Site icon IMLebanon

وتهجير المسيحيين في العراق يستحضر هواجس الأقليّات

هل لا تزال سياسة «النأي بالنفس» صالحة لمحاربة الإرهابيين التكفيريين ؟ تطمينات المسؤولين تجافي المخاطر الداهمة

وتهجير المسيحيين في العراق يستحضر هواجس الأقليّات

فيما تصنع المقاومة الفلسطينية فجرا عربيا جديد عنوانه الأساسي دفن زمن الإنكسارات والنكسات النكبات العربية أمام اسرائيل، وفيما كان المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن يؤكد من خلال بيانه الباهت والشكلي حول الحرب الدائرة في غزة عن الانحياز الأعمى لجانب اجرام وانتهاكات اسرائيل ضد المدنيين العزل من الفلسطينيين الذين يواجهون باللحم الحيّ أعتى الآلات العسكرية حداثة وفتكا على وجه الأرض ، كانت المرجعيات السياسية الحكومية في لبنان وعلى حدّ قول مصادر وزارية تستمر في نهج سياسة النعامة التي تدفن رأسها في التراب لتحجب أنظارها على المخاطر المحدقة بها، والتعبير الصارخ عن تلك السياسة الجوفاء تمثل في استمرار المواقف السياسية التي تطمئن اللبنانيين بأن الأوضاع في لبنان على أحسن ما يرام خصوصا على الصعيد الأمني الذي يبقى ممسوكا بنظر تلك المرجعيات على الرغم من مسلسل الأحداث الأمنية المتنقلة بين طرابلس والجنوب والحدود الشرقية التي تنذر بحسب مصادر أمنية رفيعة بمخاطر وخيمة وجسيمة فيما لو استمر التعاطي السياسي مع المخاطر الداهمة بهذه الخفة وفيما لو أن دعم بعض القوى السياسية للأجهزة الأمنية في حربها الضروس على الإرهاب التكفيري سيبقى مجرد دعم لفظي يتبخر معناه عند كل توقيف لأحد الإرهابيين الخطيرين المتورطين بأعمال ارهابية على الأراضي اللبنانية.

وترى المصادر الوزارية بأن المواقف المعلنة المطمئنة للشعب اللبناني لا تعكس في حقيقة الأمر المخاوف الحقيقية الموجودة فعلاً في كواليس الأروقة السياسية والدبلوماسية على إطلاقها في بيروت، حيث تتمحور تلك المخاوف من وصول الحرب الطائفية والمذهبية الدائرة في المنطقة إلى ربوع لبنان مع ما تحمل هذه الحرب ورائها من معطيات تقسيم وتفتيت لدول الجوار والمحيط التي تجتاحها الأعاصير الإرهابية على يد أبو بكر البغدادي زعيم الخلافة الإسلامية المزعومة التي أعلنها تنظيم «داعش»، وعلى يد ابو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة» التي تستعد لإعلان حدود إمارتها الإسلامية في جنوب سوريا.خصوصا أن الحرب التكفيرية الشعواء التي يشنها تنظيم «داعش» وأخواته من التنظيمات الإرهابية التي تتبني نهج ذلك الفكر الأصولي التكفيري خلف العباءة الإسلامية والذي صنعه وأسسه زعيم تنظيم القاعد أسامة بن لادن لم تعد سهامها موجهة مذهبيا فقط ضد الطائفة الشيعية في العراق أو ضد الطائفة العلوية الكريمة في سوريا بل أن هذه الحرب باتت وبشكل علني موجهة ضد المسيحيين المهددين بدورهم وحضوره ووجودهم في هذا الشرق. وما يجري من أعمال قتل وتهجير وحرق للكنائيس ونهب لبيوت المسيحيين في مدينة الموصل العراقية إلا دليلا ساطعا تؤكد المصادر على أن تلك الحرب التي تتهدد بطبيعة الحال لبنان بمكونه الإسلامي المسيحي بات هناك واجبا على اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا أن يتحركوا بسرعة لمواجهتها سيما أن المناداة بالحياد أوالعودة إلى سياسة النأي بالنفس بعد كل ما يجري في محيط لبنان وجواره بات يشكل استسلاما غير مقبول و انتحارا مع وقف التنفيذ كون تلك التنظيمات الإرهابية هي مصممة من خلال ممارساتها الواضحة المعالم على اقتلاع الروافض وتهجير الأقليات من مسيحيين وغيرهم بحد السيف ومن لا يريد أن يقع عليه حد السيق فإن الخيار الوحيد أمامه القبول بنظام «أهل الذمة» الذي يعترف بسطوة وتسلط تلك التنظيمات على رقبة البلاد والعباد في المناطق الخاضعة لنفوذ سيطرتهم.

