Site icon IMLebanon

يوم السلسلة: منازلة في المجلس تحت ضغط أكبر حشد نقابي

يوم السلسلة: منازلة في المجلس تحت ضغط أكبر حشد نقابي

الجميِّل في بعبدا لإنتخاب رئيس … والتعاون الخليجي يدرس رفع الحظر عن السفر إلى لبنان

  مادة، مادة، سيناقش مجلس النواب مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، حتى ولو اقتضى الأمر أن تمتد الجلسة التشريعية الى ساعات الليل الأولى، وفقاً لما نقل عن الرئيس نبيه بري، وسط معطيات حرجة، على خلفية التصادم الحاصل بين الإمكانات المالية والمطالب النقابية.

وإذا كان المعنيون بملف السلسلة واصلوا الليل بالنهار لتضييق الهوّة بين الأرقام المتاحة والمطلوبة، فإن مناقشات النواب ستكون محاصرة بموج بشري قدّرته هيئة التنسيق النقابية بمائة ألف، في ظل إصرار على إقفال الإدارات وإعلان أحزاب 8 آذار، ولا سيما حزب الله وحركة «أمل» عن دعمها للتحرّك، ليس للضغط من أجل إقرار السلسلة بحدّ ذاتها، بل لإقرار السلسلة بتعديلين كبيرين: إعطاء ست درجات لأساتذة التعليم الثانوي، و4.5 درجات لأساتذة التعليم الابتدائي، وعدم المسّ بالتقديمات العائدة للعسكريين والقضاة.

أما على صعيد ما جرى تداوله حول بقاء الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا ضمن صيغة يتفق عليها، فإن هذه الفكرة تراجعت، سواء عبر «تغريدات» الرئيس نفسه عبر «تويتر»، حيث قال «إن يوم الأحد في 25 أيار بالنسبة إليه هو يوم آخر، لم أشهد مثيلاً له منذ 47 عاماً، وأنتظر مجيئه بفرح»، خاتماً تغريدته بنفي أن تكون له علاقة بمشاريع تمديد الولاية، أو عبر إصرار الكتل النيابية، لا سيّما التكتل العوني الذي وصف التمديد بأنه «مقتل الديموقراطية»، فيما اعتبر الرئيس أمين الجميّل بعد زيارته لقصر بعبدا، أن لا خيار سوى الانتخاب، معتبراً أن «الشغور يهدّد الاستقرار».

وتأتي هذه المواقف من الاستحقاق، قبل 24 ساعة من الجلسة الرابعة لانتخاب الرئيس، قبل دخول المجلس في مهلة العشرة الأيام الأخيرة، حيث أكدت كتلة «المستقبل» النيابية، بأن انتخاب رئيس جديد أمر يأتي في مقدمة الأولويات الوطنية والدستورية، ويجب أن يتم تنفيذه خلال الجلسة المقبلة لمجلس النواب، وقبل انتهاء الولاية الدستورية للرئيس ميشال سلمان، وشددت على أن الشغور في موقع الرئاسة الأولى أمر مرفوض عموماً وعلى وجه الخصوص في هذه الظروف الحسّاسة.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن طرح ملف التمديد للرئيس سليمان أو بقائه في منصبه بعد 25 أيار الحالي ليس بجديد، وأنه سبق أن أثارته بعض القيادات المسيحية في أكثر من مناسبة سياسية وغير سياسية شارك فيها أقطاب من قوى الثامن من آذار، وكان الجواب في كل مرة سلبياً، ما دفع بهذه القيادات الى تأجيل الطرح في انتظار جلاء المشهد الذي يواكب موضوع الاستحقاق الرئاسي، بالإضافة الى معرفة الخلاصة النهائية أو الرأي النهائي للتمديد الرئاسي من خلال نوع من الاستفتاء تشارك فيه مختلف القوى السياسية في البلاد.

وقالت المصادر نفسها إن هذا الأمر لم يطو حتى وإن بدت المواقف منه صريحة وواضحة، مؤكدة في الوقت عينه أنه خيار لم يسقط من التداول الى حين إيجاد سيناريو آخر.

