IMLebanon

آخر الاستحقاق… التمديد !

 

كتب عبد الامير بيضون:

اسبوعان يفصلان عن موعد انتهاء المهلة الدستورية لانجاز استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا يظهر على أرض الواقع، ما يشير من قريب او من بعيد، الى معطيات مؤثرة ما، تؤدي الى حدوث نقلة نوعية، تجنب لبنان الوقوع في «الفراغ الرئاسي» الذي يحذر منه كثيرون، و«يهون» منه البعض… والذي قد يقود في حسابات العديد من الافرقاء السياسيين، الى فراغ نيابي، وفراغ حكومي، اذا تعذر اجراء الانتخابات النيابية، واذا حدث خلل ما على مستوى الحكومة السلامية وأدى الى استقالات…

وفي هذا السياق كانت لافتة زيارة غبطة البطريرك الراعي أمس، الى قصر بعبدا ولقاؤه الرئيس سليمان مطولاً، وتردد ان البحث مرّ على التمديد للرئيس  اذا تعذر التوصل الى حل ريثما تنقشع الأوضاع داخلياً وإقليمياً ودولياً.

تحركات ديبلوماسية غير مسبوقة

ولعل هذه الصورة المقلقة حركت موتورات البعض، على المستويين الخارجي والداخلي، للقيام بحملة واسعة تشجع الافرقاء اللبنانيين كافة على انجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت وتجنب الوقوع في «الفراغ القاتل»… وقد كشفت تفاصيل الأيام الأخيرة الماضية عن تحرك ديبلوماسي، عربي، وأوروبي، واميركي غير مسبوق يدفع باتجاه انجاز الاستحقاق وعدم تعريض لبنان للمجهول، الذي لا يمكن لأحد ان يتحكم به، في ظل ظروف اقليمية بالغة الخطورة، على نحو ما قاله أمس السفير الروسي الكسندر زاسبيكين الذي أيد اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده وبقرار اللبنانيين… وهو تحرك التقطه رئيس الحكومة تمام سلام داعياً الافرقاء كافة، والكتل النيابية الوازنة الى «التوافق على شخصية تحظى بتأييد الغالبية النيابية…» لافتاً الى ان «التفاهم على الاستحقاق الرئاسي ليس مستحيلاً…» مستعيناً بتجربة حكومته التي بقيت احد عشر شهراً ولم تتألف، الى ان حضرت كلمة السر، وجرى التوافق، مؤكداً ان حكومته ليست لملء الفراغ الرئاسي، محذراً من مغبة «الكأس المرة» في الفراغ…

بين جلستين: تشريعية وانتخابية

وإذا كانت الأنظار مشدودة الى جلسة مجلس النواب يوم الخميس في 15 ايار التي حددها الرئيس نبيه بري كجلسة رابعة للاستحقاق، فإن تطورات اليومين الماضيين أعادت الاعتبار الى التحرك النقابي، الذي هدّد بشلل تام في مؤسسات الدولة، بعد اعلان «هيئة التنسيق النقابية» اضرابها لأسبوع، يتوج الاربعاء المقبل بيوم غضب واسع وتهديد باقفال مدارس وتعطيل الامتحانات الرسمية… بالتزامن مع موعد انعقاد جلسة مجلس النواب لدرس مشروع سلسلة الرتب والرواتب كما خلصت اليه اللجنة المختلطة، واعتبرته الهيئة مشروعاً مسخاً…

إمكانية الانتقال الى الجديد

وفي سياق التحركات الرئاسية،  ومع دخول البلاد أولى الاسبوعين الأخيرين المتبقيين للرئيس ميشال سليمان في القصر الجمهوري، حيث يعدّ عدّته، للذهاب الى دارته في عمشيت، فإن مواقف القوى السياسية كافة، لم تخرج عن المألوف، ولم يحصل أي خرق ذي جدوى او تأثير، على رغم ان البعض حاول ان يقرأ في هذا الجمود في المواقف إمكانية للانتقال الى مرحلة جدية، مع استشعار الجميع خطر الفراغ المتأتي من تعاطي بعض القوى السياسية مع الاستحقاق الأهم على المستوى الوطني بخفة ولا مسؤولية…

جعجع في بكركي: اسحب ترشيحي لشخصية من 14 آذار

وفي هذا، جاءت زيارة مرشح قوى 14 آذار للرئاسة، رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى الصرح البطريركي في بكركي، ولقاؤه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، لتحدث نقلة نوعية لافتة، بالتقاطع مع الجولات التي يقوم بها الرئيس أمين الجميل، على قيادات مسيحية وشملت جعجع وعون أمس رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي قال انه «ضدالفراغ… ولا نخاف منه».

