IMLebanon

«أحزاب النظام».. محاولة بائسة لإحياء «معاهدة التنسيق» البائدة

 

كلمّا تلتقي أحزاب وقوى وشخصيات الممانعة يكون النظام السوري محورها. تحمل الممانعة على السلطة اللبنانية بينما تغازل النظام السوري. ولقاء الأحزاب يجمع أحزاباً غالبيتها مسلّحة، وكل حزب مسلّح منها يسيطر على منطقة وبيئة حاضنة، ومنها من يقاتل في سوريا ضدّ الشعب السوري وحقوق الإنسان، فسقطت القصير وسقطت يبرود ومات الشعب ولم يبقَ سوى الإرهابيين فخرجوا من المناطق «الساقطة» أو المحتلة المقفلة الى الحدود اللبنانية فقتلوا عناصر من الجيش اللبناني وخطفوا ما أمكنهم من الجيش وقوى الأمن الداخلي.

نتيجة التهوّر في القتال والخروج عن طوع الدولة، جاءت أحزاب في الممانعة بالإرهاب الى لبنان.. فهل يحقّ لها إلقاء اللوم على «السلطة السياسية لرفض التنسيق مع الحكومة السورية«؟ يكفي أن يراقب اللبنانيون ماذا حلّ بلبنان بعد التنسيق الذي يقيمه «حزب الله» تحديداً مع النظام السوري منذ بدء الحرب في سوريا، ليخلص الى المثل القائل «أبعد عن الشرّ وغنّيلو».

في الواقع إن بيان لقاء الأحزاب ليس سوى تكملة، إن لم يكن تواطؤاً، مع المواقف التي يروّج لها سفير النظام السوري في لبنان علي عبد الكريم علي منذ أسبوعين خلال جولاته على السياسيين. وموقف السلطة اللبنانية هذا «يثير علامات الاستفهام الكبيرة لدى اللبنانيين»، بحسب بيان الأحزاب، والغرابة أن قصف النظام السوري عرسال بالطائرات لم يُثر يوماً علامات استفهام لدى قوى 8 آذار.

لا بدّ بأن الأحزاب المجتمعة تفخر في دعوة السلطة اللبنانية الى التنسيق مع الحكومة السورية، خصوصاً في الذكرى السنوية الأولى لقصف النظام السوري شعبه بغاز السارين في الغوطتين فقتل أكثر من 1300 سورياً ثلثهم من الأطفال.. ولِمَ تبادر السلطة اللبنانية الى التنسيق مع الحكومة السورية، فهل كانت هي مَن «جاب الدب ع الكرم»؟

وتتّهم الأحزاب الممانِعة السلطة اللبنانية بأنها «لم تتوانَ عن فتح الحوار مع تنظيمات إرهابية تذبح الناس وتأكل أكبادها«، وفق معادلة باتت واضحة ومتمثّلة بكون الحكومة السورية الخاضعة للطاغية بشّار الأسد هي بديل عن التنظيمات الإرهابية، والخلاصة بأنه لا فرق بين الحكومة السورية والإرهاب. وخلف هذا التفسير يكمن تفسير آخر، هو الهدف الأساسي لقوى الممانعة من خلال استغلالها التنظيمات الإرهابية لوضع لبنان واللبنانيين أمام خيارين: إما بشّار الأسد أو الإرهاب، فيما الواقع أنهما وجهان لعملة واحدة، ما الفرق بين القتل ذبحاً والقتل بالبراميل المتفجّرة أو غاز السارين؟

«حرص« مبالغ به تجاه الجيش اللبناني والقوى الأمنية تبديه الأحزاب الممانِعة، وتقدّم في هذا الإطار النصح الى قيادة الجيش اللبناني من خلال «التنسيق مع الجيش السوري لوضع حدّ لخطرهم على أمن البلدين والشعبين الشقيقين». إذاً، التنسيق ثم التنسيق ثم التنسيق معطوف على الأخوّة هو ما تطالب به الأحزاب الممانِعة، علّها تجد في الحكومة اللبنانية الغطاء الأخير لما يقوم به النظام السوري. وإن كانت عمليات التنسيق بهدف قتل الشعب السوري بين النظام السوري والأحزاب اللبنانية التي تقاتل معه فشلت في تحقيق أهدافها فعبثاً تحاول الأحزاب الممانعة مجتمعة في تسويق التنسيق.

فرق ما بين الثريا والثرى هو الفرق بين الجيش اللبناني المسالم الذي لم يقصف أراضٍ مجاورة، وبين «جيش عربي سوري» لا يشهد العرب لعروبته ولا السوريون لوطنيّته. لقد لمست الأحزاب الممانعة بنفسها الضرر الذي أتت به على لبنان جرّاء تنسيقها مع النظام السوري على المستويين السياسي والعسكري، وإن كانت لا تملك الجرأة للاعتراف بذلك.

لا تتأخر الأحزاب الممانعة في دعم المواقف «الأخوية التنسيقية» التي يقدّمها سفير النظام السوري، مع ما يضيفه على اللقاء من قيمة مادية وثقافية وفكرية. ولا شكّ بأن الأفكار ستخطو خطوات الى الأمام وستشمل المجالات الحياتية كافة: دعوة الى التنسيق مع النظام السوري في مواعيد النوم ومواقيت الطعام وألوان الملابس وأنواع الأطباق وزنة العبوات وحجم البراميل.. «يعيش التنسيق ويموت الوطن».