IMLebanon

أميركا تدعم الجيش جنوباً وبقاعاً؟

الجيش اللبناني يبذل جهداً كبيراً من أجل تنفيذ مهمّاته الأمنية والعسكرية. فهو في الجنوب يعمل منفرداً وبالتعاون مع قوات الطوارىء الدولية لمتابعة تنفيذ القرار الدولي الرقم 1701. وهذا يعني إبقاء المنطقة الواقعة جنوب الليطاني خالية من أي مظاهر عسكرية، والعمل بجدّ لحل أي إشكال قد يقع بين أهالي المنطقة المذكورة وهم مسلحون و”مقاومون” والقوات الدولية، ولتطويق أي عمل أمني أو عسكري مع إسرائيل من شأن تطوره إطلاق حرب لا يريدها اللبنانيون. وهو في الجنوب أيضاً يبقي عيونه مفتوحة على المخيمات الفلسطينية القائمة هناك، أوّلاً للحؤول دون “تورط” سكانها في المشكلات اللبنانية، ولا سيما المذهبية منها. وثانياً لمنعها من التحوّل مركزاً ذا “حصانة” للمنتمين إلى التيارات الإسلامية السنّية الأصولية المتشددة والناشطة عسكرياً وأمنياً و”إرهابياً” في نظر العالم في لبنان وخارجه. وثالثاً للحؤول دون تمدد عناصر هذه التيارات كما عناصر منظمات فلسطينية أخرى خارج المخيمات، وتالياً دون إقدامها على استدراج إسرائيل إلى ضرب لبنان وتدميره جراء إطلاق عدد قليل من الصواريخ البدائية عليها. علماً أن بعضها أو ربما أكثرها يضل طريقه أو يسقط في أراضٍ لبنانية. والجيش اللبناني، ومعه أجهزته الأمنية وقوى الأمن الداخلي و”معلوماتها” والأمن العام، يعمل ليل نهار في المناطق اللبنانية كلها تقريباً بغية ملاحقة الذين نفذوا أعمالاً إرهابية، والذين يخططون لتنفيذ أعمال مماثلة أخرى، والذين يموِّلونهم ويخطِّطون لهم. وقد حقَّق هؤلاء كلهم بعض النجاح في الأسابيع الأخيرة أو في الأشهر القليلة الماضية جراء انفتاح الأجهزة الاستخبارية والأمنية الدولية والعربية عليهم، وتزويدها إياهم ما يتوافر لديها من معلومات حول هذا الأمر أو ربما بعضه. فضلاً عن أن الجيش وكل “أشقائه” يحاولون قمع الجرائم العادية على تنوعها وفي مقدمها عمليات الخطف بقصد الحصول على فدية التي ازدهرت كثيراً في السنتين الماضية والجارية. ولعل الخطة الأمنية لطرابلس التي نفذت قبل أشهر قليلة دليل مهم على ما تبذله القوى العسكرية والأمنية من جهود. ولعل إرسال قيادة الجيش وحدات عسكرية الى الحدود الشرقية مع سوريا حيث يدور قتال ضارٍ بين قوات الأسد السورية وقوات “حزب الله” اللبنانية من جهة وثوار سوريا و”إرهابييها” من جهة أخرى، دليل آخر على أن الجيش يقوم بواجباته متجاوزاً أحياناً كثيرة إمكاناته.

هل يستطيع جيش لبنان المؤهل تدريباً إنجاز المهمات الصعبة المناطة به والمشار الى كثير منها أعلاه؟

لا شك في أن انقسام لبنان طائفياً ومذهبياً يجعل مهمته صعبة. ذلك أن ضباطه ورتباءه وجنوده هم من أبناء “الشعوب” اللبنانية التي تقاتلت في الماضي 15 سنة، والتي تتقاتل اليوم خارج لبنان وعلى حدوه، والتي تتقاتل داخله بواسطة الفكر والعواطف والاعلام وسياسات الكيد التي تعطِّل الدولة. لكنه رغم ذلك يحاول أن يقوم بها فينجح في مكان ويتلافى الفشل في مكان آخر، إذا رأى قادته أن الأخطار عليه وعلى تماسكه كبيرة. فهو أرسل أخيراً إلى الحدود الشرقية مع سوريا حوالى سبعة آلاف ضابط وجندي. لكنه تردَّد في السابق كثيراً في الإقدام على هذه الخطوة رغم مطالبة جهات لبنانية عدة بها، في مقدَّمها “حزب الله”. والسبب كان الخوف من تفسير “شعب” لبناني هذا الأمر انحيازاً الى “شعب” آخر يقاتل ابناؤه على الحدود وداخل سوريا، ومن شأن ذلك الانعكاس سلباً على الداخل. لكنه اقتنع أخيراً بالخطوة باعتبار أن دوره هناك هو حماية الحدود، ومنع تسلل الإرهابيين الذين ترفضهم “شعوب” لبنان كلها إلى أراضيه، وخصوصاً بعدما ثبُت أن معظم السيارات المفخخة والانتحاريين استعملوا الحدود المشار إليها للعبور إلى لبنان. وربما يكون أحد أسباب “إقدامه” على الحدود الشرقية الدعم الذي يتلقاه من الدول العربية وفي مقدمها السعودية، ومن الدول الكبرى وفي مقدمها أميركا والأوروبيون. وقد عبّر عن ذلك صراحة الأسبوع الماضي رئيس الأركان الأميركي في اتصال هاتفي بقائد الجيش جان قهوجي أكَّد له فيه استعداد بلاده لمساعدته بكل ما يحتاج إليه للقيام بمهماته في الجنوب والبقاع وفي مناطق أخرى. وقد أبلغ ذلك إلى رئيس الحكومة تمام سلام يوم الخميس الماضي في السراي.

ماذا عن الجيش أيضاً ومقدرته على مواجهة التحديات الأمنية الحالية؟ وماذا عن دور الآخرين من سياسيين وقوات طوارئ في مساعدته على هذا الأمر؟ والمجتمع الدولي هل يُقنِع إسرائيل بعدم الانجرار إلى حرب على لبنان؟