Site icon IMLebanon

.. و»القوات» تردّ: شرطنا الدولة

تستعدّ بكركي لعقد مؤتمر وطني مسيحي، يهدف إلى محو الحقد بين القوى المسيحية عبر جمع الأقطاب المسيحية المتنافرة، والتي تبدأ بلقاء بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، لتنسحب بعدها إلى مصالحة مارونية جامعة، تُطرح فيها الهواجس بين الأطراف المتنازعة.

اللقاء في حدّ ذاته يشكّل إنجازاً نوعياً، خصوصاً في حال استجابة القيادات المسيحية المارونية لرغبة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الأمر الذي يؤشّر إلى رغبة إبقاء جسور التواصل مفتوحة بين الأفرقاء، بغَضّ النظر عن المواقف السياسية المختلفة، والاتّفاق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي لعدم إبقاء الشغور في الموقع المسيحي الأوّل، وعدم إبقاء الخارج يتحكّم باللعبة السياسية الداخلية. مع العِلم أنّ المصافحة التي حصلت في العام 2011 بين جعجع ورئيس تيار «المرَدة» النائب سليمان فرنجية تركت آثاراً جيّدة على المستوى الشعبي، وأدّت إلى تبريد الساحة الشمالية من العواصف الناريّة التي كانت تحصل بين الطرفين.

والأسئلة التي تطرح نفسَها اليوم: هل سينجح القادة المسيحيّون في تذليل العقبات التي تعترض اتّفاقهم على سلّة متكاملة من القضايا والاستحقاقات، وما هي الشروط التي سيطرحها الفرقاء للجلوس على طاولة واحدة، وهل سينجحون في الاتفاق على رئيس للجمهورية؟

الدعوة حتى الساعة لم توجَّه بعد إلى الأقطاب المسيحيين، ولكن في الوقت عينه تؤكّد مصادر معراب لـ»الجمهورية» أن لا خصومة شخصية مع عون، وليس هناك من أيّ مانع لأيّ لقاء تدعو إليه بكركي»، موضحةً أنّ «الخصومة مع عون تكمن في الخلاف على المشروع السياسي بين 14 و8 آذار، وليس خلافاً على المستوى الشخصي».

حتى الساعة لم تحدّد بكركي جدول الأعمال والنقاط التي يجب البحث فيها، وهنا تشير المصادر إلى أنّه «عندما يدعو «سيّدنا» عندها لكلّ حادث حديث، وسنرى جدول الأعمال ليُبنى على الشيء مقتضاه»، لافتةً إلى أنّ «هناك أموراً كثيرة يجب أن تتوضّح من قِبل الفريق الآخر، أوّلاً موقفه النهائي من السلاح خارج الشرعية، وثانياً موقفه النهائي من تدخّل «حزب الله» في سوريا، فضلاً عن مواقف عدّة ملتبسة تبدأ بالتعيينات الإدارية في الدولة التي لم يتمكّن 10 وزراء لعون في الحكومة السابقة من تحقيق أيّ مطلبٍ مسيحي أو تحقيق أيّ تقدّم عملي على صعيد توازن السلطة، والدليل الصارخ في هذا المجال كان المديرية العامة للأمن العام التي عجزَ عون عن تنفيذ وعوده المتكررة بإعادتها إلى المسيحيين، ولا تنتهي بدور المسيحيّين في لبنان وأراضي الشعب الماروني في «لاسا».

«القوات» لا تريد شيئاً من عون، كما أنّها لا تضع شروطاً معيّنة للّقاء، وتقول المصادر: «عندما تطلب بكركي نتجاوب، وليكن الموضوع واضحاً، فالخلاف هو بين مشروعين سياسيين، ورأس حربة هذين المشروعين في معركة رئاسة الجمهورية هما سمير جعجع من جهة وميشال عون من جهة أخرى، لأنّ الظرف شاء أن يكون الاستحقاق مارونيا».

وتضيف: «الخلاف هو بين مشروعين، مشروع الدولة ومشروع الدويلة، المناصفة والمثالثة، الدولة واللادولة، خلاف على طريقة التعيينات والاستهتار بالمواقع المسيحية».

وحول إمكانية الحظوظ على اتّفاق على رئيس للجمهورية في بكركي، تشير المصادر إلى أنّ «هناك مبادرة قدّمها جعجع، فليجيبوا عليها في حال كانوا جدّيين»أمّا الباقي فهو «طَق حنَك».

وفي المحصّلة، فالتجربة أثبتت أنّ اللقاءات المسيحية لم تُنتج أيّ تفاهم نيابي ولا رئاسي، ولكن هذا لا يمنع أنّ البطريرك وضع كلّ ثقله لإنتاج أرضية صالحة للتوافق، وقد نجحَت لغاية اليوم في إعادة التواصل الشخصي، ويبقى الرهان على مدى إمكانية تمدّدها على الملفّات الوطنية في ظلّ الانقسام العمودي القائم.