Site icon IMLebanon

وعود أميركية ودولية للفاتيكان بـــتسوية قبل 25 أيار

 

ما ينفيه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان علناً من سعيٍ لتمديدٍ مقنّع لولايته تحت عنوان استمراره في مهمّاته إلى حين انتخاب رئيس جديد، يعمل له بقوّة سرّاً، وبدأ يعاونه في ذلك بعض المرشّحين الذين لم يُكمِلوا بعد العُدّة اللازمة لترشيحهم، ويجدون في هذا «التمديد المقنّع» ما يمنحهم مدّة زمنية إضافية لاستكمال تسويق ترشيحاتهم في هذا الاتّجاه أو ذاك، علّهم يضمنون فوزَهم بالرئاسة.

في معلومات خاصة لـ«الجمهورية» أنّ رئيس إحدى الكتل النيابية اقترح صفقة على سليمان مفادُها التمديد له لمدّة سنة، عبر تعديل المادة 62 من الدستور، مقابل تغيير قائد الجيش العماد جان قهوجي. وبدأت اتصالات سرّية مع بعض المرجعيات في محاولة لتسويق هذه الصفقة تحت ذريعة عدم جواز ترك قصر بعبدا شاغراً بلا رئيس. إلّا أنّ مشروع الصفقة اصطدم برفض قوى أساسية له، لأسباب دستورية وسياسية ووطنية.

«المستقبل»

وتعليقاً على هذا الاقتراح، قالت مصادر قيادية في تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية»: «تبيّن أنّ اقتراح تعديل المادة 62 من الدستور لا أفق له».

وإذ لفتت إلى أنّ المجلس النيابي لا يحقّ له أن يشرّع في الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية، سألت: «كيف سيحقّ له أن يعدّل الدستور؟»

«8 آذار»

من جهتها أكّدت مصادر قيادية بارزة في قوى 8 آذار لـ»الجمهورية» أنّه: «على الرغم من وجود اجتهاد يقول بأنّ المجلس النيابي لا يمكنه أن يشرّع في الأيام العشرة الأخيرة، فهذا يعني أنّه لا يمكن إجراء أيّ تشريع أو تعديل دستوري، فإنّ موقف 8 آذار هو أن لا تمديد لسليمان بأيّ شكل من الأشكال».

برّي

إلى ذلك وبعد ساعات على تأجيل جلسة الانتخاب الرئاسي قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لزوّاره: «إنّ جلسة الانتخاب الرئاسي في 22 أيار الجاري لن تكون الاخيرة ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي في 24 الشهر نفسه، بل ستكون هناك جلسات اخرى قبل نهايتها. وفي حال الشغور في سدّة الرئاسة، فإنّ وتيرة جلسات الانتخاب ستكون متسارعة بمعدّل جلسة كل ثلاثة ايام».

وأشار بري الى انّه تبلّغ من نواب 8 آذار مساء الاربعاء اثناء جلسة مجلس النواب لدرس سلسلة الرتب والرواتب، أنّهم «سيحضرون الجلسة الاخيرة في المهلة الدستورية ويكملون نصابها القانوني من دون ان يحدّدوا لمن سيقترعون»

وردّاً على سؤال حول استمرار مجلس النواب في التشريع بعد 25 أيار وتلويح البعض بمقاطعة المجلس بذريعة وجود شغور في سدة رئاسة الجمهورية، قال بري: «سأستمرّ في توجيه الدعوات الى جلسات تشريعية متتالية، وهذا ما قلته اليوم (امس) امام رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة والنائب بطرس حرب، وشرحت موقفي من انعقاد المجلس ورفض تعطيل دوره. وقد ذكّرت بما حصل أثناء استقالة حكومة ميقاتي، وقلت لبعضهم: وقعتم في الفخّ الذي نصبتموه، امتنعتم عن حضور جلسات المجلس بسبب شغور منصب سنّي، والآن هناك من يطرح التغيّب بذريعة موقع رئاسة الجمهورية. وقلت لبعض النواب المسيحيّين: هل إنّ السُني والشيعي أو الدرزي هو الذي يمنع اكتمال النصاب؟ المسيحيّون لا يحضرون. هل اتّفق المسيحيّون على مرشّح وقلنا لا أو رفضناه؟ إذهبوا واتّفقوا على مرشّح وسترَون أنّنا سنؤيّده».

إلى ذلك، بدأ منسوب خطر الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية يرتفع مع دخول لبنان أمس في مهلة الايام العشرة الاخيرة التي تسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وفشل المجلس النيابي وللمرّة الرابعة في انتخاب رئيس جديد بسبب عدم إكتمال النصاب القانوني للجلسة الانتخابية أمس والتي لم يحضرها سوى 73 نائباً، ما حدا برئيس المجلس الى ترحيلها حتى ظهر الخميس المقبل، اي قبل ثلاثة ايام من انتهاء ولاية سليمان.

مصدر فاتيكاني

في غضون ذلك أكّد مصدر فاتيكاني لـ»الجمهورية» أنّ «تحرّك الفاتيكان في اتجاه الإدارة الأميركية وعواصم القرار الدولي مستمرّ في إطار خطّة طوارئ فاتيكانية لإنقاذ الإستحقاق الرئاسي قبل 25 أيار». ولفت الى أنّ «هذا الحراك بلغ مراحل متقدّمة ويشرف عليه مباشرة وزير الخارجية دومينيك مامبرتي وأمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين».

وكشف المصدر أنّ الفاتيكان تلقّى من الإدارة الأميركية ودول مؤثّرة أخرى وعوداً بأنّ «تسويةً ما قد تحصل في ربع الساعة الأخير قبل نهاية المهلة الدستورية، وفي أسوأ الحالات قد يشغر مركز الرئاسة الأولى لفترة لا تتجاوز شهراً».

