ألَم يحن الوقت، بعد، للعرب والمسلمين ليفتحوا أعينهم وينظروا الى الوقائع ويقرأوا في الحقائق ليتبيّنوا هذه الهاوية التي تقودهم إليها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها؟
فرضت الولايات المتحدة الأميركية حظراً جوّياً على العراق أيام صدّام حسين، وشكلت ائتلافاً دولياً كبيراً وجاءت بالجيوش الجرارة لتأديب صدّام، تارة لأنّه اعتدى على الكويت وطوراً تحت مزاعم إمتلاكه أسلحة دمار شامل ثبت أنّه لم يكن لديه منها شيء… وأحياناً بذريعة أنّ “القاعدة” متجذرّة في العراق وهذه أيضاً كذبة إذ حتى سقوط صدّام لم يكن في العراق “قاعدي” واحد!
وبِدعة البِدَع، اليوم، أنّ واشنطن تحث بشار الأسد على أن يشارك في العمليات العسكرية داخل العراق بدعوى محاربة “داعش” والإرهاب!
مفارقة غريبة: صدّام ممنوع من التدخّل في الكويت (ونحن كنا ضد تدخله الأخرق هذا ووقفنا بقوّة ضدّه في “الشرق”) متضامنين مع الكويت أميراً وحكومة وشعباً… ولكننا نتحدّث هنا عن الكيل الأميركي بمكيالين.. إذاً، صدّام ممنوع من التدخّل في الكويت وبشار مطلوب تدخله في العراق…
إنّه الكذب الأميركي، والرياء الأميركي… والتلاعب الاميركي بمصائر الشعوب، وبالذات بمصير المسلمين السُنّة في هذه المنطقة من العالم.
وهل يلزمنا التذكير بـ”الضربة” الأميركية المزعومة لسوريا؟ وقد بلغ الأمر بالرئيس أوباما شخصياً أن حدّدها بأنّها ستحصل “بعد ساعات”!
والنتيجة معروفة!
الحقيقة الأميركية الوحيدة الثابتة هي أنّهم يريدون تدمير أهل السُنّة.
يزعم الأميركي أنّه لا يريد “داعش”.
جيّد!
ولكن لو فرضوا حظراً جوّياً على بشار الأسد كما فرضوه على صدّام حسين أما كانت سوريا والمنطقة قد ارتاحت، منذ الأشهر الأولى للأحداث السورية؟ وهل كنا توصلنا الى “داعش” وأخواته؟ وهل كنا واجهنا ما واجهناه، اليوم، من إعلان ما يُسمّى بـ”دولة الخلافة الإسلامية” المزعومة وتعيين المدعو أبو بكر البغدادي الخليفة الأوّل على المسملين كما أعلن “داعش” أمس؟!
ألَيْس وجود بشار الأسد وراء قيام ونمو وتوسّع “داعش”؟ سواء أكان هو محرّكه بإطلاق قياداته من سجونه أم (افتراضاً جدلياً) بأنّه موجود ليحاربه… وفي الحالين وجوده عزّزها وجعلها ينمو ويتصاعد ويتمدّد.
إنّها حرب مخطط لها ضدّ أهل السُنّة.
فلقد كان لبنان مرتاحاً بـ”النأي بالنفس” عن تطورات سوريا، إلى أن تورّط “حزب الله” قتالياً في سوريا… وهذه الموجات من المتفجرات والأعمال الإرهابية لماذا لم تقع في لبنان قبل تورّط الحزب في القتال مع النظام ضد الشعب السوري؟
واليوم، صار بشار معتدلاً في نظر الأميركي؟ ألَيْس جزءاً من المشروع الإيراني؟
وهل الحرس الثوري الإيراني المطلوب أيضاً تدخله في العراق ضد أهل السُنّة هو أيضاً معتدل؟ فهل بات الحرس الثوري جماعة ديموقرطية؟
وقبل انطلاق ثورة آية الله الخميني في إيران هل كانت المنطقة منقسمة بين سنّي وشيعي؟ وهل كان فيها ما نراه ونلمسه اليوم؟
ألَيس الخميني من دفع الإيرانيين الى أن يحملوا أكفانهم مزوّدين بمفاتيح الجنّة؟
بالفعل كانت المنطقة بألف خير، الى أن تفتّق العقل الجهنمي الأميركي عن ذاك القرار بنقل الخميني من تحت ظلال صدّام حسين في العراق الى أنوار باريس وتسليط أضواء الإعلام الكاشفة عليه قبل تجهيزه ودفعه الى طهران… وكان ما كان.
وبعد صدّام توضّحت الحقيقة أكثر فأكثر… فما إن فاز الإئتلاف الذي رشح أياد علاّوي (بأكثرية انتخابية برلمانية راجحة) الى رئاسة الحكومة، حتى تواطأت واشنطن مع إيران، فأسقطتا إرادة الشعب العراقي وجاءتا بنوري المالكي الى حكم العراق لينفذ أكبر حملة تنكيل بأهل السُنّة.
ولـمّا لم يتمكّن نوري المالكي من تحقيق كامل الهدف جدّدوا له بولاية ثانية… وها هم اليوم يعملون، بالتواطؤ الاميركي – الإيراني ذاته، الى ولاية ثالثة، ليضمنوا القضاء على أهل السُنّة في العراق، وأيضاً على الشيعة العرب في العراق وهم الأكثرية الشيعية هناك، وأيضاً للقضاء على المسيحيين العراقيّين العرب الذي هبط عددهم بعد الغزو الأميركي من مليونين و400 ألف الى فقط 400 ألف!