في المقابل، أبدت مصادر وزارية تشاؤمها حيال السير بهذا الخيار وسط الاعتراض الشديد الذي يواجهه من قبل فريق سياسي في البلاد، داعية الى انتظار ما سيكون عليه التجاوب الإيراني من الدعوة السعودية، مع العلم أن للمفاوضات السعودية – الإيرانية انعكاسات على ملف الاستحقاق الرئاسي الذي لم يحرز أي تقدّم.

ولفتت هذه المصادر الى أن المبادرات الخجولة لإنقاذ هذا الاستحقاق لا يمكن لها أن تحدث أي خرق ما لم يتعاط معها المعنيون بإيجابية ويعمدوا الى ترجمتها واقعاً ملموساً.

قراءة متأنية

 وفي هذا الإطار، دعت مصادر نيابية في 14 آذار إلى قراءة متأنية لإحياء المساعي السعودية – الإيرانية على خط الملفات الإقليمية العالقة في المنطقة، استناداً إلى إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل انه جدد دعوة نظيره الإيراني محمّد جواد ظريف زيارة المملكة للتحادث حول الملفات الخلافية، معرباً عن إمكان تسويتها بما يرضي البلدين، مشيراً الى ان مسألة توقيت الزيارة متروكة للضيف الإيراني.

ولم تتوقع المصادر في اتصال مع «اللواء» أن تجري الأمور بـ «كبسة زر»، معتبرة أن مجرّد حصول الزيارة في غضون الأسابيع المقبلة من شأنه أن يضع الاستقرار في لبنان على الطاولة بين البلدين الفاعلين في المنطقة.

واستبعدت المصادر أن تفرض المشاورات السعودية – الإيرانية رئيساً على اللبنانيين، الا انها ستساهم في دفع الأطراف اللبنانية إلى التفاهم على رئيس توافقي، مستبعدة أن يكون للعماد ميشال عون حظاً على هذا الصعيد، مشيرة إلى استبعاد عقد لقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل مع الرئيس سعد الحريري الذي عاد من باريس إلى جدّة وليس الى الرياض حيث يُشارك باسيل في مؤتمر اقتصادي يعقد هناك.

ومن علامات الانفراج، ما كشفته أوساط وزير الداخلية نهاد المشنوق عن ان السعودية تتجه إلى رفع حظر سفر رعاياها إلى لبنان في أواخر الشهر الحالي.

«حزب الله» والراعي

 في المقابل، لاحظت مصادر مطلعة أن «حزب الله» ما زال يلتزم الصمت ولا يريد التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى القدس، مشيرة إلى ان الحزب ما زال يحتفظ بموقفه وبالسرية اللازمة التي تتيح، بحسب رؤيته للأمور، مناقشة الزيارة ومفاعيلها مع بكركي عبر القنوات الرسمية المتبعة، بعيداً عن الضجيج الإعلامي.

ووفقاً لمصادر معنية في لجنة المتابعة بين الحزب وبكركي، فان ممارسة سياسة الصمت هذه من قبل الحزب تعبّر عن قناعته بعدم جدوى التراشق الإعلامي مع بكركي في هذه اللحظة السياسية بالذات، نظراً لحساسية الموقف، من دون اغفال تخوف الحزب من التأثير السلبي للقيل والقال على علاقته ببكركي وسيدها.

وفي هذا السياق تحديداً، لا تتوانى المصادر عن التأكيد بأن الحزب مصر على معالجة هذا الموضوع الحسّاس، عبر القنوات المتبعة مع بكركي بكثير من الروية والهدوء والرصانة والعقلانية والأعصاب الباردة حتى تصل الأمور الى نتيجة إيجابية، لافتة إلى أن موقف الحزب من الزيارة سيتحدد بناء على التطورات، ونتيجة للتواصل القائم مع لجنة بكركي حول هذا الموضوع، سواء كانت سلبية او إيجابية، على ان يتناسب هذا الموقف مع الحفاظ على سيادة وكرامة لبنان واللبنانيين، مشيرة إلى ان زيارة الحزب الى بكركي واردة في أية لحظة، وان هذه الزيارة سيتم الاعلان عنها رسمياً، ولا حاجة لأن تكون سرية.

