IMLebanon

أجواء الرابية تشي بعدم التفاهم مع الحريري

 

جلسة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، هي جلسة نصاب وليست جلسة انتخاب. النقاش لا يزال في منطقة متأخّرة عن صلب الموضوع، ولا رئيس جديداً في المدى المنظور طالما بقيَت التعقيدات المعروفة قائمة ومؤثّرة على خيارات القوى السياسية والكتل النيابية.

كان الرهان الأخير منعقداً حتى ليل أمس الأوّل على تفاهم تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر». العماد ميشال عون لم يعلن ترشّحه الرسمي، لكنّه يعمل على إيجاد «وفاق» وطنيّ حوله كمرشّح قوي يُمثّل بيئته وقادر على التواصل مع الجميع. قوى «8 آذار» كلّها تقف خلف عون في «خياراته الرئاسية»، وهو بالتالي في حاجة إلى خَرق في تيار «المستقبل» أو في «اللقاء الديموقراطي» والوسطيّين حتى يصل إلى بعبدا.

يمكن للنائب وليد جنبلاط أن يسير مع «المستقبل» في انتخاب عون، لكنّه لن يصادم خيارات الرئيس سعد الحريري طالما قرَّر الأخير «عدم توفير إجماع وطنيّ خلف زعيم التيار الوطني الحر». والأجواء التي خيّمت أمس، تَشي بعدم الاتفاق بين الطرفين. وفي المعلومات أنّ الحريري إبلغَ إلى وزير الخارجية جبران باسيل خلال لقاء جمَعهما في باريس عدمَ قدرته على السير في ترشيح عون لأسباب سياسية داخلية وأخرى متصلة بملفّ الإقليم.

الأجواء المسرّبة من الرابية حتى مساء أمس بدت أنّها تؤكّد عدم نجاح التفاهم مع الحريري، وقد سمع البعض كلاماً سلبياً حيال «خيارات رئيس المستقبل» الذي لم يفِ بوعوده، ولا يزال ينتظر كلمة السِر الخارجية. فيما تحدّث البعض عن خيبة أمل لأنّ «التيار الوطني الحر» كأن يأمل أن يخرج «المستقبل» من الإحراج الذي مثّله ترشيح الدكتور سمير جعجع نحو «خرقٍ رئاسيّ وطني» يفضي إلى وصول الشخصية المسيحية الأقوى والأقدر والأكثر حظاً في الوصول إلى قصر بعبدا بإجماع داخليّ وتفاهم إقليمي ورضى دولي.

والحال هذه، تعود أسهم المرشّحين «الوسطيين» لترتفع، في ظلّ حراك دولي – إقليمي وزيارات يقوم بها بعض هؤلاء المرشّحين إلى العواصم العالمية والإقليمية بغية جَسّ النبض وتسويق أنفسهم خارجياً، غير أنّ غالبية المُطلعين على «ملفّ الرئاسة» ينفون احتمال التوافق الآن على شخصية من «خارج نادي الأقوياء». ويعتقدون أنّ أيّ اسمٍ يُطرح اليوم سيُحرَق على الفور، ويُمنَع بالتالي من الوصول إلى الكرسي الأوّل في البلاد.

بعد تجاوز المهلة الدستورية يصبح في إمكان معظم الأفرقاء السياسيين التذرّع بالفراغ و«الشغور» حتى يذهبوا إلى خيارات سياسية جديدة حيالَ الأفق المسدود الذي يتعرّض له استحقاق الرئاسة. وعندها لن يكون اللبنانيون وحدَهم من يقرّر الجزء الأوفر من مواصفات وإسم الرئيس العتيد.

إحدى الشخصيات السياسية المعتدلة ترسم سيناريو آخر، وتتحدّث عن «ثلاثة أسماء» أميركية – إقليمية سيَجري اختيارها والإعداد لطرحها أمام الكتل النيابية والقوى السياسية، حتى تختار واحداً منها. وتؤكّد هذه الشخصية المعروفة بصِلاتها العربية والأميركية أن لا رئيسَ للجمهورية قبل الصيف المقبل، تاريخ جلاء الغبار عن معظم استحقاقات المنطقة.

نتائج الانتخابات العراقية، والمصالحة الفلسطينية، ومسار الميدان والأزمة في سوريا، كلّها مؤشّرات قد تفضي إلى فهم طبيعة المرحلة المقبلة، وهل هناك تفاهمات إيرانية- سعودية جدّية؟ أم أنّنا أمام جَسّ نبضٍ متبادَل لتقطيع الوقت وجلاء الأمور والملفّات؟

في الخلاصة: لا أفق قبل 25 أيار سوى بالتفاهم على عون، تقول أوساط «8 آذار». وبعد ذلك يصبح السيناريو التالي ممكناً إذا حظيَ أيّ مرشّح محتمل بموافقة تكتّل «التغيير والإصلاح» والبطريركية المارونية، وبتغطية مسيحية واسعة خلفه.