«حزب الله» لا يرى تحركاً دولياً جدياً
هل يعيد ضرب «داعش» إحياء «سايكس ـ بيكو»؟
مع بداية تمدد «داعش» في العراق وسوريا في تموز الماضي، ترحّم الرئيس نبيه بري على «سايكس – بيكو»، وعلى الوتر نفسه عزف وليد جنبلاط بقوله انه سيفتش على قبرَي سايكس وبيكو لتلاوة الفاتحة عن روحيهما وروح اتفاقيتهما التي ماتت بعدما رسمت حدود المنطقة لعقود من الزمن.
ومنذ الاعلان عن قيام «دولة الخلافة» وتوزيع خريطة انتشارها، تتملك اللبنانيين الخشية من وقوع لبنان على الخط الزلزالي الداعشي الذي يهدد بمحو حدود ودول وبرسم خريطة جغرافية تفتيتية للمنطقة، حتى ان البعض منهم يبالغون في الخوف مما يسمونه المارد الدموي، ويستسهلون الاعتقاد باحتمال ذوبان هذا اللبنان ضمن دولة الخلافة التي تثبت ركائزها بحد السكين.
لم تكن الادارة الاميركية تعبأ، ومعها الغرب والحليف الخليجي، بما يقوم به هذا التنظيم الدموي من مجازر وعمليات إبادة جماعية، لكن ذبح الصحافيين الاميركيين فرض على إدارة أوباما أن تعلن الحرب على «داعش».
البعض في لبنان، وكذلك بعض الخليج وتركيا، أيدوا التحالف الغربي لضرب «داعش» على مضض، علما ان هؤلاء ينظرون الى هذا «التحالف» على انه يشكل خدمة للرئيس السوري بشار الاسد، وأيضا لـ«حزب الله».
ولكن هناك في لبنان ايضا من يفرطون في التفاؤل بأن التحالف الغربي لضرب «داعش» لا بد ان يطيح هذا التنظيم، وعلى ما يقول ديبلوماسي عتيق: «اوباما التزم أمام الاميركيين، وسواء أحب أو لم يحب لا بد له ان يهزم داعش، وهذا أقل ثمن لذبح الصحافيين الاميركيين».
وثمة في المقابل حذرون في مقاربة التحالف الدولي وأهدافه ولا يستطيعون ان يتفاءلوا ولو بحذر، ومن بينهم أحد الرؤساء الذي ينقل عنه قوله: «داعش أطاح سايكس بيكو ورسم حدوده بالدم وتوسع وانتشر على مساحة تزيد عن خمسين الف كيلومتر مربع. وأنا أسأل هنا: هل التدخل الاميركي والتحالف الغربي لضرب هذا التنظيم، معناه القضاء عليه وكسر محاولة كسر سايكس بيكو، وبالتالي إعادة تثبيت الحدود على نحو ما كانت قائمة في السابق؟ ثم كيف سينجح تحالف بمعزل عن سوريا وايران؟». ويضيف الرئيس المذكور: «التجربة مع الاميركيين لا تشجع».
ولكن هناك من هم شديدو الحذر والارتياب من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، فهؤلاء يخشون من ان يكون العنوان الظاهري ضرب «داعش»، وأما ما هو غير ظاهر فيخشى ان ان يكون مغامرة كبرى بأن تستغل هذه الحرب لضرب مواقع اخرى في سوريا مثلا، وتحقيق أهداف اخرى، وهذا ما حذرت منه روسيا.
ولـ«حزب الله» قراءته أيضاً، فهو لا يرى توجهاً للقضاء على «داعش». وفي هذا السياق يلفت نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الانتباه الى ما أعلنه الرئيس الاميركي باراك أوباما حول هذا الموضوع اذ قال انه يريد «احتواء داعش ولا يريد إنهاء داعش».
لذلك، يقول قاسم «الحراك الدولي الذي ترعاه اميركا ليس جديا في إنهاء الخطر التكفيري، وكلام أوباما واضح، فالاحتواء الذي تحدث عنه معناه تحديد المخاطر، وتعطيل بعض الاهداف، ولكن مع الإبقاء على الدور الوظيفي لهذا التنظيم الارهابي باستخدامه في إخافة دول معينة في هذه المنطقة وإبقائه هذا الخطر كفزاعة في الاماكن المناسبة لتحصيل مكتسبات سياسية، ولا سيما في العراق وسوريا. وبالتالي من يتعمق في الموقف الاميركي على حقيقته يلاحظ ان الاميركيين يقبلون بداعش في منطقتنا، ويحاولون منع امتداده الى دولهم، ولكنهم ليسوا في وارد إنهائه».
ويعتبر قاسم ان «ما نسمعه من صراخ دولي وإقليمي، له علاقة بفقدان السيطرة على داعش والخوف من تداعيات لم يتحسبوا لها سابقا». ويقول: «بعض دول الخليج بدأت تشعر بخطر التكفيريين، من خلال خلايا نائمة فيها، وشخصيات دينية ومتموّلة ترعاها، ولا سيما من العائلات المقربة من الحكم التي تروج للفكر التكفيري وتدعمه، ولدى تلك الدول معلومات عن أنشطة إرهابية داخلها، وما اعتقال العشرات في بعض الدول (السعودية أعلنت قبل أيام اعتقال 88 إرهابيا) تحت العنوان الارهابي، إلا غيض من فيض».
وبالفعل، يقول قاسم، «هناك خطر على دول الخليج. ولعلها حاليا أمام مسؤولية إعادة النظر في أولوياتها ومراجعة سياساتها وتدارك ما تورطت به في سوريا والعراق، وإلا فإن الوبال عليها من هؤلاء التكفيريين الذين لديهم مشروعهم، وهم اذا تقاطعوا مع احد، فلمرحلة معينة، وبعد ذلك يكملون في خدمة مشروعهم ويتجاوزون مشغليهم المحليين والاقليميين والدوليين».