Site icon IMLebanon

وقائع اليوم الأمني من المعلومة الأميركية وقهوة صوفر إلى تفجير ضهر البيدر واجتماع السرايا

وقائع اليوم الأمني من المعلومة الأميركية وقهوة صوفر إلى تفجير ضهر البيدر واجتماع السرايا

الإرهاب تحت مجهر الأمن الوقائي

 

إنها السادسة والنصف من صباح الأمس، يرنّ هاتف رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد عماد عثمان «لدينا معلومات عن تفجيرات من الممكن أن تحصل خلال الساعات المقبلة في لبنان» يقول له مسؤول أمني أميركي ناقلاً كذلك معطيات عن خلايا إرهابية محتمل وجودها في فندق «NAPOLEON» في منطقة الحمرا تقوم بالتخطيط لتنفيذ عمليات تفجير في بيروت ومناطق أخرى… واذ جرى التعامل مع هذه المعلومات الاميركية باعتبارها تأتي في سياق مؤكد لمعطيات «ورؤوس خيوط» متوافرة منذ ايام لدى الشعبة، تم على الأثر اطلاق عمليات دهم وملاحقة أحاطت خطر الإرهاب وأخضعته تحت مجهر الأمن الوقائي. وفيما بدا اليوم الأمني في شكله وظاهره متشعباً ومتداخلاً لناحية المخاطر المحدقة والمتربصة بالبلد واستقراره لا سيما مع التفجير الانتحاري الذي استهدف حاجز قوى الأمن الداخلي في منطقة ضهر البيدر وأسفر عن سقوط شهيد و33 جريحاً، إلا أنّ في وقائع هذا اليوم ودلالاته ما يؤكد أنّ الأمن ممسوك والتنسيق بين مختلف الأجهزة في أفضل مستوياته.

بالعودة إلى وقائع اليوم الأمني الطويل وفق ما روتها مصادر أمنية رفيعة لـ«المستقبل»، أنّه وفور التبلغ بالمعلومة الاستخبارية المتقاطعة مع المخاوف الأمنية من تمدد الارهاب الاقليمي الى الساحة الداخلية، باشر العميد عثمان بتنفيذ خطة إجراءات أمنية احترازية بعد أن أبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص بالمعطيات التي بحوزته. أما المشنوق الذي كان من المقرر أن يلقي كلمةً أمس في المؤتمر الاختياري الوطني الأول في قصر اليونيسكو برعاية وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري وبمشاركة نحو 1800 شخص، فبادر عند تمام الساعة السابعة إلا ربعاً إلى الاتصال ببري وإيقاظه من النوم قائلاً له: «دولة الرئيس سبق وأن حذرتك من مخطط لاستهدافك (من خلال اعترافات أحد الموقوفين عن عملية تستهدف عين التينة) والآن من واجبي أن أنبّهك مجدداً إلى وجود خطر وقوع تفجيرات محتملة في بيروت، لذلك أتمنى عليك أن تلغي انعقاد المؤتمر الاختياري»، وهكذا كان.

عند تمام الساعة التاسعة صباحاً، كان وزير الداخلية على وشك الدخول إلى دارة رئيس الحكومة تمام سلام في المصيطبة فاتصل به وسأله: «دولة الرئيس أنت موجود في المنزل، لديّ معلومات خطيرة يجب أن أطلعك عليها»، فأكد له سلام أنه في المنزل ينتظره. وعندما اجتمعا أعلمه المشنوق بالمعطيات الأمنية المستجدة، فقرر رئيس الحكومة في ضوء ذلك الدعوة إلى اجتماع أمني طارئ برئاسته في السرايا الحكومية.

في غضون ذلك، كانت وحدات من شعبة المعلومات وأخرى من الأمن العام تشن عند الساعة السابعة والنصف عمليات دهم وتفتيش في فندق «NAPOLEON» حيث جرى التدقيق بهويات نزلاء الفندق والتحقيق مع 17 شخصاً منهم ثم اخلي 13 مع الابقاء على 4 أشخاص رهن التحقيقات، «وقد يكون أو لا يكون لهم علاقة بالمخططات الإرهابية المحتملة» بحسب ما حرصت المصادر الأمنية على التشديد، معتبرةً في هذا السياق أنّ «عملية دهم الفندق تمت وفق الإجراءات والمجريات الأمنية المعتادة عند تبلغ معلومات أو معطيات شبيهة، إلا أنّ المواكبة الإعلامية لهذه العملية أظهرتها بشكل مضخّم واستثنائي أمام الرأي العام ربطاً بمعطيات أمنية أخرى متزامنة».

