برّر الباحث والأكاديمي الأميركي نفسه المهم والمُحترم رأيه في أوساط سياسية عليا داخلاً وخارجاً حرص أميركا على أن تكفي نفسها بنفسها: “برفضها استغلال الخارج حاجتها إليه لتحقيق مصالحه وخصوصاً النفطية والغازية. وفي هذا المجال حققت أميركا الإكتفاء الذاتي”. وأضاف: “هناك أمور ومجالات أخرى (مواد أولية) لا بد من التوصل إلى الإكتفاء الذاتي منها تلافياً لاستيراد شيء من الخارج”. ماذا عن الصين التي يروِّج الإيرانيون أن أميركا توجهت إلى المحيط الهادئ بغية تطويق تهديدها المستقبلي لها وتالياً لم تعد مهتمة بالشرق الأوسط، وذلك من أجل إخافة العرب المتحالفين مع واشنطن؟ سألتُ. أجاب: “أنا أظن أن هذه الأقوال – “البروباغندا” خاطئة. صحيح توجهت أميركا نحو المحيط الهادئ (الباسيفيك) لكنها لم تتخلَ عن الشرق الأوسط. الصين ستبقى دائماً عاملاً رئيسياً (Main Factor) أو قوة رئيسية. لكن ما لا تريده أميركا هو أن تتفوّق الصين عليها. ولذلك فانها تستعد لها منذ الآن. وفي حال كهذه هل يُعقَل إذا كانت تريد تطويق الصين في “الباسيفيك” أن تترك لها الشرق الأوسط، وتحديداً الخليج الذي تستورد منه جزءاً مهماً من النفط الذي تحتاج إليه لبناء قدراتها المتنوعة، مجاناً؟ كلا. هذا غير معقول، وعلى العكس فأن أميركا ستبقى في الشرق الأوسط وتحميه. فضلاً عن أن النمو في الصين ليس 8 في المئة كما يقول إعلامها وأجهزتها بل 6 في المئة وربما أقل. إلى ذلك لا تنسَ الفساد المستشري في الصين، ولا تنسَ أنها منفتحة إقتصادياً لكنها لا تزال على وضعها السياسي القديم، وفي ذلك تناقض ربما يؤدي إلى انفجار يوماً. ولا تنسَ إستغلال النفوذ فيها. كل ذلك لا بد أن يُربك الصين مستقبلاً”. ماذا عن أميركا والمحيط الاطلسي (أوروبا)؟ هل تتركه أميركا لابنائه؟ سألتُ. أجاب: “هي لن تترك الشرق الأوسط، ولن تترك المحيط الأطلسي أي شركاءها على ضفته الأخرى في أوروبا. والأوروبيون، ورغم الفرق الكبير بينهم وبين الشرق الأوسط، خائفون مثل ابنائه ودوله من توجّه أميركا نحو “الباسيفيك” لتطويق الصين، وهم يعبّرون عن قلقهم من ذلك لأميركا ويطالبونها بالاستمرار في الإهتمام بهم. طبعاً الأوروبيون متقدمون، لكنهم لا يريدون أن يعملوا مثل الأميركيين، ويتمسك بعضهم بالعمل 35 ساعة فقط اسبوعياً، ويتمسكون كلهم بدولة الرعاية الإجتماعية، ولا ينفقون على الدفاع معتبرين أن أميركا تدافع عنهم. وهي دافعت عنهم في السابق وتبقى مستعدة للدفاع عنهم، لكن عليهم أن يقوموا بقسطهم في هذا المجال. في أي حال جعلت أزمة أوكرانيا الناشبة حالياً مع روسيا الأوروبيين يدركون مدى حاجتهم إلى أميركا”. حتى في “الباسيفيك”، تابع الباحث والأكاديمي الأميركي المهم والمُحترم رأيه: “تريد اليابان والفيليبين وتايلند وكوريا الجنوبية وحتى أندونيسيا إهتماماً أميركياً أكبر بمنطقتها. ذلك أنها تخاف الصين القوة الديموغرافية الكبيرة”.
علّقتُ: في إسرائيل جيش قادر على خوض حروب على اربع جبهات دفعة واحدة. أميركا أقوى دولة وأعظم دولة قرأت أن عديد جيشها سيصبح 450 ألفاً كما ورد في أحد المشروعات الرسمية. هل تستطيع أميركا بعديد جيش كهذا ورغم تفوقها التكنولوجي والعسكري و… أن تقوم بكل مهمات الحماية التي شرحتها أعلاه وأن تواجه أكثر من حرب ربما وعلى جبهات عدة؟ هل أن أميركا اليوم تؤلف جيشاً آلياً مؤلفاً من (Robots)؟ علماً أن الآليين مهمون لكنهم لا يُغنون عن الإنسان والعنصر البشري. ردّ: “أنت محق في ذلك، أميركا استعادت الآن قوتها الإقتصادية كما قلت لك. وبعد سنتين سترى إنفاقاً عسكرياً أكبر وخصوصاً بعد الخفض الذي تناول الموازنة الدفاعية. والمقصود بعد سنتين هو انتهاء ولاية أوباما ووصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض، وسيرتب الأميركيون أمورهم على هذا الأساس. الرئيس الجديد هذا، ولا يعرف أحد حتى الآن من سيكون، سيقوم باللازم. جمهورياً هناك ميت رومني الذي يفكِّر في الترشُّح للرئاسة الأميركية مرة ثانية. وهناك جيب بوش أيضاً شقيق الرئيس السابق. لكن “حزب الشاي” المتشدِّد داخل الحزب الجمهوري لا يحب هذين الشخصين، وقد يشكِّل ذلك خطراً عليهما أو بالأحرى على حظوظهما؟”. أما ديموقراطياً “فهناك حتى الآن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة مرشَّحة محتملة. وهي “حيوان سياسي” عندها عقل وعضلات في آن واحد”.
ماذا عن المفاوضات بين مجموعة الـ5 + 1 مع إيران؟