تلقّى الجيش اللبناني رسالة دعم أميركيّة واضحة، من خلال المساعدات العسكرية التي بدأت تصل الى القاعدة الجوية في مطار بيروت الدولي، مترافقةً مع كلام شديد اللّهجة للسفير الأميركي ديفيد هيل، الذي انتَقد قول البعض إنّ بلاده لا تَدعم الجيش بأسلحة متطوّرة.
يخوض الجيش معركة شرسة ضدَّ الإرهاب الذي أطلّ من جرود عرسال محاولاً التسلّل الى عمق الوطن، وهو يحتاج في هذه الحرب الى أسلحة تساعده على حسم المعركة سريعاً لكي لا يدخل في حرب إستنزاف طويلة.
والمعروف أنّ الجيش اللبناني يملك أهمّ العقول القتالية، ويتميَّز عناصره وضبّاطه بدّقة تصويبهم على الهدف وإستعمالهم المدفعيّة، وبأنّ فرقه الهندسيّة محترفة في عملها، لكنّ ما ينقصه هو السلاح والذخيرة المتطوَّران، إذ إنّ الجيش يقاتل في معظم المعارك بـ»اللحم الحيّ»، ويُسجّل الإنتصار تلوَ الآخر.
لا يُخفى على أحد أنّ هناك قراراً دولياً يمنع إمتلاك الجيش أسلحة متطوّرة، ما يدفعه الى تأمين حاجاته بمختلف الوسائل، وبالتالي هو يتَّكل بشكل أساسي على المساعدات الآتية من الدول العربية والغربية. وأمس، لبّت الولايات المتحدة الاميركيّة نداءَ الجيش بعد تعرّضه لعملية غدر في عرسال، لتبدأ طائرات الدعم الاميركيّة بالوصول تباعاً عابرة البحار الى بيروت، لتفرغ المساعدات في مخازن الجيش، على أن يُنقل قسم منها الى ساحة المعركة في عرسال تحسّباً للأسوأ، فيما عُرض قسم آخر منها أمام الإعلام.
لم يتعَب ضباط الجيش من شرح أهمية هذه الأسلحة التي وصلت دفعة منها فجر الخميس، فوضع على طاولة في بهو المطار بندقية M16-A4 المتطوّرة، والى جانبها صاروخ AT4 المضاد للدروع والمحمول على الكتف، فيما ركَّز على الأرض مدافع الهاون من عيار 81 و120 ملم.
ويقول مصدر عسكري لـ»الجمهورية»، إنَّ «الجيش يملك «هذه الماركة» من الاسلحة، لكنَّ الجديد أنها متطوّرة وحديثة»، لافتاً الى أنّ «المساعدات ستأتي على دفعات خلال الأسابيع المقبلة، وستكون في معظمها أسلحة وذخائر، لا آليات، إضافة إلى كمية كبيرة من الصواريخ وقذائف المدفعية».
حرص الجيش على تنظيم احتفال رمزي بعدما هبطت طائرة المساعدات الجديدة، فوضع منصّة في إحدى خيم المطار، وركّز مدفعَي هاون بالقرب منها. وعند الساعة الثانية عشرة و45 دقيقة وصلت الطائرة الاميركية، حيث أشرف السفير الأميركي ديفيد هيل على تسليم شحنة المساعدات العسكرية إلى الجيش في حضور ممثِّل قائد الجيش العماد جان قهوجي العميد مانويل كيريجيان.
«في الثاني من شهر آب الجاري، هجم متطرّفون على عرسال. وفي الثالث منه، اجتمعت مع العماد قهوجي وسألته ماذا يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للمساعدة»… هكذا روى هيل قصة المساعدات الأميركية، مؤكّداً أنه بعدما نسّق مع رئيس الحكومة تمام سلام، وقادة آخرين، «بدأنا العمل، فانتقلنا إلى تزويد الجيش بالأسلحة والذخيرة التي طلبها، والتي يحتاجها لتأمين حدود لبنان وإيقاع الهزيمة بهذه الجماعات المتطرّفة التي تُهدّد أمنه. وأبلغت إلى الدولة أنّ الاستجابة الأميركية ستبدأ خلال أسابيع ووَفينا بهذا الوعد».
ويضيف: «هذه ليست سوى الحلقة الأحدث في سلسلة الشحنات التي وصلت خلال الساعات الست والثلاثين الماضية. فقد وصل 480 صاروخاً AT4 المحمول على الكتف، وأكثر من 500 بندقية M16-A4 وعدد كبير من مدافع الهاون، والآن وصلت ألف بندقية M16-A4، على أن يصل قريباً مزيد من مدافع الهاون وقاذفات القنابل، والمدافع الرشاشة، والأسلحة المضادة للدروع. وسنسلّم خلال الأسابيع المقبلة، مزيداً من الذخيرة وأسلحة ثقيلة إضافية»، لافتاً الى أنّ «الشعب الأميركي هو مَن يدفع ثمن هذه الاسلحة وهذا العتاد».
ويردّ هيل على الذين يقولون إنّ المساعدات الأميركية للجيش ليست متطوّرة بما فيه الكفاية، بالقول: «اذهبوا واسألوا جندياً في عرسال، أو في رياق، أو في المقرّ الرئيس في اليرزة، أو في الأمكنة الأخرى التي لا تُحصى، حيث يَعمل الجيش للحفاظ على أمن وأمان جميع اللبنانيين.
والجواب الذي ستحصلون عليه من ذلك الجندي هو أنه يحتاج بالضبط إلى ما نُقدّمه اليوم وما سنُقدّمه خلال الأسابيع المقبلة»، مشدّداً على «أننا «نناقش مع الجيش سبل تلبية احتياجات إضافية، وسأقول المزيد عن ذلك قريباً».
من جهته، شكر العميد كرجيان للسفير الأميركي والسلطات الأميركية «هذه المساعدة العسكرية القيّمة دعماً لجهود الجيش في الدفاع عن وحدة لبنان وسيادته، ومسيرة أمنه واستقراره في أدق مرحلة من تاريخه الحديث»، لافتاً إلى أنّ «الدعم الأميركي المتواصل للجيش اللبناني بالعتاد والسلاح، إلى جانب الدعم الذي تقدمه دول شقيقة وصديقة، يشكل التزاماً واضحاً بتعزيز قدرات الجيش بما يمكّنه من تنفيذ مهمّاته الوطنية بجدارة عالية، ونرى فيه شعوراً مشترَكاً بالخطر الداهم الذي بات يشكله الإرهاب، ليس على المنطقة ولبنان فحسب، بل على العالم بأسره».
وما أن إنتهت الكلمات، حتّى قصد هيل الطائرة لرؤية الأسلحة التي وُضِّبت داخل صناديق خشبية، وباشر الجيش إفراغها، منتظراً دفعات جديدة تملأ مخازنه.
… وهبة أميركية للأمن الداخلي
إلى ذلك، تسلّمت المديرية العامة للأمن الداخلي هبة أميركية هي عبارة عن أشغال لتجديد حظائر الكلاب البوليسية والتجهيزات التابعة لها في ثكنة رومية، وذلك في حضور رئيس قسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية العميد أسامة عبد الملك ورئيس مكتب اقتفاء الأثر النقيب إدي الغريب وضابط الأمن الإقليمي لدى السفارة الأميركية في بيروت السيدة رينيه كراوننغ شيلد والسيّد جوزيف شلّيطا.