IMLebanon

آخر خبر.. في العيب ومشتقاته

 

 

لم تخرج جلسة الانتخاب العتيدة بالأمس عن سياقها التقني والسياسي المتوقع، لكنها قدّمت عيّنة عن أداء لا تعوزه الخِسّة ولا الوضاعة.

اعتاد اللبنانيون على فقدان التوازن في النزاع المفتوح منذ العام 2005: بين من يُجادل ومن يشتم. ومن يُحاجج ومَنْ يقتل، ومَنْ يطرح حقائق ووقائع ومَنْ يزّور ويبلف، ومَنْ يستند الى صناديق الاقتراع ومَنْ يستند الى صناديق الذخائر.. ومَنْ يتطلع الى دولة مدنية ومَنْ يسعى الى تحويلها كلها ثكنة حزبية. ومَنْ يحمل مشروعاً لإحياء تلك الدولة ومَنْ يعمل لترسيخ دويلة المشروع الممانع بكل طقوسها وأعرافها وممارساتها.

.. اعتاد اللبنانيون على ذلك الخلل المكين. وساعدتهم حصانتهم المحفوظة عند طبائعهم الأولى في جعل التطبّع التزويري الممانع غريباً عنهم وعن ديارهم الفكرية والسياسية والأخلاقية، وبالتالي مسايرة ذلك الخلل باعتباره نتاجاً طبيعياً لمسار الانحدار الدولتي والمؤسساتي والقيمي الذي غذّته ورعته وسهرت على تنميته دولة الوصاية ثم وارثوها المحليون.

لكن حتى في ظل ذلك الميزان المنكسر، لا تعدم منظومة الممانعة طريقة أو وسيلة أو أسلوباً لتقديم زبدة أدائها من دون أي وازع أو رادع. فالدنيا حرب مستدامة في عُرفها، وديكورها المدني المحلي لا يحجب طبيعتها ومضمونها ولا يلوّن معاركها بغير ألوانها الأولى.. والانتخابات الرئاسية واحدة (بطبيعة الحال) من تلك المعارك الكبرى الداخلة في سياق تلك الحرب، والعدّة المتوفرة في المخازن لا تلحظ في أي رفٍّ من رفوفها، أي كتاب له صلة ما بالأخلاق، بل ان المبدأ الاساس يقول ان الوصول الى الهدف أهم بكثير من الطريق الى ذلك الهدف.. وأهم بما لا يُقاس من الوسيلة السيّارة المعتمدة في ذلك السفر!

الغريب المفاجئ، هو أن كل شيء (كل شيء) كان محسوباً ومحسوماً سلفاً بالنسبة الى الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس.. وبالتالي ما كان أحد ليتوقع حصول زلزال سياسي من نوع انتخاب سمير جعجع رئيساً للجمهورية! ومع ذلك استُخدمت في وجهه ومواجهته أسلحة محرّمة عرفاً وأخلاقاً وانتخاباً: استحضار الحرب وضحاياها وأبريائها ومظلوميها كان عنواناً شريراً من خارج النصّ والموضوع. وتجارة لا أخلاقية بمعطى انساني كبير وآسر. واستخداماً منحطاً لدماء وأرواح ضحايا بريئة في موضع تُسَنُّ تحت سقفه التشريعات المدنية وتأخذ الكلمة مداها الى أقصاها ويلعب الصوت دوراً لاغياً للمسدس والمدفع والعبوة الناسفة.. والأغرب من ذلك، هو أن من لَعِبَ ويَلعب دور الديّان متوّج بالجريمة من رأسه الى أخمص قديمه بالمشاركة فيها أو التنظير لها أو تبريرها، في لبنان منذ العام 2005 وفي سوريا منذ العام 2011!.. ومن لَعِبَ ويلعب دور القاضي مُدان حتى يوم القيامة ودماء ضحاياه لا يشطفها طوفان! ومن يستحضر التاريخ على كيفه وهواه ينسى ان كتَابَه لا يغفل شيئاً وحُكْمه بتّار لا يساير ولا يزوّر؟.. عيب!