قُتل العشرات وأُصيب المئات برصاص ابتهاج أنصار بشار الأسد بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية التي دعا اليها ونظمها وأدارها وربحها بمعية أجهزته الأمنية.
تقدير عدد الضحايا الذي تولته جهات غير حكومية راوح بين عشرة قتلى ومئتي جريح في أربع محافظات امكن فيها اجراء احصاء تقريبي، وما يزيد عن العشرين قتيلاً، سقطوا في ليلة رعب فتح فيها جنود الاسد والمسلحون الموالون له أبواب الجحيم على المواطنين على الطرقات وفي البيوت. وعلى سيرتهم سار أشباه لهم في لبنان فرحوا ايضاً بالفوز العظيم.
كانت ليلة تليق بخاتمة «العرس الديموقراطي» الذي شهدته سورية لإعادة تنصيب رئيس أثخن فيها قتلاً ودماراً. كانت الليلة عيّنة للسلوك الذي سيسلكه أتباع الأسد عند انتصارهم على أعدائهم – مواطنيهم.
بيد أن أيام الانتخابات في الداخل والخارج والاستعدادات التي سبقتها ورافقتها، كشفت للمرة الالف ربما كم ان هذا النظام عاجز عن التطور واستيعاب دروس الثورة عليه، وكم هو ملتصق بماضيه.
بهذا المعنى كانت الانتخابات كيوم النشور. خرج أموات النظام كلهم من القبور وأعلنوا الاستيلاء على ما تبقى من حياة في سورية. عاد حافظ الاسد أولاً وقبل الجميع. عادت اساليب الترهيب والتهديد لحمل الناس على الاقتراع للقائد. وعادت الصور العملاقة لاحتلال الساحات والشوارع.
ماذا تقول هذه المبالغة في الاحتفال والاستعراض وحشد الراقصين والراقصات في الشوارع غير الخواء والفراغ؟ ماذا وراء التوتر والنزق في تسيير المؤيدين غير محاولة اخفاء غياب الثقة بالذات والخوف الرهيب من الغد؟ ماذا تعني التظاهرة التي دبرها النظام وأنصاره لعشرات الآلاف من اللاجئين والعمال السوريين في لبنان غير الاصرار على متابعة كل ما قام ضده السوريون ودفعوا في سبيل التخلص منه اثماناً لا تطاق ولا تُحتمل؟
لا معنى للاصرار على استعراضات الولاء الاعمى والافراط في الاحتفال المسلح، غير قول واحد هو ان الحرب مستمرة بكل الوسائل على من يتحدى امساك آل الأسد ومواليهم بالسلطة. الحرب هي الخيار الوحيد المتاح لاستمرار النظام الذي ربط نفسه بمتابعة قتل مواطنيه وألصق خلاصه بالمضي بالحرب حتى النهاية.
لقد خرج رميم البعث من القبور ليعلن ان لا مستقبل الا للماضي وان لا حياة الا للموت في «سورية الأسد» وأن النصر الذي يزعم النظام تحقيقه على الثورة، لا يكون في حال حصوله غير نشر الهباء في المشرق العربي ونعي لكل محاولات التغيير والتقدم.
أراد النظام السوري «تجديد شرعيته عبر صناديق الاقتراع» وكان له ذلك. استعرض سطوته على ملايين السوريين الذين خذلتهم معارضتهم قبل ان يخذلهم العالم. وأظهر عزمه على تجاهل كل الاسباب التي فجرت الثورة متخيلاً قدرته على وقف عقارب الساعة، ويساعده في وهمه هذا عالم لا يخفي انحيازه الى الطاغية ولا مبالاته بمآس انسانية لا تليق بغير عصور التوحش.
ويفترض الأسد ومؤيدوه انهم وجهوا رسالة الى السوريين تزيد يأسهم من الخروج من هذا الكابوس. ويظنون ان الانتخابات هي النتيجة السياسية للنجاحات الميدانية التي حققوها في الشهور الماضية وأن الثورة قد قضت نحبها. لكن من قال ان الاموات، حتى وان خرجوا في يوم النشور الانتخابي، سينتصرون على الحياة؟