IMLebanon

أزمة الصواريخ الإيرانية!

 

 

السؤال ليس لماذا إيران رفضت البحث في ملف سلاح الصواريخ خصوصاً الباليستية منها، وإنّما السؤال لماذا تعمّد الأميركيون وبمشاركة الفرنسيين طرح هذا الملف على البحث، في اللحظة التي بدا فيها أنّ صياغة الاتفاق النهائي حول ملف البرنامج النووي بين مجموعة الخمسة زائد واحد وطهران، قد تقدّمت خطوات بحيث لا تحل نهاية تموز المقبل إلاّ ويجري الاحتفال بنهاية حقبة وبدء حقبة جديدة، لا يعود لـ«الشيطان الأكبر» و«محور الشرّ» وجوداً في العلاقات الأميركية الإيرانية؟ ابعد من ذلك، ألم تكن واشنطن تعرف أنّ طهران لن تقبل مطلقاً بالبحث في سلاحها التقليدي خصوصاً سلاح الصواريخ، لأنّ ذلك سينتج عنه دحرجة المطالب الأميركية وصولاً إلى حقوق الإنسان تمهيداً للدخول إلى «غرفة نوم» القيادة كما حصل مع صدام حسين؟

لم تكتفِ طهران برفض الطلب الأميركي، فقد صعّد المرشد آية الله علي خامنئي من رفضه، فطالب قيادة «الحرس الثوري» بمضاعفة إنتاجها من الصواريخ، فتوالى الكشف عن أنواع جديدة منها في البر والبحر.

لن تتوقف المفاوضات بين مجموعة الخمسة زائد واحد وطهران، لكن ما لم يتراجع أحد الطرفين وهو احتمال ضعيف جداً، فإنّ التوقيع على الاتفاق النهائي سيؤجّل إلى نهاية العام الجاري. خلف هذه الأزمة التي قال محسن رضائي «إنّ الصواريخ أكبر من طاولة المفاوضات»، استمرار لغة الضغوط. واشنطن تعرف حجم الأزمة الاقتصادية الإيرانية، وهي من خلال تأجيل التوقيع، استمرار المقاطعة والحصار طلباً للحصول على تنازلات سياسية في الملفات الساخنة التي لإيران دور في رفع درجة حرارة «الصفيح» الذي يتم «الرقص» عليه.

في قلب هذه الملفات الملحّة أميركياً افغانستان، وفرنسا لبنان. تخشى واشنطن أن يؤدّي خروجها من افغانستان إلى تكرار التجربة العراقية، أي أن تمسك طهران بأبرز مراكز القرار الأفغاني، علماً أنّ هذه المهمّة تبدو أسهل من العراق لأنّ افغانستان فقيرة وهي تشكّل «حديقتها الخلفية» منذ قرون. إلى جانب ذلك فإنّ انتخاب عبدالله عبدالله رئيساً للجمهورية سيرفع منسوب نفوذ طهران لأنّه من الطاجيك المتحالفين مع الهزارة الشيعة. واشنطن تريد على الأرجح تعهّدات أو ضمانات إيرانية بأن لا تتجاوزها، كما في العراق.

لا يمكن ايضاً فصل التفاهم الأميركي الإيراني المعلّق على «سيف الوقت»، عن المسار الآخر وهو السعودي الإيراني. ذلك أنّ زيارة الرئيس حسن روحاني إلى الرياض أصبحت حسب حسين عبدالأمير اللهيان مساعد وزير الخارجية الذي سبق له وأن زار السعودية، بحاجة «إلى عمل وإجراءات خاصة»، علماً أنّ طهران «تعرف أهمية السعودية ويمكنهما معاً لعب دور مؤثّر في المنطقة». هذا الكلام الذي يماثل خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء، فتح كوّة لـ«التفاهم» على الملفات المشتركة التي توجد «مصلحة مشتركة» بتهدئتها وحلها. من ذلك أزمة البحرين التي قال عنها اللهيان بوضوح وصراحة: «إنّ إيران مستعدّة من خلال نفوذها المعنوي لأي تعاون مع الحكومة البحرينية لحصر الأزمة.. المطلوب أن تهتم هذه الحكومة بمطالب المعارضة». هذا العرض يفتح الباب مواربة على لبنان والعراق.

هنا يأتي دور فرنسا، التي دعمت الموقف الأميركي في فيينا، ممّا سيدعم موقفها أمام طهران لدى فتح الملف اللبناني وفي مقدمته الانتخابات الرئاسية. طالما أنّ لبنان في قلب اهتمامات المربّع المشكّل من الرياض وباريس وواشنطن وطهران، فإنّ التفاهم يصبح ممكناً حيث ثلاثة مقابل واحد، بإمكان إيران أن تعطي عبر «حزب الله» في لبنان بعيداً عن الملف السوري البركاني.

هذا التفاؤل الحذر ليس قفزة في الفراغ، بالعكس إنّه احتمال كبير وقوي خصوصاً وأنّ المرحلة المقبلة ليست فقط لممارسة الضغوط وإنما أيضاً لتقديم أفعال تثبت حسن النوايا، التي هي المقدمة الأولى للتوصل إلى بناء الثقة و… الحل الشامل..