السلسلة

 وفيما يجتمع مجلس الوزراء الجمعة في السراي الكبير، من دون أن يكون على جدول اعماله أية تعيينات جديدة، بقي موضوع سلسلة الرتب والرواتب في صدارة الاهتمام، حيث أمل رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بحسب ما نقل عنه زواره ليل أمس، أن تكون جلسة مناقشة السلسلة اليوم هادئة، وأن يكون النقاش رصيناً للوصول إلى نتائج إيجابية.

وأوضح أن مناقشة مشروعي السلسلة ستتم بنداً بنداً، وانه سيسعى لاقرارها حتى ولو تطلب الأمر البقاء في المجلس حتى ساعة متأخرة من الليل، لكنه في الوقت نفسه ألمح إلى انه في حال لم يتمكن المجلس من إقرار السلسلة اليوم، فانه سيرفع الجلسة إلى ما بعد 25 أيار الحالي.

ولفت زوار الرئيس بري إلى ان كتلة التحرير والتنمية» ستقف ضد زيادة الضريبة على القيمة المضافة TVA ولو نقطة واحدة، لأنها ستطال الفقراء، موضحين ان الخلافات لا تزال تتركز حول درجات المعلمين والعسكريين.

أما كتلة «المستقبل» النيابية، فقد أكدت من جهتها بأن النقاش حول السلسلة يجب أن يؤكد على حقوق العاملين في القطاع العام من إداريين وعسكريين وأساتذة بشكل عادل ومتوازن مع المحافظة على التوازن المطلوب بين مداخيل السلسلة وتكاليفها الفعلية، وعلى الاستقرار المالي والنقدي، وشددت على ضرورة أن يترافق اقرار السلسلة مع تنفيذ سلة متكاملة من الإجراءات الاصلاحية التي تؤدي إلى تعزيز الانتاجية في القطاع العام.

وبحسب مصدر نيابي في الكتلة، فإنه توقع ان تقر السلسلة اليوم بعد نقاش طويل، مشيراً إلى ان الجميع لديه النية والرغبة في ان ينتهي من هذا الاستحقاق، شرط تأمين التوازن بين الايرادات والنفقات، حازماً بأن المفعول الرجعي غير وارد، وان كان تقسيط السلسلة أو تجزئتها أمر مرجح، رغم انه ما زال موضع جدل.

ورغم ان كل الاطراف تؤكد على الحقوق من جهة، وعلى التوازن بين القطاعات والحفاظ على المالية العامة، خاصة مع ادراك الجميع بخطورة الوضع، بعد تحذير البنك الدولي، وحاكم مصرف لبنان، فإن الموضوع ليس بعيداً عن «البازار السياسي»، ما يجعل أي قرار سيتخذ اليوم على وقع الاعتصامات والتظاهرات التي أطلقت عليها هيئة التنسيق النقابية بـ«يوم الغضب» سيصل صداها إلى المجتمعين في القاعة العامة، وسيكون له انعكاسات على الشارع من جهة، نظراً لصعوبة الالتزام بما تطلبه هيئة التنسيق، وعلى الاستقرار المالي في حال اتخذت مواقف استعراضية بهدف إرضاء الشارع والتسويق السياسي، مع التذكير بأن خلط أوراق في الجلسة السابقة لجهة انحياز الفريق العوني إلى جانب قوی 14 آذار التي طالبت بعدم سلق السلسلة أو التشريع تحت التهديد.

تجدر الإشارة إلى ان هيئة التنسيق استعدت «ليوم الغضب» اليوم على مدار اسبوع، وحشدت له، بحسب مصادر أكثر من مائة ألف متظاهر، متوقعة أن تصل أصواتهم من أمام جمعية المصارف إلى الهيئة العامة للمجلس، خصوصاً بعد الدعم الذي لقيته من التعبئة التربوية في «حزب الله» التي دعت الی أوسع مشاركة في الاعتصام.

وحذرت الهيئة من اضراب مفتوح لمدة اسبوع، قد تستأنفه اليوم في حال عدم اقرار السلسلة، وكذلك من أي تطاول على حقوق الأساتذة والموظفين والعسكريين، لأن ذلك سيدفعها إلى تصعيد التحرك وصولاً إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية من ألفها إلى يائها.