردا. وتتوافق اوساطه وأوساط بكركي على انه «فوّض البطريرك التحدث باسمه في اي اجتماع ماروني ترعاه بكركي».
مآخذ كثيرة على البطريرك يحملها معنيون بالملف الرئاسي. يعتبرون انه «ارتكب ثغرات عدة تكاد تفقد بكركي هيبتها. كأن يتناول مسألة دستورية كحضور النواب او عدمه، علما ان هذا حق لكل نائب في الحضور او الغياب عن جلسة الانتخاب. او كأن يدعو البرلمان الى عدم التشريع ريثما يتم انتخاب الرئيس. ناهيك عن فشل كل مساعيه حتى الآن لسد الفراغ الحاصل وكأن أحدا من القوى لم يعد يعير رأيه اي أهمية». بكركي تعتبر هذا الرأي مجرد «رمي المسؤولية السياسية المطلوبة من مختلف القوى على بكركي التي واجبها ان ترشد وتوجه وترعى الوفاق، وليس ان تقوم مقام النواب والسياسيين». لا اجتراح معجزات في بكركي التي تضحك لسعة خيال البعض. تواصل مشاوراتها مع كل القوى باجتماعات تحت سقفها، او من دون اجتماعات، وتحت عنوان وحيد موجه للنواب: «انزلوا الى البرلمان». ربما «المعجزة» المنتظرة تقع بيد جنرال الرابية. هذا على الاقل ما يؤمن به مناصروه، وتحديدا في طرحه لانتخاب الرئيس من الشعب. لا تتحمس بكركي كثيرا لهذا الطرح. لا ترفض، ولكنها لا تشجع. تقول اوساطها: «لنبحث عن الحل في الموجود لدينا في دستورنا قبل تكبير الامنيات».
ومن ضمن التحركات البطريركية أيضا رعايته للمساعي التي تقوم بها المؤسسات المارونية المتمثلة بـ«المؤسسة المارونية للانتشار» برئاسة ميشال اده و«المجلس العام الماروني» برئاسة وديع الخازن و«الرابطة المارونية» برئاسة سمير ابي اللمع. لن تجتمع هذه المؤسسات بعد اليوم مع البطريرك بوفود موسعة «غير قابلة للضبط». جاء هذا القرار بعد التسريب الذي حصل في اجتماعهم الاخير والذي تضمن «الفبركات والنكايات اكثر من المعلومات»، على حد وصف اوساط هذه المؤسسات نفسها.
في محصلة جولتها على القيادات المارونية، تشعر اكثر من شخصية مارونية من هذه المؤسسات ان «التعاون» لواء يرفعه الجميع ولكن المشكلة تراوح في المربع الاول: لا احد مستعد ان يتنازل لاحد. و«حتى ترحيب جعجع بلقاء عون، انما من اجل الاتفاق على اسم توافقي وليس من اجل التنازل او ما شابه». نقلت المؤسسات للراعي الخلل البنيوي في مقاربة الملف من اساسه: «بين ملء الكرسي الرئاسي وملء دور رئيس البلاد».
هذا الخلل يدركه جيدا البطريرك، ولكنه يتمحص اكثر في الهاجس الامني. فطبول داعش تقرع، وتصل الى بكركي معلومات كثيرة تتعلق باحتمال عودة الخروقات الامنية التي لا توفر احدا. تختم الاوساط: «لكي يقاوم الجسم اللبناني مثل هذه التحديات، يجب ألا يكون من دون رأس».