تعتبر أوساط ديبلوماسية بارزة، أنّ ما يحصل من عمليات للتنظيمات المتطرّفة في كل من العراق وسوريا والتي يتلقّى لبنان بعضاً من تأثيراتها، إنّما يُدرَج في اطار «مشروع اقليمي إرهابي كبير» ومفتوح على كل الاحتمالات. والسؤال المطروح هل كان ولا يزال بالإمكان تحييد لبنان أكثر عن حريق المنطقة؟
تشير الأوساط إلى أنّه كان بالإمكان تحييد البلاد أكثر، لكن على الرغم من الوضع الملتهب في المحيط، استطاع المسؤولون اللبنانيون أن يوفّروا الحد الأدنى من الاستقرار. وهناك عوامل عدّة ساهمت في ذلك لعل أهمّها عدم وجود قرار بحصول معركة داخلية، وأنّ تشكيلة الحكومة تضم الفريقين 14 و8 آذار، وأنّ ما نراه من تفجيرات إرهابية ليس صنيعة الداخل، أو في اطار قرار اتخذه اللبنانيون ضدّ بعضهم، بل يأتي من الخارج.
الحل للوضع الاقليمي الملتهب سيأتي نتيجة تفاوض. لكن المهم المدّة التي سيستغرقها بدء هذا التفاوض، لأنّه في المرحلة الأولى الحالية ليس هناك من تفاوض، وفي حال بدأ التفاوض كل فريق سيدخل إليه تحت عنوان مختلف عن العنوان الذي يضعه الفريق الآخر. ومن دون تفاوض سيستمر الوضع الملتهب في المنطقة مدّة طويلة، ولا يعرف أحد متى ستنتهي.
مصادر واسعة الاطلاع تشير إلى أنّ لبنان لا يمكنه تحييد نفسه بالكامل لا سيما وأنّه يقع ضمن منظومة الدول المحيطة بإسرائيل. حلم إسرائيل هو أن تنقسم الدول المحيطة بها وهذا ما بات مؤكداً منذ الحرب اللبنانية في العام 1975.
المسألة الوحيدة الجيدة بالنسبة إلى لبنان أنّ دول العالم الغربي كلها تريد له الاستقرار كما معظم الدول الأخرى. ويقع ذلك في مصلحة تلك الدول. أمّا إذا تغيّرت المصلحة يوماً ما فقد ينقلب الاستقرار إلى نزاع، وقد يُصار إلى استغلال الخلافات الموجودة في لبنان سلباً ما يؤدي إلى عدم الاستقرار. ليس لدى لبنان قاعدة صلبة وأساس متين للحفاظ على الأمن ومنع دخول الإرهابيين بل ما هو لدى الجميع في الداخل قناعة بأن الاستقرار يجب عدم هزّه. إنّما القناعة وحدها لا تكفي، لأنّه إذا تغيّرت يتغيّر الواقع. ولو أن ليس من فريق داخلي لديه مصلحة أن يصبح لبنان مثل العراق.
ودخول الإرهابيين إلى لبنان جاء بسبب محاولتهم استغلال ظروف معيّنة في البلد لا سيما الخلاف السياسي حول ما يجري في سوريا. إذ إنّ نصف الشعب اللبناني مع التدخّل في سوريا ونصفه ضدّ ذلك. دخلوا تحت شعارات متعدّدة لافتعال بعض المشكلات، إلاّ أنّ ذلك لا يؤدي إلى حروب. كل هدفهم الفتنة في لبنان، ومع ذلك هذه الفتنة لن تحصل.
لكن يبقى هناك خوف وقلق وصعوبات أمنية، لأنّ لا خطر على لبنان في الانغماس بحرب طائفية، وكل الأطراف تدرك أنّ لا أحد سيربح ولدى اللبنانيين تجربة سابقة حتى الآن لم تنتهِ منها.
ومن الإجراءات التي يمكن اعتمادها لضبط حركة الوافدين غير المرغوب فيهم إلى لبنان، هي أن يطلب ما يفيد أنّ حكومة طالبي التأشيرات اللبنانية تعتبر سجل هؤلاء نظيفاً. ولهذا من المهم العلاقة مع إدارات الدول التي يرغب رعاياها زيارة لبنان. هناك نوعان من الأجانب، التجّار الكبار والمتموّلون والمستثمرون وباتوا معروفين لدى الإدارات المختصة في لبنان، ثم الأشخاص العاديون لا سيما أولئك الذين يأتون إلى لبنان للمرّة الأولى. فمن الضروري وجود ما يفيد من دولته عن قبولها سفره إلى لبنان، أو إلى أية دولة أخرى، والتأشيرة المسبقة في هذا الاطار مهمّة، لكن ذلك لا يمنع نهائياً انتقال الإرهابيين.
ومن الإجراءات أيضاً أن تعمّم الدول أسماء الإرهابيين لديها على الانتربول بواسطة السفارات من أجل منع دخولهم إلى أية دولة.
من حسنات الإجراءات اللبنانية في شأن السياحة أن تُعطى التأشيرات على المطار. لكن يجب دراسة الأمر إذا كان الأمن والاستقرار في خطر وأن لا تكون الأمور عشوائية. لبنان يشجّع السياحة، لكن السؤال «هل السيّاح يقفون في الصف لزيارته؟».
إنّ 80 في المئة من رعايا العالم يدخلون لبنان من خلال التأشيرة على المطار، إنّما اللبناني أينما قصد يحتاج إلى فيزا مسبقة باستثناء بعض الدول حيث هناك اتفاقات لإلغاء التأشيرة بالمثل وهي قليلة. الهمّ الأمني يجب أخذه بالاعتبار كونه أساسياً بالنسبة إلى الاستقرار.
هناك وسائل مكلفة لكنها مهمّة لم تتبع في لبنان بعد مثل حواجز «أشعة X« وضرورة مرور السيارات تحتها، واستيراد سيارات معدّة لاكتشاف السيارات المفخّخة حولها ثمن الواحدة مليون دولار يمكن شراء عدد منها يتم تسييرها مثلاً في بيروت والمناطق الأكثر عرضة للتفجيرات.