وأكّد المصدر حرص الفاتيكان الشديد في اعتبار أنّ معركة رئاسة الجمهورية هي معركة وجودية تتجاوز موارنة لبنان لتشمل الوجود المسيحي المؤسّساتي الفاعل في لبنان والدول المشرقية».

وأكّد أنّ الكرسي البابوي انتقل من مرحلة الدرس والإعداد ومراقبة الوضع في الشرق بعد تولّي البابا فرنسيس السدّة البابوية الى مرحلة التحرّك الفعلي الجازم على الأرض، بعدما بيّنت الدراسة والمراقبة أنّ الثقل المسيحي المشرقي عمادُه موارنة لبنان والإصطفاف المسيحي خلفَهم، ما دفع الفاتيكان الى إعطاء البطريركية المارونية إشارة الإنطلاق لقيادة مسيحيّي المشرق مع هامش من الحرّية يتناسب مع طبيعة المنطقة، حيث يعود للبطريرك الراعي تحديد الخطوات التي سيتّخذها وإطلاع الفاتيكان عليها.

وفي هذا السياق، كشف زوّار بكركي أمس أنّ الراعي سيبدأ تحرّكاً ضاغطاً بهدف تأمين انتخاب رئيس جمهورية جديد.

رئيس مؤسّسة الإنتربول

وشدّد رئيس مؤسّسة الإنتربول الدولية الوزير السابق الياس المر من بكركي، على ضرورة بذلِ الجهود داخليّاً وإقليمياً ودولياً، «لكي لا نصل إلى تاريخ 25 أيّارـ لا سمحَ اللّه ـ لا يكون عندنا رئيس، وتفرَغ سدّة الرّئاسة في بعبدا».

وأكّد المر أنّه اتفق والراعي «على أنّ الفراغ في 25 أيّار سيخلق خللاً على صعيد الساحة المسيحيّة»، وقال: «مِن العار على المسيحيّين أن تُقفَل أبواب قصر بعبدا، في حين تبقى أبواب الرئاسات الأخرى مفتوحة».

جعجع

في غضون ذلك، أكّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الإستمرار في ترشيحه، رافضاً مقولة أنّ مقاطعة الجلسات حقّ دستوري، وقال: «لا نريد ناطوراً لقصر بعبدا بل نريد رئيساً للجمهورية». واقترح تعديلاً دستورياً «من أجل انتخاب رئيس ولكي لا تبقى البلاد بلا رأس». وشدّد على ضرورة إجراء تعديل دستوري لانتخاب الرئيس، واقترح ان يكون النصاب في الجلسة الاولى ثلثي الأصوات، والنصف زائداً واحد في الجلسة الثانية، ومَن حضر في الجلسة الثالثة، موضحاً أنّه يطرح هذا التعديل الدستوري لِما بعد 25 أيار من أجل انتخاب رئيس ولكي لا تبقى البلاد من دون رأس».

رزق

وقال المرجع الدستوري أدمون رزق لـ»الجمهورية»: «إنّ الدستور لم يحدّد نصاباً معيّناً لجلسة انتخاب الرئيس، ولكنّه فرض الحصول على ثلثي عدد اعضاء المجلس للفوز في الدورة الاولى، وقياساً على ذلك جرى العرف على اعتماد حضور الثلثين لافتتاح الجلسة. على انّ المشترع الدستوري عندما أجاز الفوز في الدورة الثانية وما يليها بالاكثرية العادية، أي النصف + 1 فقد حدّد النصاب اللازم لإجراء الدورة الثانية بالنصاب العادي اي النصف +1». وأضاف: «إنّ القاعدة العامة في التشريع هي أنّه لا يجوز الاجتهاد في معرض النص، وهنا النص واضح، فيكون اشتراط اكثرية الثلثين لافتتاح الدورة الثانية وما بعدها مخالفاً للدستور. كذلك فإنّ إعلان فوز أيّ رئيس بأقلّ من نصف عدد النواب زائداً واحداً هو أيضاً مخالف للدستور، ووجَب التقيّد بالنص تحت طائلة البطلان».

وكرّر رزق ما ردّده مراراً من «أنّ نصاب الدورات التالية هو العادي، أي 65، ولا يمكن تعديله لا بقرار الرئاسة ولا بقرار هيئة مكتب المجلس ولا بقرار المجلس كلّه من خارج الأصول المحددة لتعديل الدستور. وعليه، فإنّ النصاب كان متوافراً في الجلسات الثلاث التي رُفِعت ووجب البدء بدورة الإقتراع التالية».

سلام إلى الرياض

ووسط هذه الأجواء، يستعدّ رئيس الحكومة تمّام سلام للسفر الى السعودية في أوّل إطلالة عربية له منذ تأليف الحكومة. وقالت مصادر تُشارك في ترتيبات الزيارة لـ»الجمهورية» إنّ سلام الذي تلقّى دعوات من دول عربية وخليجية أصرّ أن تكون أولى إطلالاته العربية من الرياض، على أن يزور الكويت قريباً. وسيلتقي سلام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ووليّ العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، ويعرض معهما لآخر التطوّرات في لبنان والمنطقة.

وقالت المصادر إنّ الرياض مهّدت لزيارة سلام لها بفكّ حظر سفر السعوديّين الى لبنان، وذلك في رسالة دعمٍ واضحة وقوية لسلام إيذاناً بانتهاء سياسة التردّد إزاء لبنان عقبَ فشل الحكومة السابقة في مَنعِ تورّط «حزب الله» في الأزمة السورية، إضافةً إلى كلّ ما كان سبباً في منعِ الخليجيّين من السفر إلى لبنان.