تفجير ضهر البيدر

في الأثناء، قبيل منتصف الظهيرة، توقفت سيارة رباعية الدفع من نوع نيسان «مورانو» رصاصية اللون عند مقهى في إحدى الطرقات الداخلية في منطقة صوفر، حيث بدا على سائقها التعب والتوتر، فسأله أحد العاملين في المقهى: «خير، في شي؟» أجابه السائق بلهجة سورية: «لا والله بس سيارتي ما عم تدور». ونظراً للاشتباه بتصرفاته وارتباكه الملحوظ سارع «القهوجي» إلى إبلاغ القوى الأمنية بالموضوع، فتوجهت فوراً دورية من المنطقة باتجاه مكان المشتبه به، الذي عمد إلى الفرار باتجاه البقاع، حيث بادرت الأجهزة الأمنية إلى إبلاغ حاجز ضهر البيدر بمواصفات السيارة المطارَدة وسائقها، الذي وجد نفسه عند بلوغه نقطة الحاجز محاصراً، ففجر نفسه بسيارة مفخخة بنحو ثلاثين كيلوغراماً من المواد المتفجرة، ما ادى الى استشهاد المؤهل أول محمود جمال الدين (من مواليد 1964 سعد نايل – زحلة) وإصابة 33 شخصاً بجروح بينهم 7 عناصر من قوى الأمن الداخلي.

وإذ أوضحت المصادر الأمنية أنّ صورة الانتحاري باتت معروفة نظراً لكونها موضوعة على بطاقة الهوية المزورة التي كانت بحوزته، أكدت أنّ المواطن اللبناني الموجود اسمه على هذه الهوية حضر إلى التحقيق وتبيّن أن لا علاقة له بالعملية.

وفيما صودف مرور موكب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعد دقائق من وقوع التفجير على طريق ضهر البيدر، وضعت المصادر الأمنية عملية قطع الطرق التي شهدتها العاصمة والمناطق أمس في إطار «الإجراءات الوقائية والجهوزية التامة قبل التفجير الانتحاري وبعده لدرء أية مخاطر أمنية محتملة».

أما في ما يتصل بالجهة التي تقف خلف العملية، وبينما أعلن ما يسمى «لواء أحرار السنة بعلبك» تبنيه التفجير الانتحاري، فقالت المصادر الأمنية: «لا زلنا غير متأكدين من الجهة المسؤولة عن هذه العملية سواءً كانت «داعش» أو غير «داعش»، إلا أنّ الأكيد أنّ المخططين والمنفذين لديهم الفكر الإرهابي والعقل المتطرف نفسه».

الاجتماع الأمني

وفي السرايا الحكومية، ترأس سلام اجتماعاً أمنياً حضره نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، وزير الداخلية، وقائد الجيش العماد جان قهوجي وسائر مدراء وقادة الأجهزة الأمنية. وبعد استعراض آخر ما توصلت إليه التحقيقات والجهود الأمنية في سبيل معالجة المعطيات عن خطط محتملة لزعزعة الأمن، أكد المجتمعون «متابعة تنفيذ الخطة الأمنية التي بدأت منذ ثلاثة أشهر بالوتيرة نفسها وتشديد الاجراءات المتخذة للتصدي لأي محاولات عبث بأمن لبنان واللبنانيين»، كما تقرر «الإبقاء على الجهوزية العالية لدى الجيش والقوى والأجهزة الأمنية لرصد أي خطط تخريبية وتعقب وضبط المخططين ومنفذيها».

وكان رئيس الحكومة قد أعرب في مستهل الاجتماع عن ارتياحه للتدابير والإجراءات التي اتخذتها الأجهزة ولقدرتها على السيطرة على الوضع«، ولفت الانتباه إلى أنّ «ما جرى اليوم يجب أن يشكل حافزاً لجميع القوى السياسية للتكاتف وضرورة بذل كل الجهود من أجل تفعيل عمل المؤسسات الدستورية لتحصين البلاد إزاء كل أنواع المخاطر«، محذراً في الوقت عينه اللبنانيين «من الاستسلام للشائعات والتهويل المفتعل والمخاوف غير المبررة«.

ونقلت مصادر المجتمعين لـ«المستقبل» أنّ الوزير المشنوق نبه خلال الاجتماع إلى أنّ «البلد واقف على خط زلزال سياسي متقاطع مع خطر حريق أمني ما يستوجب وقف ترف الخلاف السياسي وأن نكون في أعلى درجات الجهوزية لمجابهة المخاطر». إلا أنه أشار في الوقت عينه إلى أنّ «ما حصل في لبنان خلال الأشهر الأخيرة لا يزال محدوداً جداً قياساً على ما يحصل في المنطقة»، منوهاً في هذا الإطار «بالتنسيق المثالي والممتاز بين الأجهزة» ومعرباً عن أمله في «أن تظهر صورة سياسية مماثلة في البلد».

كذلك نقلت المصادر أنّ العماد قهوجي أشاد بدوره بالتنسيق الأمني خلال الاجتماع قائلاً: «نحن اليوم في أعلى درجات التنسيق والتعاون بين الأجهزة منذ سنوات، ويجب أن نبقى كذلك».