Site icon IMLebanon

يوم الوداع فجر الفراغ

 

بعد ظهر اليوم، وقبل أقل من 12 ساعة من نهاية ولايته الدستورية التي بدأت في 25 أيار 2008، يغادر الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية ميشال سليمان قصر بعبدا ليصير من غد رئيسا سابقا، فيما يغرق القصر ومعه الجمهورية في فراغ رئاسي نتيجة تعطيل الانتخابات الرئاسية على أيدي القوى التي سخرت مفهوما وممارسات للتعطيل تحت ستار حق ديموقراطي في إفقاد الجلسات الانتخابية النصاب، منتهكة بذلك جوهر التزام الدستور في تداول السلطة ومنع الشغور في المنصب الدستوري الاول في البلاد.

يغادر الرئيس سليمان قصر بعبدا بخروج مشرّف تحت حصانة احترامه للدستور والتزام تعهده رفض انتهاكه، من خلال رفضه تمديد ولايته، فيما تنفتح البلاد على مسار أزمة سياسية ورئاسية وعلى حقبة محفوفة بالغموض والمجهول مع فجر الفراغ الذي لا يملك احد ان يتكهن بمداه وتداعياته وانعكاساته على البلاد ولو انتقلت الصلاحيات الرئاسية من غد الى مجلس الوزراء مجتمعا.

“أغادر وأنا مرتاح الضمير ولدي أمل في ان معالم الدولة بدأت ترتسم منذ ثلاثة اشهر وها هم اليوم اتفقوا على الجلوس معا في حكومة كنت أطالب بها من أول يوم من عهدي”. قال الرئيس سليمان امس للمراسلين في قصر بعبدا مودعا ومحاولا ترك انطباعات من شأنها ان تخفف وقع الفراغ الذي سيخلفه والذي حرمه تسليم الامانة الى رئيس منتخب جديد. وطمأن الى ان الحكومة قادرة على ادارة الاوضاع في حال الشغور لكنه لم يكتم “خشيته حصول أمر آخر غير منتظر فهناك من يريد تنفيذ الشر”.

وظهر اليوم يلقي الرئيس سليمان خطاب الوداع الرئاسي امام المدعوين الرسميين والنواب والسفراء والاعلاميين في قصر بعبدا وتستغرق تلاوته نحو 21 دقيقة متضمنا جردة واسعة من الانجازات الاساسية من دون اغفال مواطن الاخفاقات والعثرات التي اعترضت مسيرة عهده ليخلص الى الوصية والخلاصات وفي مقدمها الحض على تقصير أمد الفراغ الى أقصى حد ممكن.

واذا كان الحدث اللبناني سيتركز على الخطاب الوداعي للرئيس المنتهية ولايته مع انتصاف الليل فان تداعيات الفراغ لن تقف عند حدود الاحتفال الوداعي في قصر بعبدا وحده.

14 آذار في المجلس

وعلمت “النهار” ان نواب قوى 14 آذار قرروا الحضور الى مجلس النواب بعد ظهر اليوم للتعبير عن اصرارهم على ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي في الساعات الاخيرة للمهلة الدستورية. وتقررت هذه الخطوة في اجتماع لهؤلاء النواب عصر امس بعد مشاورات استمرت يومين. وفي هذا الاطار كان هناك اقتراح للنائب سامي الجميل عضو كتلة الكتائب أن يستمر وجود النواب في ساحة النجمة من السادسة مساء وحتى منتصف الليل. ولقي الاقتراح تأييدا من نواب كتلة “القوات اللبنانية” و”المستقبل” والمستقلين. وبعد التشاور اتفق على ان يتولى رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة الاتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري وهذا ما حصل مساء امس على ان تجري اتصالات اليوم مع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط من أجل طرح اقتراح مشاركته في اللقاء النيابي اليوم والذي سيلي مباشرة الاستقبال الذي سيقام ظهرا في قصر بعبدا. وفهم ان الاتصالات ستشمل أكبر عدد ممكن من الكتل النيابية.

وقال مصدر نيابي بارز في 14 آذار لـ”النهار” إن هذه “الخطوة الرمزية تعبير عن حزننا وحزن اللبنانيين عموما لعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية يدخل قصر بعبدا غدا. كما ان الخطوة تمثل اصرارنا على بذل المحاولات لانتخاب رئيس جديد حتى آخر يوم ضمن المهلة الدستورية، وهذا ما يتطلع اليه اللبنانيون ويرجون تحقيقه. وما حصل حتى الآن ليس في مصلحة النظام الديموقراطي وتاليا ليس في مصلحة لبنان”.

وعلم ايضا ان بيانا سيتلى باسم المجتمعين للتعبير عن موقفهم في نهاية التجمع.

كما علمت “النهار” ان عددا من النواب وخصوصا من “كتلة المستقبل” سيجرون مشاورات في السعودية مع الرئيس سعد الحريري في شأن آفاق مرحلة ما بعد 25 أيار الجاري. ومن المقرر ان يعود هؤلاء الى بيروت قبل الثلثاء المقبل استعدادا لاحتمال انعقاد الجلسة النيابية العامة المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب.

الجلسة الاخيرة

وسط هذه الاجواء، عقد مجلس الوزراء جلسته الوداعية للرئيس سليمان الذي أسف خلالها لعدم انتخاب رئيس جديد في الموعد الدستوري مشددا على ضرورة انتخابه بسرعة. وأثنى رئيس الوزراء تمام سلام على انجازات العهد مخاطبا سليمان قائلا: “كنتم لنا جميعا القدوة والقيادة المثالية ونحن مؤتمنون دستوريا على الوطن بالنيابة عن فخامتكم وبالوكالة عن رئاسة الجمهورية”. وقدم الى سليمان درعا تذكارية.

وأقام سليمان على الاثر مأدبة على شرف سلام والوزراء وقريناتهم وألقى الكلمة الوداعية التي أشاد فيها بالحكومة وعملها مبرزا تعاونه مع سائر رؤساء الحكومات التي تعاقبت في عهده مبديا استعداده لان يكون في تصرف الجميع للمساعدة في موضوع رئاسة الجمهورية والاتفاق على شخص لهذا الموقع من خلال لقاءات مع الاطراف.

الى ذلك، برز موقف لافت امس للنائب وليد جنبلاط أكد فيه انه لا يزال عند موقفه من حيث رفض ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع المعلن وترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون المضمر. وأمل في حديث الى محطة “المنار” أن تقوم الحكومة بمهمات الرئاسة “ولا يجرنا بعض الافرقاء الى المزايدة الطائفية ويعرضوا الحكومة لنكسة او استقالة وندخل في دوامة اخرى”.