إلى ذلك أكدت مصادر دبلوماسية في بيروت لـ الديار بأنه ليس صحيحا أن لبنان بمنأى عن تداعيات كوارث المنطقة لمجرد أن هناك مظلة أمان دولية ـ اقليمية حامية لأمن واستقرار لبنان سيما أن مثل هذه المظلة تبقى مهددة بالسقوط طالما أن الوضع الداخلي السياسي والأمني لا يزال هشا وتزعزعه النزاعات والخلافات التي تتخذ بالشكل صورة النزاع الداخلي لكن عمق هذه النزاعات والخلافات تبقى مرتبطة بالصراعات الجارية على مستوى كل المنطقة والتي من شان تطوراتها أن ترسم أفاق مستقبل الواقع السياسي والأمني في وطن الأرز الذي يبقى مهددا طالما أن الصراعات والمواجهات الكبرى مستمرة بكل ضراوتها السياسية والطائفية والمذهبية العقائدية على أكثر من ساحة في المنطقة خصوصا على صعيد ما يجري في العراق وسوريا وقطاع غزة.

المصادر أكدت بأن الحرب على الإرهاب تبقى على رأس أولويات المجتمع الدولي الذي يجد اليوم في الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية شريكا حقيقيا في مكافحة الإرهاب وهناك تنسيق أمني واستخباراتي عال بين الأجهزة الأمنية اللبنانية وبعض أجهزة المخابرات الدولية الفاعلة في المنطقة. مضيفة بأنه بعد التطورات الأخيرة في وسوريا ولا حقا في العراق والتي حملت في طياتها ارتفاع مستوى التهديد الذي تشكله التنظيمات الإرهابية ليس فقط على صعيد الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوساط بل أيضا على مستوى تهديد تلك التنظيمات لدول غربية الأمر الذي دفع بتلك الدول الغربية إلى إيجاد سبل المناسبة لخلق مساحة رحبة من التنسيق والتعاون مع حزب الله الذي بات ينظر إليه في دوائر القرار الدولية على أنه شريك أساسي في مواجهة ومكافحة الإرهاب التكفيري الأصولي وذلك على الرغم من النظرة السابقة العدائية لحزب الله من قبل الغرب الذي بات مدركا بأن هناك مصلحة له في إقامة علاقة أمنية مع الحزب على صعيد ملف الإرهاب التكفيري، سيما أن التقارير الأمنية والأستخباراتية الغربية التي تحذر من خطورة الإرهابيين تحث على ضرورة الإستفادة من خبرات حزب الله على صعيد توجيه الضربات الإستباقية لأوكار الإرهابيين وخلياهم وبناهم اللوجستبة وبيئتهم الحاضنة، كما أن تلك التقارير على هذا الصعيد تنصح وبكل وضوح إلى ضرورة قيام نوع من التعاون والتشارك مع كافة القوى الفاعلة والمؤثرة في المنطقة في مجال ضرب الإرهاب واستئصاله وهذه النصائح تشكل أيضا ضرورة بناء مثل هذا التعاون و التشارك الأمني مع حزب الله الذي على ما يبدو إن الغرب في العام 2014 بات ينظر إليه أكثر من أي وقت مضى على أنه يمكن أن يكون الشريك الأستراتيجي الأبرز والأهم على صعيد محاربة الإرهاب في المنطقة سيما أن الحزب اثبت أنه كان السباق على الصعيد اللبناني في التوجه نحو محاربة الإرهاب التكفيري استباقيا من خلال ذهابه نحو سوريا لمحاربة الإرهاب هناك قبل أن يتضاعف خطرهم على لبنان شعبه.