ولقد كان لجعجع موقف لافت أمس، أعلن فيه استعداده لسحب ترشيحه من الانتخابات، اذا تم التوافق على اسم شخصية أخرى من قوى 14 آذار. آملاً ان يتمكن البطريرك الراعي من اقناع مقاطعي جلسات الانتخاب بالحضور الى مجلس النواب، وهو موقف رأت فيه «مصادر سياسية متابعة ابعاداً يمكن البناء عليها في سياق الانتقال الى مرحلة تقديم التنازلات وصولاً الى التوافق على رئيس من خارج نادي صقور الحزبيين». (في اشارة الى جعجع وعون والجميل) على خلفية ان أياً من هؤلاء الثلاثة، لا يملك الحظوظ الكافية للوصول الى سدة الرئاسة، باعتبار «ان الصفقة التوافقية لا تنطبق على أي منهم…».

«المستقبل« و«التيار» ورهانات

ومع هذا، فإن شريحة واسعة من «التيار الوطني الحر» (عون) لاتزال تعول على إمكانية تتويج اللقاءات الثنائية مع «المستقبل» بتبني الرئيس سعد الحريري ترشيح الجنرال عون للرئاسة، في حين ان مصادر نيابية في «المستقبل» أكدت لـ«الشرق» انها تستبعد مثل هذا السيناريو، وكل ما هدف اليه الرئيس الحريري هو توسيع دائرة الاتصالات والتشاور والتواصل، لاسيما مع الفريق العوني، لقطع الطريق على أية تطورات قد تؤدي الى تعطيل الاستحقاقات الداهمة، والحؤول دون انفلات الوضع وقد أكد مصدر ديبلوماسي أوروبي لصحيفة «القبس» الكويتية ان الرئيس سعد الحريري «يبدي تجاوباً واضحاً، لكن المشكلة بوجود عوائق كثيرة». وفي هذا، فقد اعتبر عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب نوار الساحلي «ان المسؤول عن التعطيل والتأخير هو الذي يهرب من الحوار والتوافق ومازال يتمسك بمرشح استفزازي لا تقبل به أكثرية اللبنانيين…» داعياً الى «الحوار والتوافق لنصل الى مرشح قوي مؤمن بقوة لبنان…».

لبنان على مفترق خطير

تماماً كما كان موقف وزير الصناعة حسين الحاج حسن، خلال استقباله السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين، حيث لفت الى ان «المطلوب نمط وأسلوب آخر في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، والذي يعطل الاستحقاق هو الترشيح التحدي، والذي لا اجماع من اللبنانيين حوله…» وذلك بخلاف موقف عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر الذي لفت الى التقارب بين «المستقبل» و«التيار الحر»، آملاً ان يؤدي الى «نتيجة ايجابية…».

من جهته، اعلن رئيس «الاتحاد الماروني العالمي» سامي الخوري «ان لبنان يقف على مفترق خطير… وان تطيير النصاب هو نتيجة مخطط واضح لاستهداف مقام الرئاسة الأولى ودور وموقع الرئاسة اللبنانية، ليس على مستوى لبنان فحسب بل في المنطقة ككل…».

النقابات: زلزال يهز الأركان

أما على المستوى النقابي، فقد شهد العديد من المؤسسات الرسمية، في غير منطقة من لبنان، وغالبية المدارس الرسمية اضراباً، استجابة لطلب هيئة التنسيق النقابية، في سياق تحركها التصعيدي في الاضراب الشامل في القطاع العام والمدارس، وحتى مساء 14 ايار المقبل، موعد انعقاد الجلسة النيابية لمناقشة واقرار سلسلة الرتب والرواتب، المرفوضة من الهيئة…

وفي هذا فقد أوصت هيئة التنسيق في مؤتمر صحافي عقدته في مبنى وزارة التربية في الاونيسكو أمس، بـ«عدم اجراء الامتحانات الرسمية من الفها الى يائها في حال استمرار التشاطر في عدم الالتزام بالاتفاقات المعقودة معنا من قبل المسؤولين الرسميين، او  عمدوا الى تمرير المشروع المسخ الذي حولته اللجنة النيابية المختلطة الى مجلس النواب» وتضمن اقتراح تخفيض السلسلة الى 18000 مليار ليرة… داعية الى «يوم غضب سلمي وحضاري يوم الاربعاء المقبل في 14 الجاري، موعد انعقاد الجلسة النيابية والتظاهر الساعة الحادية عشرة من أمام جمعية المصارف في وسط بيروت الى امام المجلس النيابي…» ليكون هذا اليوم «يومكم الموعود… فكونوا الزلزال الذي يهز اركانهم…» على ما جاء في بيان الهيئة.